تحت درجة حرارة لافحة تفوق الأربعين يخرج الصيادون الجزائريون إلى الصحراء في رحلة شاقة لاصطياد سمك من نوع خاص يسبح فقط في الرمال دون البحار يسمى الشرشمان أو سمك الصحراء.!!
وادي سوف (الجزائر) - “الشرشمان” أو سمك الصحراء هو أحد أنواع الزواحف النادرة في العالم المهددة بالانقراض والتي تعيش في صحراء الجزائر، طوله لا يتجاوز عشرة سنتمترات ولا يظهر إلا في وقت الحر يقتفي الصيادون في الجزائر أثره للاستمتاع بمذاقه المميز.
أغلب من يمارس هذه الحرفة هم الشباب الذين يتحملون عناء المشي في الكثبان الرملية والحرارة والعطش أحيانا وتتطلب عملية الصيد المحفوفة بمخاطر عدة تركيزا كبيرا لتجنب الحشرات والأفاعي والعقارب.
ويقتفي الصيادون أثر سمك الصحراء ما بين فترتي الظهر والعصر عند اشتداد الحرارة وهي الفترة التي تساعد الشرشمان على الخروج إلى سطح الأرض.
وحسب أحد الصيادين الجزائريين فإن الشرشمان يدخل في سبات عميق لمدة تتراوح ما بين 8 و10 أشهر ليفيق من سباته مع نهاية فصل الربيع إلى غاية بداية فصل الصيف وهي الفرصة التي ينتهزها أهل مدينة الوادي أو مدينة وادي سوف، الواقعة جنوب شرق العاصمة الجزائر، من أجل اصطياده.
ويستشعر الصياد وجود سمك الصحراء من خلال إغاصة يده في الرمال على عمق يصل إلى نصف متر، والمهمة ليست بالسهلة كون سمك الصحراء يمتاز بسرعة حركته ومراوغته الشديدة إذ يلقبه الصيادون بـ”السمك الثاقب”، لأنه يلوذ بالفرار إلى الرمال وبسرعة فائقة. والصياد المحترف هو ذلك الذي يحكم قبضة يده على السمكة ليمنعها من الحركة.
ويقول أحد صيادي الشرشمان في وادي السوف إن عملية اصطياد سمك الصحراء هي مهنة توارثها أهل المنطقة عن أجدادهم، حيث تعد تلك الزواحف الصغيرة الطبق المفضل لدى سكان الصحراء بالإضافة إلى كونها وصفة طبية بدائية تستخدم لشفاء بعض الأمراض.ويتم بيع الشرشمان بعد ذبحه وتنظيفه ليتم شواؤه على الجمر.
وتحول سمك الصحراء إلى تجارة مزدهرة في أسواق المدن الصحراوية في الجنوب الجزائري. وينتعش هذا النشاط التجاري مع حلول فصل الربيع إلى بداية فصل الصيف، إذ يكثر باعة الشرشمان الذين يتعاملون مع الصيادين المحترفين، فهم يصطادون نوعية مفضلة من سمك الصحراء الذي يتميز بحجمه الكبير ويطلق عليه اسم “العبادي”.
ويختلف ثمن سمك الصحراء حسب حجمه حيث يصل متوسط سعره إلى أقل من دولار واحد.
ويعمل الصيادون على بيع الكميات التي تم اصطيادها من سمك الصحراء دون تربيته بسبب تزايد الطلب عليه من قبل فئة كبيرة من سكان المدن الصحراوية يقينا منهم من أن استهلاكه يكسب صاحبه مناعة ووقاية من سم الأفاعي ولسع العقارب المميت.
ويقوم عدد من صيادي الشرشمان الجزائريين بتهريب تلك الزواحف المهددة بالانقراض إلى بعض البلدان العربية نظرا لشهرة استخدامها في الكثير من الوصفات الشعبية التي يعتقد أنها قادرة على علاج بعض الأمراض المستعصية.
وتعيش أسماك الرمال في المناطق الصحراوية القاحلة وتتغذي على الحشرات وجذور النباتات.
ويتوجه هواة صيد سمك الصحراء إلى الجنوب الجزائري وهم يحملون أكياس قماش لتجميع المحصول الذي لا يقل في الرحلة الواحدة لشخص واحد عن 50 إلى 70 “شرشمانة” أو “زغدودي” إذا كانت صغيرة.
يذكر أن “أسماك الرمال” معروفة أيضا في السعودية ويتم اصطيادها بنفس الطريقة وهي واحدة من أشهى المأكولات في الصحراء الخليجية، حيث يسميها السعوديون “الدسيسة” و”الدميسة” نظرا لقدرتها على أن تندس وسط الرمال بل تخترقها سريعا وتغوص في جوفها كما لو أنها تسبح في البحر.
"الشرشمان" أسماك يصطادها الجزائريون في الصحراء!!
20.06.2016