**الفيلم يتناول العديد من القضايا الرئيسية في غزة مثل حقوق المرأة والعنف الذي تتعرض له ومعاناة المرضى فضلا عن تعثر عملية إعادة الإعمار…….
غزة (فلسطين) - يتبادل سائق تاكسي أطراف الحديث مع فئات مختلفة من سكان غزة حول قضايا متعددة تلخص بعض العناوين الرئيسية لمعاناة سكان القطاع المحاصر منذ أكثر من 15 عاما.
ويتم ذلك في إطار فيلم "مشوار" الذي تبلغ مدته نحو 18 دقيقة، وأنتجته اللجنة الدولية للصليب الأحمر مؤخرا في أول تجربة من نوعها، لتقدم في قالب درامي توثيقي، صورة مصغرة لهموم سكان غزة وأبرز قضاياهم.
وتقول المتحدثة باسم الصليب الأحمر في غزة سهير زقوت، إن الشخصيات الواقعية البحتة هي أبطال فيلم مشوار لإيصال رسالة إلى المجتمع الدولي توثق تفاصيل الحياة اليومية لسكان القطاع.
وتوضح زقوت أن هدف الصليب الأحمر من الخطوة "إبراز أن غزة تعيش في عزلة شديدة منذ سنوات، وأن العالم يجب أن يرى هذه المعاناة الصامتة ووضع القطاع على أجندة الساسة حول العالم".
هدف الصليب الأحمر من إنتاج فيلم "مشوار" إبراز المعاناة الصامتة ووضع غزة على أجندة الساسة حول العالم
ويتناول الفيلم العديد من القضايا الرئيسية في القطاع مثل حقوق المرأة والعنف الذي تتعرض له، ومعاناة المرضى، ومتضرري الحروب المتتالية، فضلا عن تعثر عملية إعادة الإعمار وغيرها من القضايا التي يتم طرحها على لسان أبطالها بتلقائية.
وتشدد زقوت على "مخاطر ازدياد تفاقم المعاناة الإنسانية في قطاع غزة بفعل الأزمات المتراكمة جراء الحصار الإسرائيلي المفروض منذ منتصف عام 2007 وتداعيات الانقسام الفلسطيني الداخلي".
وتنبه إلى أن من تلك الملفات تأخر إعادة الإعمار واستمرار واقع تشريد المتضررين، ومصاعب الحصول على الرعاية الطبية في ظل نقص الموارد البشرية والأدوية وصعوبة السفر للخارج.
كما يتناول فيلم مشوار أزمة سوء الأوضاع الاقتصادية في القطاع بفعل معدلات الفقر والبطالة القياسية، وسوء أوضاع الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة في ظل ندرة فرص الحصول على عمل أو تأهيل جسدي ونفسي لهم.
ويقول القائمون على فيلم مشوار إن قصص المعاناة التي يرويها تحمل إسرائيل بالدرجة الأولى والقادة الفلسطينيين الذين تسببوا في الانقسام الداخلي المسؤولية عما آلت إليه أوضاع نحو مليوني نسمة هم إجمالي سكان غزة من تدهور شديد.
وعرضت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الفيلم على منصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى عدد من القنوات التلفزيونية في محاولة منها لحث جميع الأطراف على العمل لتخفيف معاناة سكان غزة.
وتم ذلك بالتزامن مع مرور عام على شن إسرائيل حربها الأخيرة على غزة في الفترة من 11 إلى 21 مايو 2021 وسط تباطؤ في عمليات إعادة الإعمار وتهديدات إسرائيلية بتكرار الحرب.
ويشكو الفلسطيني أيمن دهمان في منتصف الأربعينات من عمره، من بقائه طوال عام نازحا في منزل للإيجار بعد تدمير منزل عائلته في شارع الوحدة وسط مدينة غزة خلال الحرب الأخيرة.
ويشير دهمان إلى أن عائلته المكونة من ستة أفراد تعاني من عدم استقرار نفسي في غياب وجود آفاق جدية لإعادة إعمار منزلهم أو صرف التعويضات المالية اللازمة رغم تكرار الوعود بذلك.
الواقع نفسه يعانيه أصحاب المئات من المنشآت التجارية التي دُمرت أو تضررت بشكل بالغ خلال الحرب الإسرائيلية دون تلقي تعويضات مالية حتى الآن.
من هؤلاء الشاب أيمن الصفدي الذي كان يمتلك ناديا رياضيا لكمال الأجسام واللياقة البدنية وكان يعد من الأكبر على مستوى غزة قبل أن يتم تدميره بالكامل أسفل أنقاض برج سكني بصواريخ إسرائيلية.
ويشير الصفدي إلى أن النادي الرياضي كان بمثابة مشروع عمره الذي عمل على تجهيزه على مدار سنوات وكلفه نحو 100 ألف دولار قبل أن يصبح أثرا بعد عين.
ويوضح أنه منذ تدمير النادي أصبح والفريق المساعد له الذي كان يضم ستة أشخاص، عاطلين عن العمل على أمل أن يتم تعويضهم ماليا وإعادة إعمار مشروعهم وهو ما لم يحدث حتى الآن.
الشخصيات الواقعية هي أبطال الفيلم لإيصال رسالة إلى المجتمع الدولي توثق تفاصيل الحياة اليومية لسكان القطاع
ورعت مصر اتفاقا لوقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل لإنهاء جولة قتال هي الأعنف منذ سنوات، خلفت تدمير أكثر من ألفي وحدة سكنية كليا عدا عن تعرض 15 ألف وحدة سكنية للضرر بشكل جزئي ومتوسط وتدمير كبير في البنية التحتية.
وبحسب إحصائيات فلسطينية رسمية فإن ما أنجز في ما يتعلق بإعادة الإعمار في غزة لم يتجاوز 200 وحدة سكنية كانت قد هدمت كليا، و70 في المئة من الوحدات السكنية المتضررة جزئيا فيما لا تزال خمسة أبراج سكنية دمرت بالكامل تنتظر الإعمار.
وفي إطار عملية إعادة الإعمار المنتظرة جرى وضع حجر الأساس لمشاريع سكنية برعاية مصرية، فيما لم تصرف سوى منح مالية محدودة حتى الآن كبدل إيجار لأصحاب المنازل المدمرة.
ويتهم وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة ناجي سرحان، إسرائيل بتعمد تحويل ملف إعادة إعمار القطاع من ملف إنساني إلى سياسي ووضع “فيتو” على المضي قدما في تنفيذه على الأرض. ولدى سكان غزة تجارب مريرة مع عمليات إعادة الإعمار بالنظر إلى تكرار جولات العنف مع إسرائيل وما يرافقها من تدمير.
وسمحت إسرائيل في الأشهر الماضية بتسهيلات اقتصادية لصالح غزة منها رفع عدد تصاريح خروج العمال، لكنها لم تلتزم بأي ضمانات بشأن تسريع إعادة الإعمار بالنظر إلى حصارها المشدد المفروض على القطاع بما في ذلك التحكم الكامل بتوريد البضائع بحسب مسؤولين فلسطينيين.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في غزة مخيمر أبوسعدة ، إن التسهيلات الإسرائيلية المعلن عنها قد تساهم بتخفيف نسبي للأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة لكنها لا تزال مرهونة بالاستقرار الأمني في وقت يعد هذا الملف الأصعب بالنسبة لسكان القطاع.
"مشوار".. شريط قصير عن المعاناة الطويلة للفلسطينيين!!
31.05.2022