الرباط.. سارة آيت خارصة ..تحظى الإبل عند بدو الصحراء في المغرب بمكانة خاصة، وتحيطها عاداتهم، وطقوسهم الاجتماعية بهالة تقدير، واعتزاز، فليست هي الراحلة التي تنقل عليها المؤن، أو يستخدمها الناس في حلهم وترحالهم فقط، بل إن بدو الصحراء يرون في الابل، رمزا للمفاخرة، ودليلا على علو المكانة داخل القبيلة، يقيمون من أجلها المواسم، ويسرحون في الفلاة ساعات طوال بحثا لها عن مرعى أو مشرب.فحياة قبائل بدو الصحراء في المغرب، كما هو حال سائر قاطني أراضي الصحراء الأفريقية الكبرى ترتبط بشكل وثيق، بما تملكه القبيلة من رؤس النوق والبعير؛ فهي التي تُحدد مواقع إقامتها، ومواضع نصب خيامها، إذا ما توفرت في منطقة ما مراعي لقطيعها.
وفي مواسم أعراسها تهدى الإبل مهورا للنساء، وتعتليها العروس وقد تزينت وتخفت في هودج، تحمله البعير على ظهورها، مرفوقة بالزغاريد، والرقصات الشعبية الصحراوية في مقدمتها ”رقصة الكدرة”، كما تذبح النوق ترحيبا بضيف عزيز.إبل الصحراء، تعدها القبائل رأس مال تحرك بها سوق تجارتها، وفي الليل وبعد يوم طويل من المرعى، وحين يبدأ البدو في إشعال النار بالقرب من خيامهم وتعود الإبل إلى مباركها (مكان نومها)، يتسامر الشعراء الصحراويين في نظم أبيات الشعر التي لا تخلو من مدح للإبل وتغني بها.وفي عدد من مدن الصحراء بالمغرب، تقام مواسم خاصة تحتفي بالإبل كرمز لإنسان الصحراء؛ فمدينة طنطان (وسط غرب)، تحيي كل عام، أحد أشهر مواسم الصحراء، حيث تنظم مسابقة رسمية لسباق الهجن، وسط مضمار صحراوي، كان لمئات السنين ملتقى التقاء القوافل التجارية، ومجمعا للقبائل تتداول فيه ما استجد من شؤونها، وتستقدم كل قبيلة أسرع إبلها، وأمهر فرسانها لتباري باقي فرق القبائل، ومتى ظفرت إحداهن بلقب السباق، زاد ذلك من حظوتها بين نظيراتها، فالإبل وسيلة يثبث بها الصحراوي قدراته، ويفرض بها نفسه بين أقرانه.وفي وسط مجتمع الصحراء المغلق، الذي يتحدد تعريف الفرد داخله بانتمائه القبلي، وبدرجة ارتباط نسبه بالفرع الأول من شجرة القبيلة، تصبح قطعان الإبل مدعاة للمفاخرة، والمباهاة بين أفراد القبيلة الواحدة، وبينها وبين سائر جيرانها من القبائل الأخرى.وتكتسي الإبل في بعض مجتمعات الصحراء أهمية نوعية، خاصة لدى قبائل الطوارق المعروفة بتنقلها الدائم؛ فيصبح الجمل أنيس المرتحل ورفيقه، ويقطع مساحات شاسعة من الأراضي التي غالبا لا تخضع لمراقبة أو حراسة.وحول الإبل تدور عدد من القصص، والأساطير القديمة، فبعض القبائل تعلق التمائم على أعناق النوق، التي يعتقد أصحابها أنها ذات منظر بهي، حفظا لها من كل سوء ومن عيون الحسادين.
الإبل في صحراء المغرب.. رمز للمباهاة وأنيسا في الفلاة!!
18.01.2014