عرف العرب كما الرومان واليونانيون واليابانيون منذ القدم استخدام الرمال الساخنة لعلاج الكثير من الأمراض بعد أن أثبتت التجارب أهميتها ودورها في تقديم الشفاء من الأمراض التي تصيب الجسد، وصارت هذه الطريقة في العلاج شائعة في الكثير من المنتجعات العلاجية والفنادق حول العالم.
تنتشر في الصحراء العربية من المغرب إلى السعودية ظاهرة العلاج بالرمال، إذ يعتقد البعض أن الاستحمام في رمال الصحراء خلال فصل الصيف علاج طبيعي للعديد من الآلام المزمنة مثل أمراض الأعصاب والروماتيزم وآلام الظهر والعضلات والتهاب المفاصل والأمراض الجلدية.وتتم عملية العلاج بطمر أجساد المرضى حتى الرقبة في الرمال الساخنة، في ما يسمى بـ”حمام الملّة”. و”الملّة” هي الرمل الحار بفعل أشعة الشمس في فصل الصيف بالمناطق الصحراوية وتستعمل كعلاج يصنف من ضمن الطب البديل، فيتم حفر حفرة في الرمل بقدر ما يضع المريض يده أو رجله أو كامل جسده إلا رأسه، ومن ثم يردم بالرمل الدافئ ويبقى فيه حتى يبرد الرمل، كذلك ينبغي للمطمور في الرمل أن يرتوي بالسوائل حتى لا يصيبه العطش ومن ثم الجفاف والإعياء إلى درجة فقدان الوعي.
ولـ”الملة” طرق عديدة برع فيها ذوو الخبرة الذين توارثوها عن أجدادهم دون أن يدرسوها في الجامعات، ومن ذلك احتساب المدة التي يبقى فيها الشخص تحت الرمل، حيث لها وقت محدد يعرفه هؤلاء المتخصصون.ويقول محجوب، أحد المشرفين على عمليات الاستحمام الرملي في مدينة مرزوكة المغربية، “يُطمر الشخص الراغب في الاستحمام كاملا في الرمل باستثناء رأسه الذي تتم تغطيته بقبعة كبيرة تفاديا لضربة شمس. وتدوم عملية الطمر أو ما يطلق عليها بالعامية ‘الردم’ ما بين 10 و15 دقيقة. وخلال هذه الفترة، يقدم أحد المشرفين المرافقين للشخص المستفيد من عملية الاستحمام الرملي جرعات قليلة من الماء حتى لا يصاب بالجفاف جراء عملية الامتصاص التي تقوم بها الرمال”.ويقول رأفت الفقي، وهو مدرس رياضيات من الإسكندرية “عندما وصف لي الطبيب هذا العلاج بدأت أشعر بتحسن، فهو جيد للدورة الدموية والتنفس والمناعة بشكل عام”، ويُفضل ألا يستحم المريض لمدة ثلاثة أيام بعد العلاج. وتستغرق دورة العلاج ما بين ثلاثة وتسعة أيام.
ويؤكد الأطباء على أهمية العلاج بالرمال لأنها تحتوي على نسبة من المعادن الطينية التي تتولد عنها شحنات سالبة عند ملامستها للماء، حيث تجذب شحنات السموم الموجبة من طبقات الجلد الخارجية، إضافة إلى وجود نسبة بسيطة من المعادن المشعة مثل المونازايت والثوريوم والتي تفيد في علاج الأمراض الجلدية والعظام على وجه الخصوص. ويحذر هؤلاء من أنه يجب أن يراعى عدم وجود تسلخات أو تقرحات أو جروح غير ملتئمة على جسم المريض قبل الحمام الرملي، مؤكدين على أن هناك العديد من الأمراض التي لا تحتمل الرمال الساخنة ويمكن أن تتضاعف بفعل حساسية بعضها، وفي هذه الحالة يجب وقف العلاج.
ويقول خالد (40 عاما)، وهو ممّن يعملون منذ سنوات في هذا المجال الذي ورثه عن عائلته، “رمال الصحراء لها أسرار وفوائد كثيرة، من ضمنها أنها علاج فعال للكثير من الأمراض المستعصية، وهي مهنة نتوارثها جيلا بعد جيل منذ زمن الفراعنة، ويعرف أهميتها الأطباء ويعتبرونها أحد أنواع الطب البديل الذي يعتمد على الطبيعة في العلاج”.
ويشير إلى أنه ورث المهنة عن أجداده، وأن رمال الصحارى أنواع مختلفة ولكل نوع خاصياته المميزة وطرق التعامل معه والاستفادة من مزاياه، “هناك الرمال الصفراء والسوداء والبيضاء والخضراء والرمادية والحمراء والبنية، ويحتوي كل منها على أنواع محددة من المعادن والأكسيد وقدر من الأشعة البنفسجية، ولذلك يجب معرفة التركيب المعدني والكيميائي للرمال لمعرفة مدى ملاءمتها للأغراض العلاجية”.
وحول أفضل الأوقات لممارسة هذا النوع من العلاج، يقول عبدالله، أحد العاملين في هذا المجال في الصحراء المصرية، إن “العمل يتواصل بهذه الحمامات الرملية على مدار العام، وإن كانت الفترة من شهر أبريل وحتى نوفمبر من كل عام، فهي تعد ذروة الموسم بالنسبة إلى هواة الاستحمام برمال الصحراء المصرية، حيث يفد إلينا أناس من مختلف الجنسيات”.ويؤكد عبدالله على أن الرمال المصرية لها شهرة عالمية واسعة في تقديم العلاج الطبيعي لأمراض كثيرة. ويشير إلى أن العالم عرف استخدام الدفن في الرمال الناعمة كوسيلة للعلاج من الروماتيزم عن قدماء المصريين وأن ذلك مثبت في أوراق البردي.
حمام الرمل.. علاج شعبي لأمراض مستعصية ينصح به الأطباء !!
14.03.2016