خربة طانا (الضفة الغربية)- عندما جاءت القوات الإسرائيلية في أوائل آذار إلى هذه القرية البدوية الواقعة على سفح تل حجري في شمال الضفة الغربية المحتلة والمطلة على غور الأردن هدم الجنود بالجرافات مدرسة، تاركين 23 طفلا دون مكان يتعلمون فيه.
وتدخل الاتحاد الأوروبي ببناء فصل دراسي مؤقت ومبان أخرى سابقة التجهيز في إطار جهود لمساعدة نحو 40 أسرة، بعضها مازال يقيم في كهوف لا تصلها المياه أو الكهرباء في جزء من الضفة الغربية خاضع تماما لسيطرة إسرائيل فيما يعرف بالمنطقة (ج).
ويعد أسبوعين قالت منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية إن الجيش الإسرائيلي عاد وهدم 17 منزلا و21 حظيرة للأغنام والماعز والدجاج وخمسة مراحيض خارجية.
وقال واصف حنني البالغ من العمر 61 عاما وهو أب لأربعة ابناء، ويقيم في خربة طانا (الواقعة شرق نابلس) طوال حياته ضاحكا "يهدم الإسرائيليون أسرع مما يبني الأوروبيون."
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه ببساطة "ينفذ أحكاما قضائية ضد البناء غير المرخص" الذي يمارسه الفلسطينيون في المنطقة (ج). ويرى دبلوماسيون أجانب ومنظمات مدافعة عن الحقوق ان ذلك جزء من خطوة أوسع نطاقا للاستيلاء على الأراضي من أجل توسعة محتملة لمستوطنات يهودية.
وعندما وصل الجيش الإسرائيلي إلى خربة طانا لأول مرة في فبراير/ شباط، جاء بأمر محكمة وجرافتين. وقال إن القرية الواقعة على بعد كيلومترين من حدود المنطقة (ج) التي تغطي 60 بالمئة من أراضي الضفة الغربية قريبة من منطقة رماية عسكرية.
ويقول دبلوماسيون وجماعات مدافعة عن حقوق الإنسان، إن هذا تبرير شائع يورده الجيش عندما يريد تنفيذ عمليات هدم وتهجير بالقوة للفلسطينيين من الأراضي، لكن ذلك لا ينطلي على مسؤولي الأمم المتحدة.
ويقول روبرت بيبر وهو مساعد للأمين العام للأمم المتحدة ومسؤول الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية "إعلان أن المنطقة منطقة إطلاق نار مجرد تبرير."
وتقول الأمم المتحدة إنه منذ سبعينات القرن الماضي وبعد فترة وجيزة من احتلال إسرائيل للضفة الغربية في حرب عام 1967 أغلق نحو خُمس المنطقة لأغراض عسكرية، رغم أنها لم تستخدم تقريبا للتدريب أو كمنطقة رماية.
وقال بيبر الذي زار خربة طانا أمس الاثنين ليرى بنفسه الدمار الذي لحق بها "نحن لا نصدق أن الجدل القانوني الذي نواجه به قوي".
وأضاف "حقوق الفلسطينيين في هذه المناطق يتم إنكارها بصراحة" مشيرا إلى أنه إلى جانب المعاناة التي يتعرضون لها بسبب الهدم شهدوا مصادرة ما كان لديهم من أمتعة وممتلكات، منها سيارات في بعض الحالات، كما شهدوا تدمير المساعدات التي كانت موجهة لهم.
وفي حالات مماثلة سابقة قالت إسرائيل إن "هذه القرى ليست كيانات مستقرة، وإن البدو يشغلون فعليا أراضي غير مستغلة ويعيشون مؤقتا في الكهوف".
ولكن من الصعب تبرير ذلك في قرية خربة طانا. فالقرية تمتد عبر سفوح العديد من التلال الوعرة، وبعض الكهوف سكنتها الأسر لأجيال، وولد أحد السكان في ثلاثينات القرن الماضي. كما يوجد مسجد بُني في الحقبة العثمانية ولا يزال قائما في وسط القرية.
وقال بيبر في إشارة إلى المسجد ومنبع طبيعي للمياه على مقربة "هذا ليس مجتمعا ظهر بالأمس."
ما يثير قلق مسؤولي الإغاثة الإنسانية أن خربة طانا ليست حالة فردية. ومنذ بداية العام هدمت قوات الاحتلال الاسرائيلية أو دمرت نحو 400 منزل ومبنى آخر في الضفة الغربية، أي ما يزيد على حجم عمليات الهدم لعام 2015 بأكمله.
ولا يقتصر الأمر على تشريد الأطفال وحرمانهم من المدرسة لكنه يعني أيضا فقد مصدر الدخل للقرى المتضررة التي تعمل بالزراعة. وفي بعض الحالات هناك انتقادات حادة توجه للمساعدات الأجنبية. وقام الاتحاد الأوروبي وغيره من جهات الإغاثة بإعادة بناء العديد من المباني المهدمة.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن معدل الهدم الحالي من ضمن أعلى معدلات الهدم منذ عام 2009، والسؤال المطروح "لماذا الآن؟"
وقال الجيش الإسرائيلي إنه ينفذ حكما قضائيا يتعلق بالبناء بدون ترخيص في المنطقة (ج).
ويرى دبلوماسيون اتجاها مقلقا طويل المدى.
وعلى التلال الوعرة حول خربة طانا، توجد بؤر استيطانية إسرائيلية وبنايات سابقة التجهيز يقطنها مستوطنون إسرائيليون. وحتى الحكومة الإسرائيلية نفسها لا تعتبر هذه البؤر شرعية.
ويوجد نحو 100 موقع استيطاني في الضفة الغربية قالت إسرائيل إنها "ستزيلها في أي اتفاق مع الفلسطينيين بشأن حل الدولتين". وفي ظل غياب المفاوضات تتزايد هذه المواقع وتصبح أكثر قوة واتساعا. وفي السابق كان بعضها متصلا بكتل استيطانية مقامة بتصريح من إسرائيل.
وعرض مسؤول في الأمم المتحدة خريطة للمنطقة حول خربة طانا وبها البؤر الاستيطانية غير الشرعية باللون القرمزي. وتبدو بوضوح منتشرة في المنطقة بأكملها بوتيرة متزايدة الاتساع ببطء نحو وادي الأردن.
خربة طانا..فلسطين : اتساع عمليات هدم الاحتلال للقرى البدوية في الضفة!!
30.03.2016