أحدث الأخبار
الثلاثاء 26 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41135
السرج المغربي زينة الفرس وهيبة الفارس!!
30.10.2015

يندرج الاهتمام بالخيل وزينتها ضمن تراث تاريخي ممتد عبر العصور في المغرب، فمنذ القدم كانت الخيل وسيلة تستعمل للسفر والحرب، فضلا على أنها كانت تمثل أداة للتسلية والفرجة ومظهرا من مظاهر الزهو والافتخار، لذلك اهتم المغاربة بالخيل ابتداء من السرج واللبد والطّراشح والقربوس والأجراس، ولكن اللافت أن هناك بعضا من عناصر الزينة الأخرى تعلق بها أجراس، و"الأقبض" وهو وشاح مذهب اللون يعلق في رقبة الخيل.
الرباط - تعتبر صناعة سروج الخيل من أعرق الصناعات التقليدية التي اشتهر بها الصنّاع المغاربة منذ اهتمامهم بالفرس والفروسية، باعتبار أن السرج يجسد كل صفات الشهامة والافتخار.
وتشتهر صناعة السروج في مدن مغربية عديدة ليست عريقة بالضرورة في ميدان الفروسية، كالرباط والدار البيضاء ومراكش وفاس، حيث يبدع صناع السروج في تزيينها برسوم وتطريزات وتزويقات مستمدة من التراث المغربي الأصيل، محافظين على المواد التي يصنع منها السرج التي توارثوها عن أجدادهم من خيوط حريرية وقطع جلود وخشب.واللافت في صناعة السروج بالمغرب أن اليهود المغاربة برعوا في هذه المهنة رغم أنهم لا يهتمون بركوب الخيل والفروسية كما ولع بها المسلمون من عرب وبرابرة.
ويتكون السرج التقليدي من 34 قطعة، ويصل عدد الحرفيين المشاركين في صناعته إلى 14 حرفيا، منهم النجار والحداد والخياط، وذلك بهدف الوصول إلى منتوج في مستوى عال، أما أسعاره فتحددها المواد الذي تدخل في صناعته، كالصقلي والحرير الحر، والتي غالبا ما تقدم كهدايا لكبار الشخصيات.
ويصرح أحد صناع السروج بمراكش قائلا “الفارس المغربي يمكن أن يحرم نفسه وأولاده من أشياء ومتع كثيرة في أوقات الشدة والأزمات، لكنه يصرف بكرم شديد على فرسه وسرجه”.„يتكون السرج التقليدي من 34 قطعة، ويصل عدد الحرفيين المشاركين في صناعته إلى 14 حرفيا، منهم النجار والحداد والخياط، وذلك بهدف الوصول إلى منتوج عالي المستوى“وكان المغربي اليهودي صانع السروج يقضي شهورا الطويلة في إعداد سرج واحد، كأنه فنان يرسم لوحة بريشته وألوانه الزاهية، أو مسرحي يقضي الليالي الطويلة حتى يكتب مسرحية ويتدرب مع الممثلين ليجعل منها حكاية تأسر الألباب.
ويقول علي، أحد تجار الجلود ومستلزمات صناعة السروج، “في أوائل القرن الماضي كان لزاما على كل مغربي يرغب في تجديد سرج فرسه أن يعدّ غرفة خاصة في بيته أو في قصره ليقيم فيها الصانع اليهودي الذي سيصنع له السرج ويتفرغ لها لمدة أسابيع طويلة، وكان هذا الصانع اليهودي لا يغادر غرفته أو مشغله الجديد إلا في أوقات معينة لتفقّد أسرته أو للتعبد أو التبضع، وحين ينتهي هذا الصانع من صناعة السرج يتسلم أجره من مشغله الذي يكون سعيدا بالسرج الجديد ويعود إلى بيته”.
ويزداد الطلب على السروج بُعيد موسم الحصاد مباشرة، إذ تعوّد محبو الفروسية التقليدية في تلك الفترة من السنة تنظيم “مواسم” للاحتفاء بالموسم الفلاحي، بالإضافة إلى أيام المناسبات الدينية والوطنية؛ فبعد جمع المحاصيل تنطلق مهرجانات الفروسية التي يشارك فيها الآلاف من المغاربة بخيولهم، وهو تقليد عرفه المغرب منذ قرون خلت، وأشهر مهرجان للفروسية في المغرب يقام بمدينة الجديدة وفي قرية مولاي عبدالله أمغار الذي يعتبر أكبر مهرجان للفروسية في المغرب، حيث يعرف مشاركة أكثر من 1100 فارس وفارسة.
يشار إلى أن هذه الصناعة عرفت، على عكس الحرف التقليدية الأخرى كصناعة الفضيات والنحاسيات والنقش على الخشب التي شهدت تراجعا ملحوظا، اهتماما من طرف الجيل الجديد من الصناع والحرفيين، لأنها صناعة تدر مالا وفيرا على ممتهنيها، خاصة مع ازدياد الإقبال على الرياضات والمهرجانات المرتبطة بالفرس والفروسية، سواء من طرف المغاربة أو من طرف الأجانب الذين ينبهرون بالسروج المغربية، وإن كانوا يقبلون عليها لا لتزيين خيولهم وسرجها وإنما لتزيين صالوناتهم الخاصة في البلدان الأوروبية.

1