أحدث الأخبار
الجمعة 22 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41134
“الإطارات”..مدرسة فلسطينية في مرمى الاستيطان!!
02.03.2014

في الطريق نحو البحر الميت، بين جبال قحطاء، تترامى تجمعات لبنايات، شيد بعضها من الصفيح والآخر من الخيام.البنايات البسيطة شيدها فلسطينيون بدو وسط عدد من المستوطنات الإسرائيلية.للوهلة الأولى، لا يوجد ما يشير إلى أن منطقة كهذه تضم مدرسة يتلقى فيها طلبة العلم دروسهم، لكن الواقع أن 125 طالبا دأبوا على التردد يوميا، في ظروف صعبة، على مدرسة “الخان الأحمر” أو ما يعرف بمدرسة “الإطارات”.اكتسبت المدرسة المهددة منذ تأسيسها بالهدم، من قبل الجيش الإسرائيلي، بحجة البناء دون ترخيص، اسمها (الإطارات) من طريقة بناء جدرانها المشيدة من إطارات المركبات، إضافة إلى التراب الممزوج بالماء، وأسقفها من الصفيح المزود بعوازل للحرارة والبرد، وأرضياتها الخشبية.وكون المنطقة التى بنيت بها المدرسة تقع في المناطق المصنفة “ج”، حيث يمنع الفلسطينيون من البناء الإسمنتي فيها، لجأ فلسطينيون لهذه الطريقة في تشييد مدرستهم.والمنطقة “ج”، بحسب اتفاق أوسلو الموقع بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل عام 1993، يشمل المناطق التي تقع تحت السيطرة الكاملة للحكومة الإسرائيلية، وتشكل 61% من المساحة الكلية للضفة الغربية.
وتقع المدرسة إلى الشرق من مستوطنة معالية أدوميم الاسرائيلية، شرقي القدس، إحدى أكبر مستوطنات الضفة الغربية، وعلى أراضي المشروع الاستيطاني الإسرائيلي الكبير والمعروف باسم “E1 “، والذي يهدف إلى ربط المستوطنة بالقدس الغربية.والمنطقة E1، هي منطقة واقعة بالضفة الغربية، وتبلغ مساحتها نحو 12 كيلومتراً مربعاً، وهى إحدى المناطق التى قررت الحكومة الإسرائيلية بناء المستوطنات فيها.وبحسب الفلسطينيين، يهدف المشروع الاستيلاء على 12 ألف دونم تمتد من أراضي القدس الشرقية حتى البحر الميت، بهدف تفريغ المنطقة من أي تواجد فلسطيني، كجزء من مشروع لفصل جنوب الضفة عن وسطها. وتفتقر كما كل التجمعات البدوية في المنطقة للكهرباء، لكن صفوفها مضاءة بواسطة الطاقة الشمسية.
تحدث عبد الله عمر للأناضول، وهو يركل الطابة على ملعب ترابي: ” نحتاج لملعب، نحتاج أن نتعلم ونستمتع بوقتنا كما باقي الطلبة في أي مكان في العالم”، وأضاف “نخشى من هدم الجيش لمدرستنا، فهذه المدرسة هى كل ما نملك”.وشيدت المدرسة عام 2009، بحسب حليمة الزحايكة، مديرة المدرسة، وتضم في جنابتها 125 طالبا وطالبة، ينتظمون في ثمانية فصول دراسية.قالت حليمة للأناضول، استطاع السكان تشييد المدرسة بدعم من مؤسسات أوروبية، بالرغم من إصدار الجانب الإسرائيلي عدة أوامر بإيقاف العمل فيها، مشيرة إلى أنها معرضة للهدم، وتتداول المحكمة العليا الإسرائيلية قضيتها.وأضافت أنه “من المفترض أن يعقد جلسة خاصة بها في منتصف أبريل/ نيسان القادم.”وتخشى حليمة كما الطلبة من قرار هدم المدرسة، لافتة إلى أن أي قرار بهدمها سيكون كارثيا، وقد يؤدي إلى تسرب الطلبة من المدارس، وحرمانهم من حقهم في التعليم.
وتفتقر المدرسة حسب مديرتها لأجهزة حاسوب ومختبرات، وساحات، ومكتبات، وتقول “هنا التدريس يتم بطرق بدائية”.قال الطالب أحمد أبو داهوق، في الصف الثامن، للأناضول: “أخشى من هدم كل ما بنيته، في حال هدم المدرسة”.وأضاف: “هذه المدرسة حققت لي حلمي بالدراسة، وهدمها يعني هدم كل ما بنيته في نفسي”. على حد وصفه.ويأمل أبو داهوق استكمال حياته الدراسية والجامعية، لافتا إلى أن هدم المدرسة سيؤدي به وبزملائه نحو مهن حرفية.ويتلقى الطلبة دروسهم حتى الصف الثامن في المدرسة، ثم ينتقلون للدراسة في مدارس مدينة أريحا التي تبعد عنهم نحو 7 كيلو متر، مما يدفع غالبيتهم للتسرب من الدراسة والالتحاق بسوق العمل.وفي ساحة المدرسة، تتناول فتيات صغار طعام الإفطار في الفسحة المدرسية، ويمارس طلبة رياضتهم المفضلة بتسلق الغرف الصفية والقفز من عليها، بينما تشير مدرسات قطعن مسافات طويلة للوصول إلى الحي إليهم للحفاظ على النظام، تقول إحداهن ” حياة البدو كلها نشاط، وهم طيبون، ويرغبون بالتعلم”.وتخدم المدرسة خمسة تجمعات بدوية، في منطقة الخان الأحمر البدوي الذي يسكنه عرب الجهالين الذين يعتمدون على تربية المواشي، ويسكنون في بيوت من الصفيح والخيم.وكان فلسطينيون يعرفون بـ”عرب الجهالين” قد هُجروا عقب ما ييسمى بـ “نكبة عام 1948″ من أراضيهم في النقب (جنوب البلاد) وتحديداً من منطقة تل عراد، واستقر بهم الحال منذ ذلك الحين في منطقة الخان الأحمر، التي تعتبر عمقاً استراتيجياً لمدينة القدس من الناحية الشرقية.
وتقول مدرسة اللغة الانجليزية في المدرسة نيفين طينة: “احتاج يوميا لقطع مسافة كبيرة للوصول للمدرسة، أتكبد العناء من أجل أطفال يحتاجون التعليم”.وتشاطرها زميلتها دعاء رائد ذات الرأي بقولها “احتاج يوميا نحو ساعتين للوصول إلى المدرسة، متنقلة عبر عدة مواصلات، فقط كوني احمل رسالة لهؤلاء الطلبة، الذين يفتقدون الكثير”.وتوضح دعاء الموظفة حديثا بوزارة التربية والتعليم “اسلك طرق ترابية وأخرى للمستوطنين، أتعرض خلالها للأذى والمضايقات من قبل المستوطنين، قائلة “ذات مرة، أوقف مستوطن مركبته، وشتمني”.وتضيف “في أول يوم لم استوعب أنني سأعمل هنا، بيئة لم أعرفها من قبل، طلبة لا يشبهون أحدا، لكن الواجب الوطني والأخلاقي يجبرني على تقديم كل ما لدي”.بالقرب من المدرسة والتجمع البدوي، يمر شارع عام يربط مستوطنات البحر الميت بمدينة القدس، وعلى قمم الجبال مستوطنات، مجهزة بكل الاحتياجات.ويسكن في الأغوار الفلسطينية نحو 10 آلاف فلسطيني في بيوت من الصفيح وخيام، وتمنعهم إسرائيل من تشييد المنازل، ويعتمدون في حياتهم على تربية المواشي والزراعة.وتنظر إسرائيل إلى هذه المنطقة كمحمية أمنية واقتصادية، وتردد أنها تريد أن تحتفظ بالوجود الأمني فيها ضمن أي حل مع الفلسطينيين، لكن الفلسطينيين يقولون إنهم لن يبنوا دولتهم من دون الأغوار.

1