على بعد 60 كيلومتراً شمال العاصمة المصرية القاهرة، لا يكاد من يمر بمدينة شبين القناطر بمحافظة القليوبية، يغمض جفنيه لثوانٍ معدودة حتى يرى أمامه مساحات شاسعة من حقول الفراولة المغمورة وسط سوق وأوراق شجر لا يتعدى طوله 20 سنتيمتراً، متوسداً تراب الأرض لمساحات شاسعة.
وبين تلك الحقول الممتدة، يقضي الفلاح المصري جمال سليمان وأولاده النهار في رعاية أشجار الفراولة، التي تمتاز بها المدينة دون غيرها من مدن المحافظة، دون عناء يذكر.
ولا يقتصر استخدام الفراولة في الأطعمة والعصائر فقط، بل يمتد لصناعة مستحضرات التجميل، حيث تستخدم لتبييض الأسنان والتخلص من حب الشباب ومعالجة انتفاخ الجفون وتوهج الوجه، وشكلها القريب من القلب جعلها ترتقي لوسائل التعبير عن الحب والإهداءات بين الناس، وتزين في الغالب أطباق الحلويات الشرقية والغربية، وتصنع منها الفطائر الشهية.
وبينما يجلس جمال، صاحب المزرعة، وسط محصول فاكهة الفراولة، يعمل نجلاه اللذان لا يتخطى عمرهما 25 عاماً، في جدية وإتقان، فيقطف الأول الثمار بخفة وسرعة ويضعها في أقفاص خشبية وبلاستيكية، ويقوم الآخر برفع الأقفاص إلى مكان يتجمع فيه المحصول في النهاية.
وفيما ترتسم الابتسامة على وجه الفلاح المصري، (في العقد الرابع من عمره)، في حديثه مع مراسل “الأناضول”، يقول بفخر إن “أهل بلدته، الذين يبلغ تعدادهم عشرات الآلاف دأبوا منذ عشرات السنين على زراعة الفراولة، بكميات تفوق إنتاجية بعض الدول”.
يروي جمال أن بلدته تخلت تماماً عن زراعة الخضر والفاكهة بخلاف الفراولة، مشيراً في الوقت ذاته إلى زراعة الثوم، وسط شجيرات الفراولة التي تتخللها مساحات فارغة في الغالب.
وتمتاز زراعة الفراولة في مصر بتنوع توقيتها، حيث أشار جمال إلى أن حصادها يكون شتاءً وصيفاً، في فترة عمل تمتد من الفجر حتى عصر ذات اليوم، على فترتين، كل فترة منها يتقاضي العامل من بين 15 عاملاً لكل فدان (حوالي 4200 متر مربع)، مقدار 40 جنيهاً (5 دولارات تقريباً).
ويفرز العمال ثمرات الفراولة السليمة بعيدًا عن التالفة، ثم يضعونها في صناديق خشبية وبلاستيكية للبيع المحلي والتصدير للخارج، وفق الفلاح المصري.
وتعد المملكة العربية السعودية أبرز الدول التي تصدر لها مدينة شبين القناطر إنتاجها من محصول الفراولة، الذي يفيض عن الاستهلاك المحلي لمحافظة القليوبية، والتي تعد أبرز المحافظات زراعة للفراولة بجانب الإسماعيلية (شمال شرق) والبحيرة (شمال)، بحسب الفلاح المصري جمال سليمان.
يضيف جمال “تكلفة زراعة الفدان من الفراولة تصل في الغالب لـ 30 ألف جنيه (4 آلاف دولار تقريباً)، ويوفر المحصول مبلغاً مقبولاً يغطي النفقات ويزيد، حيث يباع الطن منها بـ 2500 جنيهاً (300 دولار تقريباً) وهو سعر غير ثابت، وفقاً لاحتياجات السوق”.
وكشفت دراسة حديثة، منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي أن تناول المزيد من الفواكه الغنية بمادة الفلافونويد، وعلى رأسها التوت والفراولة والعنب، يمكن أن يحد من مخاطر الضعف الجنسي لدى الرجال في منتصف العمر.
وأوضح الباحثون بجامعة شرق أنجليا البريطانية، بالتعاون مع باحثين من جامعة هارفارد الأمريكية، أن الفواكه الغنية بمادة “الفلافونويد” تقلل من خطر إصابة الرجال بضعف الانتصاب.
وأشار الباحثون، الذين نشروا نتائج دراستهم مؤخراً، في المجلة الأمريكية للتغذية السريرية، إلى أن أهم الفواكه الغنية بمادة الفلافونويد هي العنب والكرز والفراولة والتوت والتفاح والكمثرى والحمضيات كالبرتقال والليمون واليوسفي.
حصاد الفراولة في مصر.. موسم تشرق فيه فاكهة الرشاقة والحب!!
05.03.2016