تقرير : أسامة الكحلوت غزة ..بطبيعته الفلسطيني ملاحق أينما وجد في العالم بتهمة انه فلسطيني وخاصة في الدول العربية ، فطبيعة الشعب الفلسطيني مرتبطة بمقاومة الاحتلال وبرأيهم ينعكس ذلك على الفلسطيني في حياته اليومية أينما وجد في العالم سواء عربيا أو غربيا.كلمة " فلسطيني " تجعلك دائما الحلقة الأضعف أمام اى أشخاص يشاركونك نفس العمل أو التهمة ، لأنه الشعب الفلسطيني قدره أن يكون في المحن دائما. " ذل فقر تشريد اهانة " كلمات تلخص حياة المواطن يوسف السواركة " 30 عاما " ، سواء خلال معيشته في مصر برفقة والدته أو عودته لغزة أملا منه بحياة كريمة بين أهله وأقاربه ، لكنه وجد المصير نفسه. ويبدأ تفاصيل بداية حياته قائلا "ولدت في غزة واحمل الهوية الفلسطينية بداية الثمانينات ، وفى عام 1982 اصطحبتنا والدتي أنا واختى معها لزيارة أهلها في مصر ، وطالت الزيارة فترة طويلة وتم ترسيم الحدود بين قطاع غزة ومصر خلال تواجدنا هناك ، وحين عودتنا لغزة رفض الاحتلال عودتنا للقطاع ".وأضاف " اضطررنا للبقاء في مصر وبصعوبة حصلت على وثيقة لضمان بقائي بأمان في مصر ، ورفضوا التحاقي بالمدارس لاننى احمل الهوية الفلسطينية ،فعملت في العديد من المجالات مثل البناء والطوبار والتجارة ، وتزوجت هناك واستأجرت منزلا خاصا لي في منطقة الشيخ زويد وأقمت فيه بعد وفاة والدتي أواخر التسعينات "
حياة صعبة عاشها يوسف مرغما بعيدا عن وطنه ، ولكنه فضل أن يسكن في اقرب منطقة مصرية تكون قريبة لوطنه الأم غزة ، ولم يدرك أن السكن في هذه المنطقة سيضعه في دائرة الخطر لأنه فلسطيني ويحمل الهوية الفلسطينية ويسكن في منطقة خصبة لتحركات الخلايا الجهادية.وعاش حياته مضطهدا وجاءت اللحظة التي غيرت حياته في مصر والتي جعلته ينتظر اللحظات ليعود لغزة بكافة الطرق، ويسرد تفاصيل بداية اعتقاله لدى الحكومة المصرية قائلا " بعد تفجيرات طابا تم اعتقالي أنا والمئات من الفلسطينيين المقيمين في العريش والشيخ زويد ، ومكثت في السجن ستة أشهر لاننى احمل الهوية الفلسطينية ، وتعرضت للتعذيب على مدار الساعة بتهمة تنفيذ تفجيرات طابا ، وتم الإفراج عنى بعد قضاء الستة أشهر "
ويتابع " تم اعتقالنا في فصل الخريف وكان يتم تعريتنا على مدار الساعة ويكون التعذيب على أماكن حساسة في الجسم ، وبعد خروجي من السجن ما زلت أعانى من تعذيبه بكسور في اليد والزر في منطقة الحوض ، وليس بامكانى ألان ممارسة اى عمل نتيجة اصابتى في يدي والحوض "ولم يستطيع يوسف رفع يده للأعلى أو تحريك مصباح الإنارة في بيته نتيجة التعذيب الذي لازمه تبعاته حتى ألان ، وتقوم زوجته المصرية بإصلاح ما يمكن إصلاحه في المنزل .وقرر يوسف من لحظة خروجه من السجن أن مصر لا تناسبه للعيش بعد الظروف الصعبة التي شاهدها خلال فترة إقامته وقرر العودة لغزة.وفى عام 2004 حصلت المعجزة لأول مرة في التاريخ الفلسطيني المصري يفتح السياج الفاصل بين البلدين ، وذهب المواطنين للتسوق وشراء الطعام من العريش بعد فترة حصار بداية الانتفاضة الثانية ، وأغلق السياج بعد 7 أيام من فتحه ، واستغل يوسف هذه الفرصة وعاد إلى غزة مصطحبا زوجته بدون اى متعة أو مكان معين يتوجه إليه سوى بعض الأقارب.
واستضافه أقاربه شمال قطاع غزة وسكن في ارض حكومية في "عشه " مساحتها أربع أمتار هو وزوجته ، وبعد استقراره جزئيا في هذه البقعة أنجب أطفاله الأربعة عبير " 7 سنوات " ياسمين " 5 سنوات " عمر "3 سنوات " ويحيى عام واحد .ولم يتمكن يوسف من العمل ولا الحصول على فرصة عمل طوال فترة إقامته وبدأت الحياة تضييق عليه وعلى أبنائه وبدأ بالشعور بالغربة والفقر والذل والهوان في غزة ، ولم يتوقع أن تكون بلده بهذه القساوة.وكان السبب الرئيسي لهروبه من مصر هو الفقر والتشريد والغربة ، لكنه وجد نفس الشعور بغزة إلى أن قابله احد الأصدقاء وابلغه أن احد أصدقائه له بيت صغير في ارض كبيرة شمال القطاع وسيقوم بمحاولة إقناعه بان يسكن فيها مؤقتا "ويتحدث عن ذلك قائلا " وافق صاحب البيت مشكورا بان اقطن في غرفة داخل أرضه بمقابل أن أقوم بحراسة أرضه والمحافظة عليها ، وما زلت اسكن منذ عام 2008 في هذا البيت حتى هذه اللحظة ، ولكن صاحب المنزل ابلغني بضرورة البحث عن بيت بديل لي والخروج من الغرفة نهاية فصل الشتاء الحالي رغبة منه ببناء البيت "ومن هنا بدأت معاناة يوسف من جديد حيث لا مكان بديل للعيش فيه ، والمعاناة الأكبر انه تم كتابة صفة مواطن على هويته بدل لاجئ مما سبب له فقرا أكثر وعدم حصوله على مساعدات من الاونروا أو مكاتب العمل الحكومية أيضا .
ويضطر يوسف للبقاء بجانب أسرته من قبل أذان المغرب حتى صباح اليوم التالي نظرا لانعدام السكان في المنطقة التي يعيش فيها وخوفا من دخول قوات خاصة ليلا إلى منطقته نظرا لقرب الحدود الشمالية من منزله . ومنذ لحظة دخولنا منزله ابلغني انه سيقوم بتجهيز الشاي بإشعال الحطب والنار تحت الموقد ، ويشرح أهمية وجود الحطب في منزله قائلا " انقطع الغاز من منزلي منذ ما يقارب 5 أشهر ، وحياتنا ترتكز على الحطب والنار كركن اساسى في المنزل ، وأعيش في غرفة واحدة متهالكة نتيجة تشقق الجدران وهطول الإمطار علينا إثناء نومنا داخل الغرفة أنا واطفالى ، ويوجد في الأرض المجاورة لي العشرات من الثعابين السامة التي هربت منها عدة مرات ونجيت من لدغاتها "ويسرح قليلا في حياته التي لم ترتسم لها اى معالم جميلة حتى ألان ويقول " ما أصعب أن يطلب منى اطفالى حاجيات يشاهدونها بيد أطفال غيرهم ولم أتمكن من شرائها ، أتمنى الموت قبل أن ينطق ابنائى طلباتهم للمرة الثانية والثالثة "ويطالب يوسف الحكومة وأهل الخير بمساعدته بعيشة كريمة له ولأطفاله ، بعد أن ضاقت كافة المحاولات في وجهه وستزداد سواء في الأيام المقبلة.
يوسف السواركة : هرب من الفقر في مصر فعاش الفقر والتشرد في غزة!!
27.01.2014