أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41134
نار الحطب فاكهة الشتاء في غزة!!
15.01.2023

غزة (فلسطين) – في أحد أقدم أحياء مدينة غزة، تجمع سعدية الملالحة فروع الأشجار الجافة التي تجدها على جانب الطريق ثم ترص الكومة في حرص وتحملها على رأسها عائدة إلى المنزل كي تشعل النار وتطهو الطعام لطفليها.
ولجأ سكان قطاع غزة إلى جمع وشراء الحطب لاستخدامه في التدفئة المنزلية كبديل يعوضهم عن غياب وسائل التدفئة التي تعمل بالطاقة الكهربائية أو الوقود.
ويزداد الشتاء قسوة عاما بعد آخر، ويدفع الارتفاع الحاد في أسعار الغاز وتكرار انقطاع التيار الكهربائي الكثير من سكان غزة للجوء على نحو متزايد إلى الحطب الذي يقول الخبراء إنه قد يضر بالبيئة مع تزايد عملية التحطيب.
وقالت سعدية (43 عاما) وهي تجلس أمام حفرة أشعلت فيها النار أمام منزلها “نحن نستخدم النار لأنه ليس لنا دخل يمكننا من تحمل تكاليف الغاز سوى جمع الحطب وإشعاله لنطبخ ونطعم أولادنا”.
وبسبب زيادة الطلب اتجه سمير حجي وأبناؤه الثلاثة لقطع الأخشاب وبيع الحطب في قطاع غزة الساحلي الضيق الذي يقطنه نحو 2.3 مليون نسمة وتفرض عليه إسرائيل حصارا محكما بينما تشدد مصر الإجراءات على الحدود معه.
وقال حجي (55 عاما)، الشرطي السابق، وهو يقف بجوار أكوام من خشب أشجار الزيتون “هناك إقبال جيد على الحطب وكل ما ازداد البرد مع انقطاع الكهرباء الذي يصل إلى ثماني ساعات في اليوم يزداد الإقبال علينا لأن الناس مجبرون على تدفئة البيت حتى لا يمرض الأطفال في الشتاء”.
ويصل سعر الكيلوغرام الواحد من الحطب إلى شيكل (0.28 دولار) وتحتاج بعض الأسر إلى كمية كبيرة كل شتاء وبعضهم يجمعه من الشوارع. أما كلفة ملء أسطوانة غاز طهي سعتها 12 لترا فبلغت 72 شيكل (20.5 دولار) في 2022 من 63 شيكل (18 دولارا) قبل عام.
وأوضح حجي “الحطب الأخضر سعره بمئة دولار (350 شيكل) والحطب الجاف يبلغ سعره تقريبا 700 شيكل أو 600، أما حطب شجرة البرتقال فيبلغ سعره الألف شيكل”.
وأضاف “النار فاكهة الشتاء، نحن تعودنا على إشعال النار في الشتاء وأنا أدخر بالبيت حطبا يكفيني كل الشتاء”.
وقال التاجر بشير كركز إنه يجد صعوبات كبيرة في تلبية طلبات الزبائن رغم أنه قام بتخزين كميات كبيرة قبل بداية موجة البرد، و”لكنها سرعان ما نفدت بسبب الطلب الكبير عليها”.
وعزا ارتفاع الطلب إلى عدة أسباب منها تراجع ساعات وصل التيار الكهربائي وأزمة غاز الطهي والبرد الشديد.
وأوضح أن نوعية وجودة الأخشاب لم تعد تهم المواطنين لعدم توفر الأنواع الجيدة منها في الأسواق ولارتفاع أسعار ما توفر منها بشكل كبير جداً.
ولم تمنع الحوادث المفجعة التي تسببت بها مواقد الفحم كل فصل شتاء المواطن إبراهيم صالح من إشعال موقد داخل منزله لفترات طويلة.
وعزا ذلك إلى عدم قدرته وعائلته على تحمل تداعيات البرد وعدم توفر التيار الكهربائي اللازم لتشغيل المدافئ الكهربائية بشكل متواصل.
وقال “أحرص قدر المستطاع على تهوية المنزل وتوفير الأكسجين والهواء النقي للحفاظ على حياة الأسرة بالتوازي مع توفير الحد الأدنى من الدفء”.
ولم يكن الإقدام على استخدام الفحم بالأمر السهل مادياً على كثير من المواطنين بسبب ارتفاع سعره، حيث تحتاج الأسرة إلى نحو 2 كيلوغرام في اليوم لتوفير الحد الأدنى من الدفء لها.
أما استعمال السخانات الكهربائية فهو أكثر كلفة، ويشكو السكان من انقطاع الكهرباء لفترات طويلة.
لكن الخبير البيئي نزار الوحيدي وهو أيضا مسؤول سابق في وزارة الزراعة الفلسطينية، يحذر من تبعات استعمال الحطب على نطاق واسع ويقول إنه قد يضر بصحة الناس ويتسبب في أضرار بيئية.
وقال “إشعال النيران بغرض التدفئة هو البديل الذي وضعه الناس لارتفاع أسعار الغاز والمحروقات وانقطاع التيار الكهربائي لكن هذا الأمر أدى إلى حدوث مشاكل أخرى منها التلوث البيئي والتأثير السلبي في مسألة الاحتباس الحراري، فهو يساهم في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري وزيادتها”.
ويقول الحطاب خالد عبدالعال إن سبب شح الأشجار يعود إلى التوسع العمراني في الأراضي الزارعية خلال العقود الأخيرة.
ويلفت إلى أن مهنة جمع الحطب وبيعه “كانت مزدهرة في قطاع غزة قبل حوالي 30 عاماً”، فيما كان الحطابون يتنقلون بين الأراضي الفلسطينية لقطع الأشجار والحصول على خشب إضافي.
ويبيّن أنه يضطر في بعض الأحيان للتوجه إلى المناطق الحدودية لقطع الأشجار، فيما يتعرض ومن معه لإطلاق نار من قبل الجيش الإسرائيلي المتمركز على الحدود مع قطاع غزة.

1