لم تعد الفرحة يسيرة في مدينة تعز اليمنية جراء الحرب والحصار، لكن الأهالي مصرون على أن يرسموا البسمة على شفاه أطفالهم خلال عيد الأضحى، فاتقوا حرارة الطقس وهول القصف بنسيم وادي حنا.
تعز (اليمن) - مع نسيم الوادي الأخضر، وخرير المياه المتدفقة من العيون العالية في الجبال، تعالت أصوات الأطفال بنشوة الفرح، فيما راح الكبار يلتقطون صور “السيلفي” بهواتفهم المحمولة وكاميراتهم، علّها تخلّد لحظات الفرح، التي قلما يحظى بها الأهالي في مدينة تعز (جنوب غربي اليمن)، والمحاصرة إلاّ من منفذ واحد، تستنشق عبره أريج الحياة.
ومع حلول أيام عيد الأضحى، تقاطرت العشرات من الأُسر، من نقطة الضباب، المنفذ الوحيد للمدينة المحاصرة، نحو وادي “حنا”، جنوبي غرب المدينة، ليصبح قبلة الباحثين عن الترفيه والاستجمام بعد عام ونصف العام من الحرب اليومية، التي دمرت الحدائق والملاهي، وكل مظاهر الفرح والحياة في المدينة.
وفي السهول المنبسطة من الوادي الذي يبعد عن المدينة نحو 3 كيلومترات، شكّل عبق الأرض المرتوية بالمياه العذبة، واخضرار المزارع، إلهاما للشعراء والفنانين الشعبيين، وخلدت جمال الوادي العديد من القصائد المغناة، التي قيلت قبل تعرض المدينة لمحنتها المستمرة.
ويُزرع في الوادي الزيتون والبن والمانغو والطماطم وأصناف مختلفة من الفواكه والخضروات، بالإضافة إلى الذرة الشامية، كما يُشتهر بصناعة الجبن البلدي وتربية النحل.
سحر الطبيعة في الوادي، جذب الأهالي في المدينة لقضاء إجازة أيام العيد، على جنباته، خصوصا بعد التدمير الذي طال ملاهي “التعاون” وسط المدينة جراء القصف، فضلا على أن حديقة الحيوان في منطقة الحوبان شمالي المدينة، مازالت تتطلب زيارتها 6 ساعات على الأقل لاجتياز الحواجز.
وعلى مدى اليومين الماضيين، توافدت الأسر إلى الوادي، واعتلت هضابه، محملة بأدوات الطبخ والطعام، حيث تحرص العديد منها على قضاء اليوم بأكمله في الوادي، متناسية وجع الحرب والحصار.
ويقول الطبيب أحمد فرحان، إن “الوادي المتنفس الوحيد للمدينة، بعد أن أضحت مظاهر الفرح والجمال شبه منعدمة في المدينة المنكوبة بالحرب اليومية”.
وأضاف الطبيب الذي قضى يومه بين الوادي والأشجار الخضراء، مع أفراد أسرته، أن “الحرب طالت الحدائق والمتنزهات، مما أجبر الأهالي على المكوث في منازلهم، بين أصوات القذائف ولعلعة النيران”.
ويتميز الاحتفاء بعيد الأضحى في محافظة تعز عن غيره من المناسبات الدينية، فهو “العيد الكبير” كما هو الحال في ثقافة المجتمع اليمني كله، وقد كانت العادات والتقاليد الممارسة إلى وقت قريب في الريف والمدينة، بدرجة أقل، تجعل من عيد الأضحى كمناسبة ميلاد جديد لكل فرد.
وتشهد أسواق المدينة في سائر الأعياد إقبالا ملحوظا ومتزايدا على شراء متطلبات العيد من ملابس وحلويات ومكسرات، إلى جانب الإقبال الكبير على شراء الأضاحي.
عيد الأضحى غاب عن اليمنيين إلا في وادي حنا!!
15.09.2016