أحدث الأخبار
الجمعة 22 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41134
جيجل صديقة المصطافين في الجزائر!!
02.09.2016

من سنة إلى أخرى تعد منطقة جيجل مسرحا لتدفق كثيف للسياح والزوار والمصطافين من مختلف مناطق الجزائر، بل حتى من الخارج. ويحط الوافدون الرحال بهذه المنطقة لاستكشاف جمالها الأخّاذ وما حوته من سيمفونيات طبيعية. ويبدو أن إقبال الزوار في الموسم الحالي قد فاق إقبالهم السنوات الماضية لحرص السلطات المحلية على حسن سير التنظيم وتفادي الأخطاء المرتكبة خلال السنوات الماضية.
جيجل – تشهد الكهوف العجيبة لـ“زيامة” الواقعة على بعد 35 كلم غرب محافظة جيجل في الجزائر على منحدرات صخرية إقبالا كبيرا للزوار والسائحين منذ بداية موسم الاصطياف الذي يشهد موجة حرارة مرتفعة.
وتتشكل منذ الساعات الأولى من كل يوم طوابير طويلة من المصطافين أمام مدخل الكهوف العجيبة التي أعيد تجديد الجسر الحديدي الموصل إليها عوضا عن الممر القديم الذي كان من مادة الإسمنت.
وتسمح المقاييس التي بُني وفقها الجسر الحديدي بتنظيم العدد الكبير من الزوار الملزمين بالدخول في شكل أفواج بما يمكن من تخفيف الضغط وتجنب الاكتظاظ في القاعة الكبيرة للمغارة التي تمت إضاءتها بشكل فني جميل.
وتتميز هذه الكهوف التي تم اكتشافها سنة 1917 -وذلك خلال أشغال شق الطريق الرابط بين محافظتي جيجل وبجاية- بجمالها الفريد من نوعه وروعتها النادرة التي تخفي في ثنايا هندستها الجميلة أسرارا تعجز العين المجردة عن اكتشافها خاصة مظهر تلك الصواعد والنوازل المنحوتة بأشكال غريبة.
وتكتسي تلك التشكيلات الحجرية الكلسية المعروفة بالصواعد والنوازل خصوصية تجعلها تتحول إلى أشبه ما يكون بآلات موسيقية يمكننا عند العزف عليها باليد أو باستعمال وسيلة ما أن نحصل على الإيقاع الذي نريده حتى ولو كان السامبا البرازيلية، كما أن المغارة الفسيحة تحافظ بداخلها على درجة حرارة ثابتة تقدر بـ18 درجة مئوية ونسبة رطوبة تتراوح ما بين 60 و80 درجة مئوية. والأكثر غرابة وروعة هو أن الزائر لهذه الكهوف العجيبة يمكنه أن يرى أشكالا صنعتها الطبيعة تكاد تكون نسخا طبق الأصل لمعالم ذات سمعة دولية منها “برج بيزا” بإيطاليا و”تمثال بوذا” أو تمثال أم ترضع وليدها، ولا تملّ أعين الزوار من مشاهدة صور الحيوانات الكثيرة والأشكال التي أبدعتها أنامل الطبيعة داخل المغارة.
وحسب أحد المرشدين السياحيين في المنطقة، فإن الجريان المستمر للمياه على الواجهات الحجرية والكلسية هو ما يسمح -مع مرور الوقت- بتشكل مختلف الأشكال الموجودة ومنها الصواعد والنوازل التي تتعرض في الكثير من الأحيان للتضرر على يد البعض من الزائرين الذين لا يدركون قيمة الموقع الحقيقية.
ويمكن لكل زائر أن يساهم بشكل كبير في المحافظة على هذا الموروث الطبيعي الحساس والهش وتمكين الأجيال القادمة من الاستمتاع بجماله لعدة آلاف من السنوات القادمة إذا ما راعى خصوصية المكان وتصرّف بطريقة حضارية راقية، حسب ما أكده مسؤولو الحظيرة.
الكورنيش بطاقة بريدية
لا تتم زيارة جيجل دون اكتشاف كورنيشها المعروف والممتد على طول 120 كلم من الساحل حيث تطغى زرقة البحر التي تتنافس مع اخضرار الجبال لتضفي المزيد من الجمال على ديكور رائع ومميز منذ زمن بعيد. وجعل هذا الإطار الجذاب الذي يعد هبة من السماء من جيجل المكان المفضل لدى الكثيرين ليس فقط خلال فصل الصيف بفضل شواطئها الجميلة وإنما أيضا خلال بقية أيام السنة بفضل حفاوة استقبالها الأسطورية وسكانها المضيافين، ولكن على وجه الخصوص بفضل الصفاء والسكون والراحة التي ينعمون بها.
كما يعد الكورنيش الجيجلي الذي يتم تقديمه على أنه بطاقة بريدية طبيعية أعجوبة حقيقية بالنظر إلى كهوفه المعروفة المتواجدة ببلدية زيامة منصورية غرب المحافظة.
ويدعو كل متر يتم اجتيازه من الكورنيش إلى النشوة واكتشاف مختلف المناظر الفاتنة والمميزة للطبيعة. وليس بحر جيجل وحده الذي يجذب محبيه أو المعتادين عليه وإنما توجد تشكيلة كاملة من المواقع تمثل مصدر إغراء لا يقاوم.
إن روعة الطبيعة وجمالها والمناظر المثيرة للإعجاب من أهم الخصائص المميزة لهذه البقعة التي تغري المرء بالسفر إليها. ولا يغفل الزوار الذين تطأ أقدامهم ولاية جيجل خلال فترة إقامتهم التوجه نحو المواقع الطبيعية والسياحية التي تصنع شهرة هذه المنطقة.
ومن أهم أماكن الفضول التي يوفرها الكورنيش الجيجلي تبقى حديقة الحيوانات لكسير الواقعة على بعد حوالي 10 كيلومترات غرب مقر المحافظة إحدى أكبر الوجهات التي يقصدها السائحون وزوار المنطقة حيث تستقبل ما معدله 15 ألفا إلى 20 ألف زائر يوميا طوال الموسم الصيفي.
وتمثل هذه الحديقة التي افتُتِحت للجمهور سنة 2006 وتتربع على 24 هكتارا داخل إقليم بلدية العوانة الساحلية بالنسبة إلى العديد من الزوار “جرعة أوكسجين” فضلا عن توفرها على عدد كبير من أصناف الحيوانات منها جمل “لاما” من أميركا الجنوبية والدببة الصربية والقردة الأفريقية وهي أصناف تحظى باهتمام كبير من الزوار.
ويمثل المتحف المفتوح داخل الحديقة نفسها مجموعة ثرية من الأصناف الحيوانية انطلاقا من الأوس مرورا بالبوم والدلافين وحوض الفيلة علاوة على مجموعة أخرى من أنواع الأسماك التي تتردد على مياه الكورنيش الجيجلي. وتتيح زيارة الحديقة التي تكون موجهة ومجانية الفرصة لمشاهدة عينة مما تزخر به منطقة جيجل من الثروتين الحيوانية والنباتية.
تنظيم السياحة الداخلية
لم تلق صيغة “الإقامة لدى الساكن” التي تم إقرارها من خلال خطط سياحية حكومية منذ 4 سنوات الصدى الإيجابي إلى حد هذه الساعة بجيجل بسبب تردد مؤجري هياكل الاستقبال حسب ما عُلم من مدير هيئة السياحة والصناعة التقليدية.
وصرح نورالدين منصور لوكالة الأنباء الجزائرية بأن هذه التعليمات الصادرة بتاريخ 16 يونيو 2012 من طرف وزارتي الداخلية والجماعات المحلية والسياحة والصناعة التقليدية كانت تتضمن في الأصل إحصاء جميع هياكل استقبال المصطافين بطريقة تسمح بالتوفر على إحصائيات موثوق فيها ولمحة عن مؤهلات الإيواء في المجال السياحي وليس بغرض تحقيق الربح.
ولم تجد هذه المبادرة الصدى المطلوب لدى العديد من أصحاب الفضاءات القابلة للتأجير -ضمن إطار قانوني- خلال موسم الاصطياف والتي تجلب لهم إيرادات مالية كبيرة.
واستنادا إلى المسؤول ذاته فإن العوامل التي تساهم في هذا الفشل تتمثل على الأرجح في عدم وجود رخصة بناء ومستند ملكية والتخوف من أن تفرض على أصحاب الفضاءات رسوم جبائية رغم أن هذه تعليمات السلط لم تتضمن نصوصها أي ضريبة.
وعلى عكس القانون المتعلق بإيواء الرعايا الأجانب الذي يفرض عقوبات في حال عدم التصريح لم تتضمن هذه تعليمة السلط أي إجراء تدبيري قمعي حول إمكانية التعرض للعقوبة في حال عدم القيام بهذا الفعل. وقال منصور بأنه تتعين مراجعة نص التعليمات وإعادة صياغته من أجل إلصاقه أكثر بالواقع وجعل هؤلاء المتعاملين ينخرطون في هذا المسعى.
ففي الواقع الميداني ومن الجهة النظرية أيضا ما يزال التساؤل مطروحا حول “من يسكن من ومن يؤوي من وكيف وأين” لأن ظروف الاستقبال بهذه الهياكل ليست جيدة مثلما تروج له الشعارات الإشهارية المعلقة على لوحات الإعلانات واللافتات وخصوصا عن طريق الهواتف النقالة.
فعلاوة على الوكالات العقارية أو وكالات السفر المخولة لمثل هذا النوع من المعاملات يقوم أي شخص بفعل “ارتجالي” و يؤجر هياكل إيواء (منزل أو فيلا أو طابق فيلا) في غياب القوانين المناسبة حيث يعمل هؤلاء الأشخاص في واقع الأمر كوسطاء ينشطون عن طريق الهواتف ويساهمون أيضا في “تضخيم” مبلغ التأجير المقترح.
وبرؤية أجزاء من الجدران والأعمدة الكهربائية وواجهات المتاجر وحتى جدران سياج المقبرة يتم إدراك حالة الهيجان التي تسيطر على هؤلاء التجار الذين يضعون في هذه الإعلانات معلوماتهم من أجل أي حجوزات محتملة.
وتعد بعض الهياكل المقترحة للإيجار في البعض من الأحيان قديمة وغير صحية وغير معتنى بها ومقسمة بطريقة تسمح بجلب أكبر قدر من العائدات من خلال التأجير لأكبر عدد من المستأجرين، هو حال المرائب والمباني التي هي عبارة عن ورشات لا تتوفر على وسائل الراحة من أجل ضمان إقامة عادية ومريحة وذلك رغم غلاء التأجير.
وفي ما يتعلق بالأسعار فإنها لا تتوقف عن الارتفاع على مر السنوات بالنظر إلى الطلب المتزايد والحجوزات التي تتم حتى قبل انطلاق موسم الاصطياف حيث يتم التفاوض على هذه الصفقات في العادة بين الطرفين في ظل التعتيم.
وفي أماكن أخرى تلقى “الإقامة لدى الساكن” رواجا كبيرا لا سيما في ما يتعلق بمسائل التكلفة والميزانية والحصول على المزيد من الحركية والاستقلالية على عكس المؤسسة الفندقية حيث ينتاب عدد كبير من العائلات الانطباع بأنها موجودة في خلية نحل.

1