أحدث الأخبار
الاثنين 25 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41135
هدنة هشة والناس عطشى في حلب !!
02.03.2016

يبدو أن المعاناة قدر سكان مدينة حلب، فرغم الهدنة أصبحت العائلات الحلبية مهددة بالعطش بعد تضرر أنابيب المياه والمولدات الكهربائية التي تستخدم في ضخ الماء، ما اضطرهم إلى اللجوء إلى الآبار رغم مضارها.
حلب (سوريا) - يعاني سكان مدينة حلب في شمال سوريا منذ أسابيع من شح حاد في المياه، فيبحثون عنها في آبار غير صالحة للشرب أو يدفعون ثمنها غاليا.
ويقول أبونضال (60 عاما)، أحد سكان حي المغاير في شرق حلب الخاضعة لسيطرة الفصائل المقاتلة “بات الوضع العام في المدينة جيدا خلال الهدنة، كل شيء متوفر لدينا إلا… المياه”.
ويضيف وهو جالس على كرسي أمام منزله يحتسي كوبا من الشاي، “اضطر للذهاب من حي إلى آخر بحثا عن الآبار التي تكون نسبة الملوحة في مياهها أقل(…)، فالمياه المعقمة التركية غالية الثمن ومعظم السكان لا يستطيعون شراءها”.
وتضررت أنابيب المياه والمولدات الكهربائية التي تستخدم في ضخ الماء إلى الأحياء السكنية بسبب المعارك العنيفة التي شهدتها حلب منذ صيف 2012.
وازداد الوضع سوءا بعدما دمرت غارة روسية في نهاية نوفمبر محطة ضخ مياه رئيسية تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية شرق المدينة، ما حرم حوالي 1.4مليون نسمة من سكان المنطقة من المياه، وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).
وتوجد محطة ضخ أخرى في حي سليمان الحلبي يصعب تشغيلها جراء النقص في الكهرباء والمحروقات.
ويقول سكان المدينة إنهم، للمرة الأولى، يعانون من أزمة انقطاع المياه بهذا الشكل منذ اندلاع النزاع قبل خمس سنوات. ولتأمين حاجاتهم، يبحثون عن آبار وخزانات توفر لهم المياه الضرورية للاستخدام المنزلي، ويلجأون إلى تعقيمها.
وتجوب سيارات محملة بخزانات مياه غير صالحة للشرب يتم سحبها من آبار جوفية، شوارع المدينة، وتتنقل من حارة إلى أخرى لتغذي المنازل بكميات قليلة لا تكفيها.
وتقول جانة مرجة (21 عاما) المقيمة في حي السريان “الذي يسير في شوارع حلب يرى سيارات سوزوكي تحمل خزانات وتتنقل بين الحارات”.
وتضيف “بات الموزعون كالأمراء في حلب لأن الجميع بحاجة إليهم”. وتعاني الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام بشكل أكبر من أزمة شح المياه نتيجة الكثافة السكانية فيها، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتروي جانة أن هناك “مشهدا شائعا جدا في حلب وهو عبارة عن صفوف من السكان، أطفالا ونساءا ورجالا، ينتظرون دورهم للحصول على مياه الشرب”. وتتحدث عن مهنة جديدة هي “مهنة الانتظار، إذ يقوم بعض الأشخاص بحجز دور مقابل مبلغ معين”.
وتحولت المعاناة جراء هذا النقص في المياه إلى دعابة بين الأهالي. وتقول جانة “الشكوى الأكثر شيوعا في حلب هي شعري مزيّت”، نتيجة عدم توفر المياه للاستحمام.
وفي بستان القصر، أحد الأحياء الشرقية، يجاهد أبوعامر (38 عاما) لتأمين المياه لعائلته المؤلفة من ثلاثة أطفال.
ويروي “أؤمن المياه لمنزلي عبر أحد الخزانات القريبة منا والتي تعبأ عادة بمياه أحد الآبار القريبة”، موضحا أن هذه المياه “غير صالحة للشرب”.
وتستهلك عائلة أبوعامر حاليا ربع الكمية التي كانت تستهلكها “قبل أن تنقطع المياه بشكل كامل منذ قرابة الشهرين”. ويقول “أحيانا كانت تنقطع عنهم شهرا كاملا، أما هذه المرة فتعد الأطول منذ بدأت الحرب في حلب”.
ويقول أبوعامر إن “عائلته تتبع حاليا سياسة تقشفية في استهلاك الماء، حتى أننا باعدنا بين فترات الاستحمام”. أما بالنسبة إلى مياه الشرب، فيبدو الوضع أصعب، فإما أنه يلتجئ إلى تعقيم مياه الخزانات أو شراء زجاجات مصنعة في تركيا على رغم أن سعرها تضاعف مؤخرا.
ويقول أبوعامر “سابقا كنت أشتري 12 قنينة مياه مقابل 450 ليرة سورية، أما الآن فقد وصل سعرها إلى 900 ليرة سورية”، أي حوالي أربعة دولارات.
وتوضح روان ضامن (22 عاما)، وهي طالبة جامعية في حي الموغامبو في الجهة الغربية، أن كلفة ألف ليتر مياه غير صالحة للشرب بلغت 1350 ليرة سورية.
ويلجأ البعض، وفق ضامن، إلى شراء زجاجات المياه، وآخرون يقومون بغلي مياه الآبار ثم تبريدها لشربها أو يضعون فيها أقراص تعقيم. ويعاني الكثيرون من مشاكل صحية نتيجة شرب مياه الآبار.
ويتنهد أبومحمد (43 عاما) الذي يضطر وعائلته المؤلفة من ستة أطفال إلى شرب مياه الآبار قائلا “شرب تلك المياه سبب لي ولأحد أطفالي التسمم، وأصبنا بالتهابات معوية وإسهال وقيء”، بحسب قوله. ويضاف إلى ذلك عدم وجود آبار أو خزانات قريبة من منزله، فيضطر إلى قطع مسافات طويلة للحصول على الماء. وفي محاولة لإيجاد حلول، أنشأ ناشطون صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات على الهواتف الخلوية لتبادل المعلومات حول أماكن الآبار.
ويوضح فادي نصرالله، وهو مهندس معلوماتية، أن “الناس يتابعون صفحات على فيسبوك مخصصة للاطلاع على وضع مياه الشرب، ومثل هذه الأخبار تنتشر بسرعة عبر الواتساب والإنترنت بشكل عام”.
ويستخدم السكان أيضا تطبيقا على الهواتف الخلوية طورته اللجنة الدولية للصليب الأحمر لتحديد مكان أقرب بئر مياه إلى مكان وجودهم.
ويقول علي (29 عاما) “قبل الحرب لم أكن أبالي بكمية المياه التي أستهلكها، أما اليوم فأصبح الماء مثل الذهب، وكأنه ماء مقدس من زمزم”.

1