أحدث الأخبار
الخميس 02 أيار/مايو 2024
1 2 3 41122
"الشلوخ".. عادة قبلية قديمة تشوه الوجوه تندثر في السودان!!
14.08.2022

*ممارسة قبلية قديمة كانت شائعة في أفريقيا وتعتمد على ترك جروح في الوجه، لتحديد قبيلة الشخص أو كدلالة على الجمال………….
أم مغد (السودان) - عادت القروية السودانية الثمانينية خلود مساعد بذاكرتها إلى سنوات الصغر وهي تتحسس بعض الندوب البارزة على وجهها نتيجة عادة قبلية أفريقية انتهت ممارستها في السودان.لا تزال مساعد التي تنتمي إلى قبائل “الحضرية” بالسودان تحمل ثلاثة ندوب على شكل خطوط على خديها صار لونها داكنًا بمرور الزمن.وقالت مساعد من قريتها “أم مغد” الواقعة على بعد 66 كلم جنوب العاصمة السودانية، إنها كانت في السابعة من عمرها عندما أُخِذَت “إلى رجل معروف بممارسة هذه العادة.. استخدم سكينا صغيرا”.
وأوضحت مساعد “بكيت.. قالوا لي إن ذلك من علامات الجمال”.ويعد الندب القبلي أو “الشلوخ”، كما يسمّى في السودان، ممارسة قبلية قديمة كانت شائعة في أفريقيا وتعتمد على ترك جروح في الوجه، لتحديد قبيلة الشخص أو كدلالة على الجمال.عرف السودان الشلوخ منذ القدم، خصوصاً في أقصى الشمال، ويرى مؤرخون أنها بدأت منذ عام 750 قبل الميلاد.الشلوخ تتم عادة للرجال في سن مبكرة، وتؤخر عند الإناث، حتى يبلغن العاشرة وهي علامة جمال وأنوثة لديهن
ويرجح أن الشلوخ كان علماً طبياً علاجياً، يستعمل لغايات تخفيف الألم في المنطقة المضطربة من الجسم، حيث كانوا يعتقدون أن هذه الندوب والعلامات، التي تحدثها عملية الشلخ، تحمي من أمراض العيون والصداع وأمراض الرأس، كما تسهم في استخراج الأورام، حيث أن الندب يخرج كل السموم الداخلية الموجودة في جسم الإنسان، لكن مع مرور الزمن تحولت الشلوخ إلى رمز قبلي وجمالي.وتمارس هذه العادة بين فئات اجتماعية مختلفة في السودان، حيث يُعتقد أن ما يقرب من 30 في المئة من السكان ينتمون إلى أقليات أفريقية بينما تتحدّر البقية من الأصل العربي، بحسب بيانات مجموعة حقوق الأقليات.
وتتم عملية الشلوخ عادة للرجال في سن مبكرة، وتؤخر عند الإناث، حتى يبلغن العاشرة من العمر، حيث تقام طقوس احتفالية لهذه المناسبة، بعدها يعتبر الخاضعون لتلك العملية القاسية والمؤلمة التي تستخدم فيها آلات حادة كالموس، والسكين، قد انتقلوا من طور الصبا إلى مرحلة الرجولة، وتكون البنت قد أصبحت فتاة مؤهلة للزواج، وإنجاب أبناء.
ورغم أن عملية الشلخ تخضع لمراحل قاسية، فإن الفتيات كن يتحملنها بجلد وصبر شديدين، ويترقبن مراسمها وطقوسها بفرحة عارمة، حيث تقوم امرأة معينة وبمعونة نساء قويات البنية متخصصات، بالإمساك بأذرع الفتيات، لمنعهن من المقاومة حتى انتهاء العملية. ثم يقمن بحشو القطن المبلل بالقطران في الجرح، ما يفاقم الألم ويزيده، فتصاب الفتاة بحمى شديدة، وتظل لأسابيع عدة تعاني من الآلام المبرحة، من تورم واحمرار على الخدين، وتعتبر ذات الشلوخ العريضة قديماً الأكثر جمالاً.
وبمرور السنين، اندثرت هذه الممارسة في السودان بعدما رأى العديد أنها غير صحية ولم تعد مواكبة لتطور الزمن.عادة الشلوخ تنتشر في مناطق مختلفة من القارة الأفريقية، خصوصاً لدى قبائل الأزاندي وروت مساعد أن “الناس كانوا يغنون لها (الشلوخ).. كانت لها قيمة كبيرة في الماضي”.وربما لأن مساعد عانت لمدة طويلة حتى تتصالح مع ندوبها، أبدت ارتياحاً كبيراً لانتهاء هذه الممارسة في السودان.وعندما بلغ أطفال مساعد السن المناسبة لتطبيق هذه الممارسة، رفضت السماح بأن يتحملوا الآلام نفسها.وقالت “لم آخذ أطفالي ليتم تعليمهم بالشلوخ”، مشيرة إلى اختلاف الأزمان بين جيلها وجيل أطفالها.
وعلقت “كبار السن فقط هم الذين ما زالوا يحملون هذه العلامات ولكن ليست الأجيال الشابة”.وعلى غرار مساعد، تحمل فاطمة أحمد من قبيلة الجعليين ندوبا مماثلة على وجهها.وقالت “استمر الألم أسابيع”، موضحة أنها اضطرت إلى وضع مراهم علاجية عدة لتخفيف الألم.ولطالما كافحت المجتمعات التي تعيش في المناطق الريفية النائية للحصول على الرعاية الصحية المناسبة في السودان حيث لا تزال تعاني من مرافق وبنية تحتية هشة.
أما للرجال، فتختلف الشلوخ في الغالب من خطوط صغيرة عمودية أو أفقية على الخدين إلى أشكال تشبه حرفي اللغة الإنجليزية “تي” أو “إتش”، بحسب ما قال بابكر محمد من قبيلة المحس.وقال الرجل السوداني البالغ 72 عاما، “لم يكن ذلك اختيارا.. كما لم يكن هناك مفر منه”.وأضاف، “الناس يأخذون الأطفال إلى الشخص المعروف بتعليم الوجوه ليتولى وضع علامة بحسب اسم القبيلة”.ورفض محمد، أيضا، تطبيق ممارسة الشلوخ على أطفاله.وقال “من المحتمل أن أكون من بين الجيل الأخير الذي تم تعليم وجوه المنتمين إليه في السودان”.
أما إدريس موسى من قبيلة الجعليين فيأمل في أن تختفي هذه الممارسة إلى الأبد، واصفاً إياها بأنها “تشويه وتؤذي الناس بلا سبب”.يذكر أن عادة الشلوخ تنتشر في مناطق مختلفة من القارة الأفريقية، خصوصاً لدى قبائل الأزاندي، التي تقيم في المنطقة الشمالية الشرقية من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وشمال شرق جمهورية أفريقيا الوسطى، كما يؤكد علماء الأنثروبولوجيا ودارسو الأجناس البشرية.

1