أحدث الأخبار
الخميس 21 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41134
شح الأمطار في الجزائر يفرض البحث عن حلول عاجلة!!
08.05.2023

الجزائر ـ دخلت السلطات الجزائرية في سباق مع الزمن لتوفير بديل لمياه الأمطار بعد تسجيل شح للسماء هذا الشتاء وتجدد شبح الجفاف الذي تعيشه البلاد خلال السنوات الأخيرة، إذ تعول الحكومة على تدابير استعجالية مؤقتة لإنقاذ الزراعة ومحطات التحلية كبديل دائم.وبعد بداية مبشرة للشتاء بتساقط أمطار بكميات كبيرة وثلوج على المناطق الشمالية، شهدت الجزائر احتباسا مطريا استمر منذ مطلع مارس الماضي ما أثّر على احتياطات السدود والمياه الجوفية والمحاصيل الزراعية على حد سواء.وتقول السلطات إن مناطق غرب البلاد ووسطها هي الأكثر تضررا جراء الجفاف بينما كان الضرر أقل بمناطق الشمال الشرقي.
ويعد الوضع هذا العام استمرارا لظاهرة جفاف تعيشها البلاد منذ 3 سنوات، تسببت في تراجع مستويات السدود والمياه الجوفية وحتى الينابيع.وتعتمد الجزائر على مياه الأمطار بشكل كبير في قطاعها الزراعي وخاصة زراعة الحبوب بمناطق شمالي البلاد.ولم تعلن السلطات إلى حد الآن حالة الجفاف بالبلاد خلال الموسم الحالي، لكن الحكومة أعلنت يوم الأربعاء خلال اجتماعها الأسبوعي عن حزمة تدابير لمواجهة هذا الوضع المناخي والذي وصفته بـ”الشح المائي”.وجاء في بيان لها أن وزيري الفلاحة عبدالحفيظ هني والري طه دربال قدما عرضا مشتركا حول التدابير المتخذة لمعالجة آثار الشح المائي على المساحات الفلاحية والتزود بالمياه الصالحة للشرب.
ووفق نفس المصدر فإنه تقرر وضع “تدابير استعجالية لفائدة الفلاحين لاسيما عن طريق اللجوء إلى الري التكميلي وحفر الآبار مع استعمال أنظمة السقي المقتصدة للمياه والتي توفّر نسبة تصل إلى 70 في المئة من هذا المورد المائي وتسمح بالحصول على نتائج أفضل”.كما أعلنت الحكومة عن برنامج استعجالي للتزويد بالماء الصالح للشرب والتدابير المتخذة لمعالجة آثار الشح المائي على مستوى عدة محافظات خلال السنة الجارية. وأوضحت أنها درست مدى تقدم المشاريع الجاري تنفيذها قصد ضمان الأمن المائي على المدى القصير والمتوسط دون تفصيل حول طبيعتها.
تمتلك الجزائر 85 سدا مستغلا إضافة إلى 15 محطة لتحلية مياه البحر بولايات ساحلية، تستعمل لتزويد السكان بماء الشرب، لكنها لم تعد كافية في ظل الوضع المناخي الجديد.وحول الحلول المتاحة لمواجهة ثلاثي “الجفاف والتصحر وندرة المياه” يرى رئيس النادي الجزائري للمخاطر الكبرى (مستقل) عبدالكريم شلغوم أن 90 في المئة من مساحة البلاد عبارة عن صحراء ما يجعلها عرضة لثلاثي الجفاف والتصحر وندرة المياه.وأوضح شلغوم أنه إضافة إلى محطات تحلية مياه البحر التي تعتبر مكلفة جدا، هناك حلول متاحة يمكن تجسيدها بأقل تكلفة للتقليل من وطأة الجفاف سواء لمياه الشرب أو الزراعة والصناعة.وذكر شلغوم أن خيار محطات تحلية مياه البحر يعتبر مرتفع التكلفة ويغطي فقط المناطق الساحلية والقريبة منها بينما الجزائر هي بلد شاسع.ووفقه فإن نادي المخاطر الكبرى اقترح جملة من الحلول أبرزها تحويل المياه الجوفية الذي تتوفر الجزائر على احتياطات مؤكدة منها في الجنوب تغطي مليون سنة من الاستهلاك.وعلق بالقول “حل المياه الجوفية أولا يشمل الصحراء وشمالها (منطقة الواحات) والهضاب العليا (سهول شاسعة بين الشريط الساحلي والصحراء تمتد من الحدود التونسية إلى المغربية)”.
وأضاف “هناك دراسات ثابتة ومؤكدة تشير إلى وجود احتياطات ضخمة من المياه الجوفية العذبة ليست مالحة توجه للاستهلاك مباشرة تكفي لتغطية مليون سنة من الاستهلاك ويجب وضع إستراتيجية لاستغلالها”.
أما الحل الثاني المتاح وفق شلغوم فيتمثل في تنقية السدود من الوحل بعد أن تراجع منسوب عدد منها وجف الآخر تماما.
وأشار إلى أن الوحل يمثل ما نسبته 50 في المئة من قدرات تخزين السدود وقد حان الوقت لتنقيتها وبالتالي الرفع من قدرات التخزين مستقبلا، إضافة إلى تشجير محيطاتها ومجاري الأودية التي تصب فيها بأنواع معينة من الأشجار تمنع انتقال الأتربة.وبخصوص سقي المحاصيل الزراعية، يعتقد شلغوم أن الحل المتاح وبأقل تكلفة هو تصفية المياه المستعملة (الصرف) عبر تعميم محطات التصفية.وذكر المتحدث أن محطات تصفية مياه الصرف تقل
من جهة أخرى توقع الخبير بشؤون الزراعة أحمد ملحة أن يكون مردود الحبوب ومنتجات الأعلاف متدنيا هذه السنة بالنظر إلى الجفاف الذي خيم على مناطق واسعة من البلاد.وأوضح الخبير ملحة في حديث لـ”الأناضول” أن هذا العام تميز بقلة سقوط الأمطار وبعضها تساقطت في غير وقتها مما سيؤثر مباشرة على المحاصيل الزراعية خاصة الحبوب، التي تعتمد بشكل واسع على الزراعة المطرية وليس عن طريق الري.وعلق بالقول “في الصحراء يتم استعمال الري المحوري لكن في الشمال الاعتماد على الزراعة المطرية خصوصا ما سيؤثر على إنتاج الحبوب والأعلاف وسيكون المردود متدنيا”.ويعتقد المتحدث أن الجزائر وجب عليها التكيف مع هذه الظاهرة ولا بد من وضع مورد الماء في قلب المعركة من أجل الاكتفاء الذاتي.ووفقه فإن الخيارات والحلول متعددة ومنها استرجاع مياه الصرف وتصفيتها لاستعمالها في الزراعة، وبناء سدود جديدة وحواجز تعمل على جمع مياه الصيف الموسمية التي تكون تساقطات قوية (العواصف الرعدية)، إضافة إلى تحلية مياه البحر الذي هو خيار إستراتيجي.ودعا ملحة إلى ضرورة استغلال مخزونات المياه الجوفية الضخمة بصحراء البلاد، والتي تعد من بين الأكبر في العالم.وقال “يمكن استغلال هذه المخزونات لآلاف السنين وقد حان الوقت لجلبها إلى شمال الصحراء ومنطقة الهضاب العليا واستعمالها جزئيا وليس كليا وأن تستعمل بطريقة اقتصادية”.وعلق بالقول “هو خيار إستراتيجي ويمكن أن يستعمل لري الحبوب والأعلاف ودعم الثروة الحيوانية لتوفير اللحوم والحليب”.

1