أحدث الأخبار
الثلاثاء 26 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41135
أفعى سيد دخيل في العراق تطارد الكبار والصغار !!
11.10.2015

يبدو أن قدر العراق والعراقيين مرتبطة بمواجهة البلايا ابتداء من فوضى السياسة إلى فوضى العنف، ليواجهوا أنواعا مختلفة من الأفاعي القاتلة، ففي ناحية سيد دخيل من محافظة ذي قار ابتلي الأهالي بأفعى اشتهرت بسمها المعروف وتسببت في إرهاب من نوع آخر لأهالي تلك المنطقة.
الناصرية (العراق) ـ يطارد شبح أفعى سيّد دخيل الأهالي والفلاحين في قرى الناصرية، إذ تسبّب الجفاف والتصحر في اجتياح تلك الأفعى الأماكن المأهولة بكثافة، وضحاياها من الصغار والكبار.وتحوّل فهد صاحب نايف (25 عاما) إلى منقذ للأرواح بعد أن كاد يفقد حياته إثر تعرّضه للدغة أفعى كوبرا في قضاء سيد دخيل بالناصرية خلال أدائه تدريباته في معسكر شرطة النجدة.لم يتوقع رجل الأمن أن ينجو من اللدغة القاتلة مثلما لم يتخيّل أن الأفعى التي لدغته ستموت في اللحظة نفسها بصورة غريبة، كما لم يخطر بباله أن دمه سيصبح ترياقا لعلاج العديد من ضحايا الأفاعي.“أبو حيّة” كما بات يُكنّى أنقذ حياة عدد من ضحايا لدغات الأفاعي خلال الأشهر الماضية عبر التبرع لهم بدمه، مع ما يبدو عليه من نحول وشحوب.
وهو يقول “أصابتني الأفعى بأربع لدغات وماتت مباشرة لأن دمي أصبح مصلا علاجيا في اللحظة نفسها، حسب ما أخبرني به الأطباء المعالجون، حيث نقلت إثرها إلى المستشفى وجسدي يعاني من نزيف عام وصعوبة في التنفس وفقدان الرؤية. وبعد شفائي عانيت من مشكلة ضعف البصر واضطررت إلى المعالجة في مستشفى ابن الهيثم في العاصمة بغداد”.
نايف تمكن من إنقاذ 11 مصابا منهم تسع نساء، لكنه منع من تناول اللحوم بأنواعها لتداعياتها على جهازه الهضمي، الأمر الذي أضعف بنيته الجسدية وأصبحت تؤرقه الهواجس.
ويقول “أحتاج إلى الدعم، لكني أخشى أن لا تستمر الجهات الحكومية في تقديم العلاج لي، فأنا لا أزال أعاني ضعفا شديدا”.
ويسجّل قضاء سيد دخيل (25 كلم جنوب شرق محافظة ذي قار) إصابات مستمرة بلدغة الأفعى التي باتت تعرف بين الناس بـ “أفعى سيّد دخيل” التي يتراوح طولها بين 30 و100 سم، وهي نوعان؛ الأول الكوبرا القاتلة، والثاني يعرف بـ “أم الصليب” نسبة إلى خطوط في مقدمة رأسها تشبه الصليب، وتبيض بين 4 و5 بيضات وفي كل بيضة ستون أفعى صغيرة.
ويطلق السكان على هذه الأفاعي تسمية “الشبح القاتل”، وتزداد أعدادها مع ارتفاع درجات الحرارة في موسم الصيف وانتهاء المزارعين من موسم الحصاد، وتسجل المناطق القروية أكثر الإصابات وخصوصا في فترات الليل المظلم حيث يتنقل الناس في الحقول ويتبادلون الزيارات، وقد تظهر في غرف نومهم أحيانا.
ويقول أمين السهلاني (24 عاما) من قرية “آل جمعة” لموقع "نقاش" إن منطقته سجلت أكثر من ستين إصابة وهناك من لقي حتفه بسبب ذلك. وهو شخصيا تعرض للدغة أفعى في أبريل قبل سنتين أثناء عمله في مزرعتهم.
ويروي الحادثة التي ما زالت حيّة في ذاكرته “كنت أعمل في المزرعة وفي وقت استراحتي وخلال جلوسي لدغتني الأفعى في يدي، إذ نالت مني اللعينة في غفلة مني، وقد عانيت من ضعف في الرؤية ونزيف داخلي وخارجي شديد وكذلك في الجهاز البولي”.
أما قرية “آل بو جنح” على طريق القضاء القديم فسجلت إصابات عديدة بلدغة الأفاعي أبرزها أسفرت عن وفيّات بين الأطفال بأعمار مختلفة، كانت آخرها الطفلة نور مشتاق وعمرها أربع سنوات، إذ عضتها أفعى عندما كانت تلعب في الحقل القريب من منزلها.
ويقول عمها عبدالإله جبار “لم يستطع جسدها الذابل مقاومة السم الفتاّك، فقد أنهكها النزيف الذي عانت منه ولم تسعفها الإجراءات في مستشفى بنت الهدى ففارقت الحياة بعد ثلاثة أيام”.
ويعزو حيدر عزيز القائم مقام القضاء ازدياد نشاط الأفاعي إلى شحة المياه والتصحّر الذي أصاب المنطقة، ويقول إنه “تم تسجيل بين 6 و9 إصابات شهريا خلال موسم الصيف الماضي”.
عزيز الذي دعا الجهات المعنية إلى إيجاد حلول حقيقية لمكافحة الأفاعي قال “إن المركز الصحي الوحيد في القضاء يفتقر إلى الأمصال العلاجية، وإن أغلب المصابين ينقلون إلى مركز المحافظة الذي يبعد 25 كلم، ما يشكل خطورة على حياتهم ويرهق عائلاتهم خلال رحلة العلاج التي قد تطول”.
ومع ضعف إجراءات الحكومتين المركزية والمحلية قي مواجهة اجتياح الأفاعي قرى قضاء سيد دخيل، انبرى عدد من النشطاء المدنيين لقيادة حملة شعبية منذ منتصف 2014 لمكافحة الأفاعي السامّة في تلك المناطق.
ويقول الناشط حسن الطائي “بدأنا الحملة التطوّعية بإمكانات بسيطة وبمعدات مصنّعة محليا تم تطويرها بمشاركة أهالي قضاء سيد دخيل، كما تمكنا من الحصول على بعض المستلزمات الضرورية كالماسكات والكفوف والأحذية الواقية والمناشير الكهربائية لقطع الأدغال والأشجار المتيبّسة، كما كثفنا الخروج ليلا حيث تمكّنا من الإمساك بـ 370 أفعى مختلفة الأنواع خلال عام واحد، فيما زودنا مختبرات جامعة ذي قار العلمية بأصناف من الأفاعي لدراستها والتوصل إلى حلول جذرية للتخلص منها”.
لكن مشكلة الأفاعي التي يصفها محسن عزيز مدير دائرة البيئة بـ “الكبيرة” تواجه بعجز مالي، وهو يؤكد أن “الدوائر المعنية لم تتمكن من توفير الأمصال والعلاجات اللازمة والمبيدات لمكافحة الأفاعي بسبب عدم توفر الأموال الكافية".
أعداد الإصابات ارتفعت في الفترة من مارس حتى سبتمبر إلى أكثر من 44 حالة، وهو رقم لا يشمل الكثير من المصابين الذين تفضّل عائلاتهم نقلهم إلى المستشفيات الأهلية لتلقي العلاج.

1