أحدث الأخبار
الاثنين 25 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41135
"الكارو" مترو الفقراء في أحياء الخرطوم الشعبية !!
21.10.2018

عربة الكارو مازالت تسير في الأحياء الشعبية للخرطوم لنقل الماء والبضائع والمواطنين، رغم منع السلطات سيرها في الشوارع الرئيسية.
الخرطوم - رغم انتشار وسائل المواصلات العامة والنقل الحديثة في الخرطوم، مازال الكثير من المواطنين يستخدمون عربة الكارو كوسيلة مواصلات شعبية تمكنهم من الوصول إلى الأحياء التي يصعب على الحافلات الكبيرة دخولها.
ويمكن أن تلحظ في أحد شوارع العاصمة الخرطوم، واحدة من أفخم السيارات، تسير بمحاذاة الكارو، تلك العربة التي تجرها الحمير أو الأحصنة، والتي تعتبر بمثابة مترو الفقراء في هذا البلد.
ورغم التطور النسبي لحركة المجتمع خلال العقود الماضية، إلا أن عربة الكارو لا تزال وسيلة نقل أساسية لبعض السكان، لا سيما في ضواحي الخرطوم الشعبية.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي العالمية بفيديوهات “تحدي رقصة كيكي”، وفي السودان دشن عدد من الشباب رقصة “كيكي” في الشارع العام من بينهم صاحب عربة كارو، حيث ظهر شاب سوداني يرتدي الزي التقليدي وهو يقدم رقصات عادية لكنها تشبه رقصة كيكي الشهيرة.
ويعتمد قسم كبير من تجار التجزئة في الأحياء الشعبية بالخرطوم، على نقل بضائعهم من الأسواق الرئيسية، بواسطة هذه العربة، ذات الهيكل الحديدي البدائي، مع سطح خشبي، وعجلتين يجرهما حمار أو حصان.
وفي تلك الأحياء الفقيرة، المنتشرة في أطراف الخرطوم والتي لم تصلها حنفيات المياه أو دائمة الانقطاع فيها، تستخدم الكارو أيضا لنقل المياه، بعد استبدال سطحها الخشبي بخزان حديدي، يتسع لما مقداره برميلين أو أكثر.
ولا تنحصر مهمة عربة الكارو في نقل البضائع والمياه فقط، بل تمتد، ولو بشكل محدود، إلى نقل بعض السكان من منازلهم إلى مواقف المركبات العامة، البعيدة عنهم.
ويحرص أصحاب تلك العربات، المخصصة لنقل الركاب، على نظافتها وتزيينها وتجديد الفرش الذي يغطي سطحها الخشبي.
لكن المفارقة الأبرز أن ملاك الكارو يجارون المركبات الحديثة، بوضع أجهزة تسجيل تتعالى منها الأغاني ويزينون الحمار بأجراس لانبعاث موسيقى تدعم الغناء الصادر عن آلات التسجيل، للترفيه عن زبائنهم خلال الرحلة التي قد تستغرق نصف الساعة.
ورغم وجود وسيلة نقل، حديثة نسبيا، تعرف شعبيا باسم “الركشة”، إلا أن غالبية من لا تصلهم شبكة المركبات العامة، يستقلون الكارو إلى أقرب محطة، بسبب سعرها الزهيد.
والركشة مركبة هندية الصنع، تتسع بالكاد لثلاثة أشخاص يصطفون خلف سائقها، وتتحرك بثلاث عجلات، مع مقود ومحرك دراجة نارية.
وتقول الطالبة الجامعية نادية عبدالحميد إنها تدفع جنيها واحدا لصاحب الكارو، نظير مشوارها الذي قد يستغرق 30 دقيقة، إلى أقرب محطة مركبات عامة.
وتفضل عبدالحميد الكارو على ركوب “الركشة” التي تكلفها 5 جنيهات، رغم أنها تقلص مدة الرحلة إلى نحو 5 دقائق، (الدولار يساوي 18 جنيها سودانيا).
وطيلة السنين الماضية لم تفلح أوامر حكومية وغرامات في منع حركة عربات الكارو، خصوصا تلك المُعدة لنقل البضائع من الأسواق، بحجة الحفاظ على “مظهر المدينة”. وخلافا للأحياء الشعبية، تتشدد السلطات أكثر في منع حركة الكارو بشوارع العاصمة الرئيسية، خصوصا في وسطها، الأكثر ازدحاما، لاحتضانه مقار الإدارات والمؤسسات الحكومية والجامعات وكبريات الشركات.
وتعرض السلطات المحلية على ملاكي الكارو استبدال عرباتهم بنوع آخر من عربة الركشة، المخصصة لنقل البضائع الخفيفة.
وتتجسد هذه الحوافز في تسهيل السلطات لامتلاك عربة الركشة بجدولة قيمتها على أقساط شهرية.
غير أن آدم مختار الذي يملك عربة كارو، قلل من قيمة هذا المقترح، لكون سعر الركشة يزيد عن 80 ألف جنيه، أي ما يعادل 4 أو 5 أضعاف سعر عربته.
ويقول الأستاذ الجامعي والخبير الإقتصادي عبدالعظيم المهل، إن الكارو اختفت في معظم دول المنطقة، خصوصا المدن، لكنها لا تزال في السودان، لكونها “مظهرا من مظاهر الفقر”.
وأيّد المهل خطة السلطات المحلية لاستبدال الكاور بـ”الركشة”، لكنه رأى أن ذلك يتطلب خطوات أكبر، مثل الإعفاءات الجمركية لخفض الأسعار وعقد شراكات مع المؤسسات الخيرية التي تعمل على محاربة الفقر.
ووفقا لأرقام رسمية، تبلغ نسبة الفقر في السودان نحو 46 بالمئة، لكن المعارضة تقول إن النسبة أعلى في هذا البلد الذي يقطنه أكثر من 30 مليون نسمة، أقل من ثلثهم بقليل، يقطنون العاصمة.
وكما يعتقد مختار، سواء تبنت السلطات المحلية خططا فعالة لاقتناء الركشة أم لا، ستبقى الكارو في الخدمة بسبب كلفتها الرخيصة.

1