أحدث الأخبار
الجمعة 29 آذار/مارس 2024
1 2 3 41120
حين يفرح القلب يرقص الكرسي في ساحات الصين!!
09.12.2021

يعاني ذوو الاحتياجات الخاصة في جميع أنحاء العالم من النظرة الاجتماعية السلبية تجاههم، لكن بإرادتهم القوية يحاولون دائما إثبات جدارتهم في الحياة والمجتمع على حد سواء. ففي الصين يثبت هؤلاء أنهم فنانون أيضا من خلال حفلات الرقص التي ينظمونها، إضافة إلى نشاطاتهم في العديد من الفنون والرياضات الأخرى.
شنغهاي - في أحد متنزهات شنغهاي يتحدى راقصون من ذوي الإعاقات البصرية أو السمعية أو الحركية، الصعوبات الكبيرة التي يواجهونها ليقدموا أداء فنيا لافتا، يأملون من خلاله تغيير نظرة الصينيين وكل المجتمعات الأخرى إلى وضعهم.
ومن المستحيل تحديد عدد الأشخاص الذين يتنقلون على كرسي متحرك أو يعانون إعاقة في الصين، غير أن الصحافة المحلية تقدّر عددهم بحولي 85 مليونا.
ومن بين هؤلاء، بُترت إحدى ساقي الشابة شاو يوي حين كانت في سن العاشرة. ولم تكن هذه الثلاثينية تتصور حينئذ أنها ستتمكن يوما من الرقص، ولا حتى بأنها ستصبح بطلة الصين في الرقص على كرسي متحرك.
وفي الصين كما في سائر بلدان العالم، يعاني ذوو الاحتياجات الخاصة وهم كثر، من النظرة السلبية إليهم من جانب أفراد المجتمع.
تقول الراقصة البالغة 34 عاما “الناس يظنون أن خروجنا من المنزل مهمة شديدة التعقيد (…) وبأن استمرارنا يعتمد كليا على الآخرين”. وهي تحرك بذراعيها كرسيها لتقوم بسلسلة خطوات راقصة مع حركات رشيقة وبالغة الدقة.
وتوضح شاو يوي، التي تقود رغم إعاقتها الحركية السيارة لإيصال ابنتها الوحيدة إلى المدرسة، “لا نريد أن يُنظر إلينا على أننا فئة اجتماعية على حدة”.
ويشكل الرقص وسيلة لاستعادة الثقة في النفس وأيضا للتصدي للوصمة الاجتماعية السلبية في حق هؤلاء.
يقول جو زيتشانغ (38 عاما)، وهو راقص سليم جسديا يدرّب ذوي الاحتياجات الخاصة على الرقص، إن “بعض الأشخاص يشعرون بأنهم أسرى” وضعهم، لكن عندما “ينضمون إلى مجموعة، يبدؤون بالانفتاح تدريجيا على المجتمع”.
وخلال السنوات الأخيرة، ازداد عدد المنشآت الرياضية المتاحة لذوي الاحتياجات الخاصة في الصين بموازاة ارتفاع أعداد المدربين المتخصصين.
وقالت لي مي، مدربة اللياقة البدنية في مقاطعة هونان بوسط الصين، “بالنسبة للذين يعانون من صعوبات في الخروج من منازلهم أو النهوض من السرير، نقدم لهم إرشادات حول تمارين عضلات أطرافهم العلوية، للتأكد من أنه يمكنهم ممارسة الرياضة والقيام بها بشكل جيد”.
وفي قاعة للرياضة، يعزو ليو هوايو (20 عاما) إلى الرقص الفضل في انفتاحه على العالم الخارجي، بعدما كان ذا طبع نطوائي جعله يمضي جل وقته في البيت.
ويستذكر الشاب الذي فقد إحدى ساقيه في حادث سيارة حين كان في سن العاشرة، “في ما مضى كنت أشعر بالقرف من نفسي مع شعور بالنقص دفعني إلى تجنب التحدث إلى الآخرين”، لكنه استعاد ثقته في نفسه، حتى أنه يعمد “أحيانا إلى التنزه” بعد الرقص، على ما يؤكد باسما.
ويتكوّن جزء آخر من الفرقة بالكامل من راقصين فاقدين للسمع.
وللمحافظة على الإيقاع، يراقب هؤلاء الراقصون بانتباه شديد مدير الباليه المسؤول عنهم وهو يعدّ الحركات بأصابع يديه.
ويؤتي هذا الأسلوب ثماره، إذ تقول تشن سين، التي تعاني الصمم منذ الطفولة وتمارس الرقص منذ سن السادسة، “رغم أننا لا نسمع الموسيقى، فإننا يمكننا أن نتبع الإيقاع”.
وتوضح المرأة البالغة 34 عاما أن المطلوب منهم ببساطة “بذل جهود أكبر” من تلك التي يقوم بها الأشخاص الأصحّاء. وهي تقول إن إعاقتها أكسبتها “صلابة” تسعى لتحويلها إلى نقطة قوة لديها.
وتؤكد شاو يوي أن الأهم في هذا الموضوع يبقى الطريقة التي ينظر بها ذوو الإعاقات إلى أنفسهم.
وتوضح بطلة الرقص على كرسي متحرك “كوني معوّقة لا يعني أني يائسة. لدي ببساطة حياة مختلفة وبإمكاني أن أختار عيشها بطريقة حماسية أكثر”.
وقبل شهرين أقيمت في مقاطعة تشجيانغ شرقي الصين، مسابقة رقص على الكراسي المتحركة، شارك فيها أكثر من 40 شخصا مصابا بالشلل، يستعرضون في المسابقة رقصاتهم الأنيقة. وأصيب تشانغ شيان تشنغ، أحد الراقصين، بالشلل في عام 2016 بسبب حادث مروري. واستعاد الشاب البالغ من العمر 26 عاما شغفه بالرياضة، بعد أن اختار الرقص على الكراسي المتحركة.
وقال تشانغ “تسعدني وتفيدني الرياضة جسديا وعقليا في المقام الأول، كما إنها مفيدة لإعادة تأهيلي. وآمل أن يتمكن الأصدقاء الآخرون ذوو الاحتياجات الخاصة مثلي من مواجهة الحياة بتفاؤل والسعي وراء أحلامهم بشجاعة”.
تاي لي هوا راقصة ومصممة للعديد من عروض الرقص الكلاسيكية للفرقة الفنية الصينية للمعاقين، قادت فريقها لعرض سحر فنون ذوي الاحتياجات الخاصة أمام العالم.
وما نعرفه هو روعة وأناقة رقصات فريقها على خشبة المسرح، لكن ما لا نعرفه هو الجهود التي يبذلها الممثلون الصم وراء الكواليس لإنجاز هذه الأعمال الفنية، فبسبب الإعاقة السمعية، يحتاج الراقصون إلى جهود أكبر مقارنة مع الأشخاص العاديين لأداء حركات رقص تتناغم مع إيقاع الموسيقى.
وأدركت تاي لي هوا، التي كانت صماء منذ الطفولة، الصعوبة في ذلك بكل وضوح، “يمثل حفظ الحركات تحديا كبيرا للأطفال الصم. ويمكن للأشخاص العاديين حفظ حركات الجسد بمساعدة الاستماع إلى الموسيقى، لكن بالنسبة للأطفال الصم، يمكنهم فقط حفظ إيقاع الموسيقى في ذاكرتهم أولا، ثم البدء في ممارسة الحركات”.
وتضيف “يوضح مدرس للغة الإشارة للممثلين إيقاع الموسيقى ويساعدهم على حفظ كل إيقاع موسيقي. وعند أدائهم للعرض على خشبة المسرح، هناك مدرسان للغة الإشارة يقفان على جانبي المسرح لتوجيه الممثلين“.وتركز جهودها بشكل أكبر في مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة الآخرين على تحقيق أحلامهم في الرقص وتوفر لهم قنوات تنمية مختلفة، قائلة “يجب إعطاء الفرصة للمزيد منهم”.

1