تجمع فرقة موسيقية التراث والفكلور المصرييْن بروح صوفية وإيقاع معاصر، لكن مؤسسها ليس مصريا ولا يفهم اللغة العربية، بل هو فرنسي أسرته آلة “الأرغول” الشعبية ليتمكن من التواصل مع الجمهور عن طريق الموسيقى لا اللغة.
القاهرة- يصنع المسار الموسيقي الذي اتخذته فرقة “إيجيبشيان بروجكت”، لكل مستمع لأغانيها عالما خاصا يتجاوز معه حالة المتعة التقليدية، وينتقل إلى حالة أخرى من الدهشة اللاشعورية، بفضل توليفة موسيقية راقية مزجت بين الآلات الشرقية والغربية، في مصاحبة الإنشاد الصوفي.
وتعزف هذه الفرقة الموسيقية المميزة ألحانها على الطريقة الصوفية ممزوجة بأنغام الربابة وبإيقاعات معاصرة، لتترك أثرا سحريا في المستمع.وتجاوزت لغة الموسيقى حدود الجنس والعرق والدين، في فرقة إيجيبشيان بروجكت التي تضم 4 مصريين في زيهم التراثي الأصيل (الجلباب)، و3 فرنسيين بملابسهم العصرية، لتقديم سيمفونية بصرية رائعة دون أن يعرف كل منهم لغة الآخر، وربما يكون هذا هو سر الشعبية العريضة في مصر التي تحيط بفرقة حديثة العهد، تأسست قبل 8 أعوام فقط.
ومن غرائب الفرقة أن مؤسسها وهو موسيقي فرنسي يدعى جيروم إيتنجر لا يفهم اللغة العربية نهائيا، ولا يتعامل مع أفراد الفرقة من المصريين إلا من خلال مترجم متخصص، لكن الأغرب أن جهله بلغة الضاد لم يعق انجذابه للأناشيد الصوفية.
ولم تكن عملية المزج بين الموسيقى العربية والإلكترونية بالأمر الهين، خاصة إذا كانت تلك الموسيقى مصاحبة للإنشاد الديني، مع آلة أوشكت على الاندثار مثل الربابة.
وعن تلك العملية الاحترافية قال جيروم لـ”العرب” إنه يقوم في البداية بسماع موسيقى الأغنيات، سواء أكانت صوفية أم نوبية، حتى يصل إلى ما يريد، ثم يقوم بتركيبها على الكلمات، ويضيف بعض الآلات الغربية مثل الدرامز.وأوقعت آلة الأرغول جيروم في عشق الموسيقى العربية، منذ أن كان طفلا في الخامسة عشرة من عمره، وعززت داخله الرغبة في تعلم هذا النوع من الموسيقى، ثم التفكير في مزجها مع الموسيقى الفرنسية، وهو ما قاده للذهاب إلى القاهرة للتعرف إلى الفولكلور المصري عن قرب.
ويعد اللون الصوفي هو الغالب على الأغاني التي تقدمها الفرقة، رغم تقديم اللون الصعيدي والزار والنوبي من وقت إلى آخر، لكن جيروم أكد أن هذا اللون على الأخص أثّر فيه بشدة منذ سماعه للمرة الأولى، وهو جزء من فلسفة الدين التي تمس مشاعر المستمع.
اقتناع مؤسس الفرقة بأن الموسيقى المصرية ممتدة بلا نهاية، كان السبب في اختيار اسم إيجيبشيان بروجكت، الذي يعني “المشروع المصري” باللغة العربية، ويتمنى أن يصل به إلى كل مكان في العالم، لأن دولا كثيرة لا تعرف هذا النوع الموسيقي، لكن لو استمع الجمهور إليه لن يستطيع الاستغناء عنه، وهو ما حدث عندما قدمت الفرقة عروضا في عدة دول أوروبية.
وشهد الألبوم الأول الذي أصدرته الفرقة وحمل عنوان “يا قمر” إقبالا عالميا واسعا، حيث ضم أغنيات تحدثت عن الصداقة والمحبة وعشق الحياة.
وعلى غرار مريدي الموالد والإنشاد الصوفي، تتمتع فرقة إيجيبشيان بروجكت بشعبية داخل مصر، وتقدم عروضها داخل أهم الأماكن الأثرية بالقاهرة، مثل القلعة وبيت السحيمي، حيث يجتمع المريدون للاستمتاع بصوت المنشد سيد إمام، الذي بدأ علاقته بالفن عازفا على آلة “الكولة”.
فرنسي يتخطى حاجز اللغة ويعيد للمصريين فلكلورهم!!
16.12.2015