أحدث الأخبار
الجمعة 22 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41134
تقليد موروث منذ قرون يحول الناس إلى طيور في المكسيك!!
17.07.2018

المكسيكيون يحرصون على إحياء أسطورة ولادة الكون بالمحافظة على تقليد الطيران المتوارث من جيل لآخر، من خلال انتشار مدارس خاصة تعلّم الكبار والصغار كيف يصبحون طيورا محترفة.
فيراكروز (المكسيك)- يفتح هيربرتو الأجنحة المربوطة حول ذراعيه ويميل رأسه إلى الوراء، ويلقي الرجل المكسيكي الطائر نظرة أخيرة على الشمس، ويسقط برأسه أولا من منصة يبلغ ارتفاعها 20 مترا.
وبحبل أصفر فقط مربوط حول خصره يحافظ على الرجل البالغ من العمر 29 عاما وهو يدور حول العمود الذي يدعم المنصة الدوارة التي قفز منها، ويخفض نفسه تدريجيا إلى الأرض. وفي اللحظة الأخيرة يتأرجح في وضع مستقيم ويهبط بأمان.
وقال هيربرتو “أشعر بالفخر الشديد لأنني قادر على تجسيد هذا التقليد”، متحدثا عن المراسم الاحتفالية التي قام بها هو وثلاثة من الطيارين الآخرين في بابانتلا بولاية فيراكروز شرقي البلاد، حيث تحظى هذه المراسم بشعبية كبيرة بين شعب توتوناك. وتؤدي هذه المراسم أيضا مجموعات عرقية أخرى في المكسيك وأميركا الوسطى، بما في ذلك المايا في غواتيمالا.
ويوجد في المكسيك حوالي ألف شخص يطيرون، من بينهم 50 امرأة، وفقا لمركز ثقافي يقدم تقاليد شعب توتوناك في متنزه تاكيهسوكوت بالقرب من موقع تاجين الأثري، وبالإضافة إلى ذلك، هناك حوالي 200 طفل يدرسون حاليا في مدارس خاصة بجميع أنحاء البلاد ليصبحوا من الطائرين، وتوجد إحدى هذه المدارس في المتنزه.وعرضت ماداي (11 عاما) بفخر أزياء الطيور الخاصة بها، معترفة بأنها كانت خائفة قليلا في البداية، لكنها الآن بالكاد تستطيع الانتظار لاستعراض مهاراتها.
وقالت “أحب حقيقة أن يتم نقل هذا التقليد من جيل إلى جيل”.يتم فقط تدريس كيفية أداء هذه المراسم للطلاب، بل يتم أيضا تعليمهم لغة شعب توتوناك وتاريخ هذه الطقوس، بحسب ما أفاد أحد المعلمين. وشعب توتوناك مجموعة عرقية تضم حوالي 400 ألف شخص.
وقال هيربرتو إن “ملابسنا تعتمد على الأشياء الأصلية التي كانت موجودة قبل وصول الإسبان إلى المكسيك”.وتمثل الأزياء النسور، البوم أو طيور الكيتزال المنتشرة في قارة أميركا اللاتينية. ووفقا لمصادر في المركز الثقافي فقد ساهم الغزاة الإسبان في تقديم سراويل حمراء وقمصان بيضاء وأغطية رأس مع شرائط ملونة، ترفرف في الريح مثل أجنحة طائر.ويُعتقد أن هذه المراسم ترجع إلى حقبة ما قبل كريستوف كولومبوس، التي تشير إلى الوقت الذي سبق رحلات المستكشف الإيطالي للعالم الجديد (أميركا) في عام 1492 وثقافات السكان الأصليين التي قضى عليها الأوروبيون. وتهدف هذه المراسم إلى التعبير عن الاحترام والانسجام مع العالمين الطبيعي والروحي، وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، التي أدرجت هذه المراسم باعتبارها تشكل جزءا من التراث الثقافي غير المادي في العالم في عام 2009.
ونشأ هذا التقليد في وقت الجفاف في قرية فيراكروز، بحسب إحدى الأساطير. وتقول الأسطورة إن شيوخ القرية كانوا يحاولون إيجاد طريقة لإرضاء الآلهة وأرسلوا مجموعة من الرجال للعثور على أعلى شجرة في الغابة. وتم قطع الشجرة ومباركتها برقصة قبل أن يتم نقلها إلى القرية، حيث تم تحويلها إلى عمود. وبعد ذلك قام 4 رجال، وهم الطيارون الأولون، بتسلق العمود، وكان كل واحد منهم يمثل أحد الاتجاهات الأربعة الأصلية.واليوم، يمكن أن يصل ارتفاع الأعمدة إلى 40 مترا، ومن المؤكد أن هذه المراسم ليست بلا خطر. ولكن على الرغم من هذه المخاطر، وفقا لما أوردته منظمة اليونسكو، فإن المكسيكيين لن يفكروا أبدا في التخلي عن هذه المراسم التي لا تهدف إلا إلى “إحياء أسطورة ولادة الكون”.

1