القاهرة - أصبحت موسيقى الزار التي طالما ارتبطت في أذهان الكثيرين في مصر بالشعوذة والجن، مهددة بالانقراض لكن المصريين تمكنوا من الحفاظ على هذا النوع من الفن.في أزقة ضيقة وسط القاهرة احتشد كثيرون في المركز المصري للثقافة والفنون “مكان” لإعادة اكتشاف أحد الأشكال الفنية المصرية المنسية والتي يُساء فهمها في بعض الأحيان.إنه “الزار” الذي يُقام لعلاج أناس بطقوس خاصة تشمل رقصا ودقا على دفوف يتمايل على صوتها المشاركون فيه يمينا ويسارا إلى أن يصلوا إلى حالة تشبه الغيبوبة. هو تقليد قديم يعود إلى قرون مضت ويقام في مصر والـــسودان والـــصومال وجــنوب إيران.وعادة ما كان يُنظر إلى الزار في مصر باعتباره وسيلة لطرد الأرواح الشريرة بهدف تخليص النفس البشرية من الشياطين.وبدأ الزار في ما مضى كممارسة دينية ثم سرعان ما تطور إلى شكل ثقافي بصعيد مصر. وينظر إليه حاليا على أنه أحد أنواع العلاج الذي يُلهم الانسجام والسلام مع النفس.
وقال رأفت فراج عضو فرقة مزاهر للموسيقى الشعبية وفنون الزار، وهي واحدة من الفرق القليلة التي تقدم فن الزار في مصر، إن الزار ليس كأي شيء آخر.وأضاف فراج: “يعني نفس فكرة مزاهر تقام كل سنة (إقامة شخص ما لزار). كل من يقيم الزار يرتاح نفسانيا. طبعا الشفاء أولا وأخيرا بيد الله سبحانه وتعالى، لكن حالة الناس النفسية هي التي تحتاج إلى إقامة تلك الطقوس التي تعودوا على إحيائها نظرا إلى قيمتها الروحية".ورغم الصورة السلبية التي ساهمت في رسمها الأفلام السينمائية والدراما التلفزيونية في مصر للزار، فإن فرقة مزاهر تحاول إخراج فن الزار من السر إلى العلن، حيث كانت تقام حفلات الزار غالبا في الخفاء خوفا من وصم من يقيمونها بالدجل والشعوذة وما إلى ذلك.وتسافر الفرقة في أنحاء أوروبا لتقديم عروضها. وتشارك الفنانة النوبية مجيهة، وهي من جنوب مصر، في تقديم عروض الفرقة منذ زمن، وتقول إن فن الزار يحتاج إلى الانتشار كأحد التقاليد المصرية القديمة والفنون القليلة التي تلعب فيها المرأة دورا قياديا.وأضافت كبيرة فناني فرقة مزاهر “الزار موسيقى روحانية رائعة ومريحة لأي حالة نفسية، والناس يحبونها".
أما أدوات الزار وآلاته فتتمثل أساسا في الطبول والمزمار والصاجات والطنبورة التي تشبه الغيتار، والطنجور وهو حزام به حوافر دواب يصدر أصواتا مميزة عند تحريكه، وآلة الأرغول.واستضاف المركز المصري للثقافة والفنون “مكان”، الذي يعد الأول في مصر للحفاظ على الفولكلور المصري في هيئة حفلات، فرقة “مزاهر” التي أقامت زارا يوم الخميس 7 أغسطس الجاري، حيث امتلأ المركز بأناس غلب عليهم الشباب المتحمسون.
وقالت امرأة من الجمهور تدعى أمينة “أنا أحب العرض، لأن كل ما يقدم فيه محلي، وهو ما نفتقده اليوم في أنواع كثيرة من الفنون. فالفن المــصري الشعبي تحــول اليوم ثلاثة أرباعه موسيقى إلكترونية غربية.ولا يزال تاريخ الزار في أغلبه غامضا، لكن الكثير من التقارير تذكر أنه نشأ في أفريقيا، وهي رواية ربما تدعمها شعبيته بين أهل منطقة النوبة المصرية القريبة من حدود السودان.كما يعتبر الزار من الأشكال الموسيقية القليلة التي تحتل فيها المرأة دورا أساسيا. وتعود أهميته الفنية إلى كونه من الفنون التي عاشت بعيداً عن عمليات التأثير والتأثر، نظرا إلى محاصرة المجتمع والدولة لها، فاحتفظت بخصوصيتها وأصولها القديمة التي قد تعود إلى العصور المصرية الغابرة.والزار في مصر ينقسم إلى ثلاثة أنواع: الزار المصري أو الصعيدي وزار أبو الغيط، والزار السوداني أو الأفريقي.
دفوف الزار في مصر تدق علنا إحياء للتراث !!
16.08.2014