عاشق الآثار يوسف عكار كان يخصص راتبه الشهري بأكمله لشراء نحو 1500 قطعة تحكي قصة تاريخ العراق على مدى العقود الماضية.
عراقي ثمانيني يهوى جمع التحف القديمة، يحوّل بيته إلى متحف مصغر يضم قطعا أثرية ضاربة في القدم تحكي تراث النجف والعراق، ويطمح إلى إيجاد جهة تحفظ هذا التراث من الاندثار.
النجف (العراق) - شغف المُعلم العراقي المتقاعد والعاشق للآثار يوسف عكار، حوّل بيته الصغير في مدينة النجف الأشرف (الجنوب الغربي للعاصمة بغداد)، إلى شاهد على حلقات فريدة من تاريخ العراق، وذلك عبر مسدسات عمرها مئتي عام وساعات وحتى غنائم أُخذت من الجيش البريطاني أثناء ثورة عشرينات القرن الماضي.
وجمع عكار (80 عاما) مجموعة نادرة من الأسلحة والمسدسات والسيوف والأواني المنزلية القديمة وطوابع البريد والساعات والعملات المعدنية والأوراق النقدية منذ سبعينات القرن العشرين عندما شيد منزله.
وقال الرجل الثمانيني “بدأت في ممارسة هذه الهواية منذ بنيت بيتي في السبعينات، ولأنه كان بيتا متفردا في ذلك الوقت في النجف، آثرت جمع العملات الورقية والمعدنية والعطور والمسابح، وملأت بها أركان البيت”.
وخصص جامع التحف، راتبه الشهري بأكمله لشراء نحو 1500 قطعة تحكي قصة تاريخ العراق على مدى العقود الماضية، معتمدا على دعم زوجته، التي تعمل مديرة مدرسة، في الإنفاق على الأُسرة.
وأوضح عكار “من حسن الحظ أن زوجتي تعمل، فهي مديرة بمدرسة لذلك كنت اعتمد عليها بشكل كامل في الإنفاق على مستلزمات البيت، أما راتبي فقد كنت استنزفه بالكامل في شراء هذه التحف التي تملأ البيت الآن”، مؤكدا أنه أنفق على مدى خمسة عقود نحو 419 ألف دولار لشراء هذه القطع الأثرية.
واعتاد جامع التحف، وهو أيضا زعيم عشائري، إخفاء الأسلحة التي جمعها إبّان حكم صدام حسين في مزارع بناحية القادسية في النجف. وبعد غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة في 2003 نجح عكار في استعادة مجموعته من الأسلحة والمسدسات إلى بيته وتحويل جزء منه إلى متحف.
وجذب المتحف الصغير القليل من المسؤولين المعنيين ومحبي التحف الشغوفين، لكن عكار نادرا ما يعلن عن مقتنياته الفريدة، لأن منزله صغير جدا ولا يستوعب الكثير من الضيوف. وأشار إلى أنه يمضي وقته وهو يتحدث إلى أحفاده عن الأشياء الثمينة المعلقة على جدران منزله.
وقال حيدر صادق جعفر، أحد أحفاد عكار “منذ نعومة أظافرنا تشربنا كل ما يتعلق بالتراث النجفي أو التراث العراقي، عبر هذه الهواية عرفت الكثير من الأشياء التي كان من الممكن أن أجهلها، فقد شاهدت كل أنواع العملات المالية التي مرت على العراق تقريبا، تعرفت على طرق المعاملات وتاريخ كامل طال حتى دولا أخرى.. كل ما في المكان يشي بتعب جدي وبروعة ما صرف من الوقت والمال عليه، وحرام أن يضيع كل ذلك”.
وكل ما يتمناه المُعلم المتقاعد حاليا هو أن يتسنى له تسليم مقتنياته للجهة الصحيحة، قائلا “أنا الآن صرت في أرذل العمر، أرجو أن أجد المكان المناسب الذي أستطيع أن أترك فيه هذا الأثر العميق الذي يحكي تاريخ النجف والعراق، فهذه الأشياء الثمينة، تلقى الإعجاب من الزائرين الذين يفدون على بيتي، ولكنني لا أقدم كل المجموعة فالبعض محفوظ بشكل جيد، ولا يعرض حتى لا يتلف”.
وتقول أسيل الطالقاني عضو في مجلس محافظة النجف إنها تتمنى أن يضم متحف أكبر حجما القطع الأثرية النادرة الخاصة بعكار.
وأوضحت الطالقاني، وهي أيضا رئيسة لجنة السياحة والآثار بمحافظة النجف، أن إحدى العقبات تتمثل في صعوبة تحديد ما إذا كان المتحف سيكون ملكا لعكار أم للحكومة.
عراقي ثمانيني يحتفظ بمسدسات وساعات وسيوف عمرها 200 عام !!
26.02.2019