أحدث الأخبار
الخميس 21 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41134
سوق الأربعاء في خان يونس كرنفال أسبوعي لذوي الدخل المحدود !!
24.03.2019

غزة – تعد “سوق الأربعاء” بمدينة خان يونس من أهم وأشهر الأسواق الشعبية على مستوى قطاع غزة، وتحظى باهتمام واسع من جميع شرائح المجتمع، وتكتظ ساحاتها بالرواد والبائعين، لكنها تشهد في الفترة الأخيرة ركودا في الحركة التجارية نظرا إلى عدم توفر السيولة رغم أن أسعار السلع والمنتجات معقولة للفئات ذات الدخل المحدود.
ويشرع أصحاب البسطات ليلة الثلاثاء في حجز أماكن لهم بشكل منظم، إذ يعرف كل شخص المكان الذي اعتاد أن يعرض فيه بضاعته، فيما يبدأ المتسوقون الذين يقدر عددهم بالآلاف، التوافد على السوق منذ ساعات الصباح الأولى من يوم الأربعاء.
تجمع سوق الأربعاء الكثير من السلع والخضروات والفواكه والأسماك واللحوم، والأدوات المنزلية وألعاب الأطفال والملابس والأحذية، إلى جانب سلع أخرى متنوعة قد لا تخطر على البال تشمل الأعشاب الطبية ومواد العطارة.
وتضم السوق أدوات التراث الشعبي القديم مثل الأواني الفخارية والخشبية البسيطة التي تستخدم للزينة والديكور، كذلك الأثاث المنزلي والمكتبي القديم، ومنتجات سعف النخيل من سلال وأحصرة ومكانس ومقشات، علاوة على بيع الشتلات النباتية المحلية مثل الليمون والبرتقال واللوز والرمان والتين والنخيل.
كما يوجد مكان لبيع الطيور بمختلف أنواعها، ومكان لبيع الحلويات الشعبية والمكسرات، بالإضافة إلى العديد من المعروضات التراثية القديمة كالعملات المعدنية والطوابع.
يقول الحاج محمود، بائع الخواتم والعملات القديمة، إن السوق شهدت ازدهارا في السنوات السابقة فكان الناس يشترون بضاعتها لكن اليوم لم يعد للناس مال يشترون به الطعام فما بالك بشراء التذكارات والهدايا.
ويؤكد البائع إبراهيم الفقعاوي أن أغلب الباعة يبيعون المنتجات المحلية المصنوعة بأيديهم بوفرة والتي تعتمد على الابتكار اليدوي والأشكال الموروثة كالصناعات الفخارية والخشبية، وبأشكال جمالية تختلف حسب طبيعة استخدامها. لكن حركة البيع تراجعت فأصبح الناس يأتون لأنهم اعتادوا زيارة السوق، فلا أحد يشتري مثل هذه البضاعة وتقتصر مصروفاتهم على ضروريات الحياة من المواد الغذائية والملابس المستعملة (ملابس البالة) رغم أن السوق تتوفر فيها الملابس المستوردة.
بعض المنتجات التي تعرض في السوق تعتبر من الصناعات الشعبية التي ما زالت قائمة، فهي تعكس مهن أهل المحافظة وتدل على وفرة التنوع المعيشي
ولا يقتنع تجار السوق بمقولة “السلعة الجيدة تعلن عن نفسها”، ويبتدعون وسائل عديدة لاجتذاب المواطنين وتشجيعهم على الشراء، من أبرز هذه الوسائل أن يعتلي التاجر إحدى زوايا بسطته ويبدأ بما يشبه الغناء الشعبي لتعداد مزايا بضاعته وسعرها المنافس لسعر جاره، وليبدأ الجار بالرد عليه بأغنية أخرى.
وأهم ما يميز السوق عن غيرها أن الكثير من الباعة -رجالا ونساء- من كبار السن، فالسوق بمثابة مهرجان للتسوق حيث يفترش أغلبهم أرضا مكشوفة، إلا البعض منهم تغطي المظلات بضاعتهم. ولأجل جذب المتسوقين تجدهم يتنافسون تنافسا تجاريا شريفا.
وتعتبر بعض المنتجات التي تعرض في سوق الأربعاء من الصناعات الشعبية التي ما زالت قائمة، فهي تعكس مهن أهل المحافظة وتدل على وفرة التنوع المعيشي.
أم ماجد -وهي بائعة لمنتجات الألبان منذ أكثر من عشر سنوات- قالت “إنني نادرا ما أنقطع عن القدوم إلى السوق منذ بدأت العمل فيها، كذلك لم أعد أهتم ببيع جميع منتجاتي اليدوية من الجبن والكشك والسمن البلدي كما كنت في السابق، لأني جئت إلى السوق من أجل المحافظة على ذكرياتنا القديمة التي أصبحت الآن في نظرنا أحلاما”.
وأضافت أنها تعتز بعرض بضاعتها ولو أعادتها كاملة إلى منزلها دون أن يشتري منها أحد، وتبين أنها كثيرا ما عادت إلى منزلها تحمل بضاعتها دون أن تبيعها بالكامل.
وتقول أم سعيد -مربية طيور ولديها جميع أنواع الطيور، كالحمام والبط والدجاج، إضافة إلى الأرانب والبيض البلدي- إنها كانت تهوى تربية الطيور، وأصبحت هذه الطيور بعد ذلك مصدر رزق لأسرتها التي تعيلها، وباتت تحرص على الحضور أسبوعيا لعرض جميع ما لديها.
إن القادم من جميع مناطق المدينة إلى هذه السوق الشعبية يلحظ الفرق في الأسعار مقارنة مع الأسواق الأخرى حيث أن أسعار الملابس والمواد التموينية التي يحتاج إليها المواطن أقل بكثير من أسعار ما يعرض في المناطق الأخرى، بدليل قدوم التجار للتزود بالبضائع بأسعار مناسبة وبيعها في محلاتهم الراقية لجني فرق الأرباح.
وفي أحد جوانب السوق حيث بسطات الأحذية، كان يوسف وزوجته يصطحبان أطفالهما الأربعة لشراء ما يلزمهم من أحذية وملابس، يخبرنا أبوعاصي بأن دخله المحدود لا يمكّنه من الوفاء باحتياجات أطفاله بالشراء من الأسواق العادية، ولئن كانت بضائع سوق الأربعاء مستعملة أحيانا، إلا أنها من حيث الجودة تفوق البضائع الجديدة، كما أنها رخيصة الثمن.
“التجول في السوق يحتاج إلى الصبر”، هكذا يقول طاهر الذي يعمل موظفا في إحدى الجمعيات الأهلية، ويضيف “مظهري مهم جدا في عملي، والملابس بالنسبة لدخلي كمتطوع مرتفعة الثمن ولا أستطيع شراءها. ولكن هذه السوق -خاصة جهة ملابس البالة- بالصبر والبحث أجد فيها ضالتي من الملابس، وبعدما أشتري ما أحتاج إليه أرسله إلى ‘غسيل البخار’ لأحصل على لباس أنيق، وكثيرا ما أواجه بسؤال من زملائي في العمل عن مصدر ملابسي ولكنني لا أبوح به إلا للمقربين”!!

1