أحدث الأخبار
الأربعاء 04 كانون أول/ديسمبر 2024
1 2 3 41135
الشتاء عدو موسمي للسوريين في لبنان!!
25.01.2021

عرسال (لبنان) ـ في كل عام مع دخول الشتاء واشتداده خاصة في يناير، يمرّ اللاجئون السوريون في مخيمات مدينة عرسال، أقصى الشمال الشرقي من محافظة البقاع اللبنانية، بظروف متدهورة شديدة القسوة، حيث يعيشون في خيام لا تقاوم المطر ولا الثلج، ما يهدد حياتهم، خاصة الأطفال والمرضى وكبار السن.
وازدادت معاناة أكثر من 15 ألف لاجئ سوريّ في مخيمي “الطفيل” و”الأرزة الخضراء” في عرسال منذ قرار السلطات اللبنانية سنة 2019 بتفكيك البنى التي تأويهم، قرار أرغمهم على العيش من دون سقف وعزل ملائِمَيْن، واضطرّهم إلى تحمّل ظروف الشتاء القاسية، بما فيها درجات حرارة دون الصفر وفيضانات، بالإضافة إلى قيود الحركة للحدّ من تفشّي فايروس كورونا الذي يهدد سلامتهم وحياتهم.
ويرتكز القرار الصادر في 2019 على قانون البناء اللبناني رقم 646 الذي ينصّ على أنّ موادّ البناء غير الدائمة فقط، مثل الخشب، والحجر، والقماش، يمكن استعمالها للبناء على أراضٍ زراعية، وأنّ البنى الإسمنتية بالكامل، بما فيها الأُسُس الإسمنتية، ممنوعة.
على الرغم من أنّ قانون البناء موضوع منذ 2004، ظلّ تطبيقه غير سارٍ إلى حدّ كبير حتى صدور قرار 2019/ن حيث لا يمكن أن تتضمّن موادّ البناء للجدران العلوية والأسقف سوى الخشب والشوادر. ويسمح قرار 2019 ببناء أساس بارتفاع خمسة أحجار باطون، أي نحو متر واحد، للملاجئ في عرسال. في النواحي الأخرى من البلاد، لا يمكن أن تتخطّى البنى الصلبة ارتفاع حجرين باطون.
هذا القرار أجبر اللاجئين على العيش في خيام شبه بلاستيكية لا يتحمل سقفها ثقل المياه التي تتسرب إلى الداخل لتصبح موحلة. قالت لاجئة من حمص إنّ ابنتها تسعل بسبب العفن، مضيفة، “أعطتنا منظمة غير حكومية شادرا واحدا لتغطية السقف، واشترينا الباقي بأنفسنا. ليس لدينا إلّا خمسة أحجار باطون للحماية، وما تبقّى هو خشب. تتسرّب المياه من تحت الجدران، وتفوح رائحة نتنة من المياه الآسنة”.
بسبب التضخم المتسارع في لبنان، واجه اللاجئون السوريون في البلاد ارتفاعا كبيرا في الأسعار والإيجارات، ما أرغمهم أحيانا على الاختيار بين شراء الطعام والحاجيات الأساسية أو دفع الإيجار، فاختار أغلبيتهم اللجوء إلى المخيمات أو السكن مع الأقارب، خاصة بعد الحجر الصحي الذي حال دون عملهم.
وإثر تفشي الوباء عبر السوريون الذين يعيشون في لبنان، عن مخاوفهم من عجزهم عن الحصول على الموارد الصحية واللوازم الأساسية.
ويشكو لبنان من تداعيات اقتصادية واجتماعية لاستضافة هؤلاء اللاجئين، خاصة في ظل معاناته حاليا أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية (1975- 1990)، إلى جانب تداعيات جائحة كورونا، والانفجار الكارثي في مرفأ العاصمة بيروت، يوم 4 أغسطس الماضي.
وقالت ميشال رندهاوا، منسّقة أولى لحقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش “لا تزال ظروف عيش اللاجئين السوريين في عرسال الذين أُرغموا على تفكيك ملاجئهم في 2019، قاسية. بالإضافة إلى قيود الحركة للحدّ من تفشّي فايروس كورونا، الذي يهدّد سلامتهم وحياتهم”.
ومعظم الخيام، البالغ عددها نحو 300، تفتقر إلى الحد الأدنى من الاحتياجات الشتوية، ويشتكي اللاجئون الذين يعيشون فيها، من تراجع المساعدات الغذائية والملابس الشتوية للأطفال، التي كانت تقدمها الجمعيات الخيرية في ظل تفشي فايروس كورونا والأزمة الاقتصادية في لبنان.
وتضرب لبنان موجة برد قارس، ومن المتوقع أن تنخفض درجة الحرارة إلى ما دون معدلاتها، وستكون الأجواء جليدية في البقاع وجبل لبنان.
قال اللاجئ أدهم السوري (50 عاما)، إن “الثلوج تتجمع على أسطح الخيام وبعدها تذوب فتتسرب المياه إلى الداخل، حيث تتبلل الأفرشة التي ننام عليها”، مشيرا، إلى قلة الدعم من مادة المازوت (المستخدم في التدفئة)، حيث تصل كميات قليلة جدا منه، “ولا نعرف الأسباب ربما الأزمة الاقتصادية في لبنان”.
وأضاف، “ليس لدينا غير هذه الخيام لتقينا من المطر والثلج وهي دون عوازل”، ويضطر الأطفال إلى جمع ما يتوفر لديهم من مواد بلاستيكة، وأكياس، وحتى الملابس والأحذية التالفة يشعلونها للتدفئة رغم ما تسببه لهم من أمراض تنفسية.
من جهته، ناشد اللاجئ أبوطارق سلوم (60 عاما)، الجمعيات الخيرية للنظر في أحوال اللاجئين لعدم تلقيهم “أي مساعدات خلال العام الحالي”.
ويتساءل في حسرة “كيف نعيش؟، من أين نأتي بالطعام؟”.
وأفاد اللاجئ سالم التمري (55 عاما)، “نحن نعيش هنا حياة صعبة، المياه تتدفق من تحت الخيام، فتبلل معظم ملابسنا وأغطيتنا”.
وأضاف، أن “الخيام مشقوقة وعندما يتجمع عليها الثلج ينكسر الخشب الذي تستند عليه فتنهدم على رؤوسنا”.
ولفت إلى أنهم بحاجة إلى مدافئ ومواد غذائية ومادة المازوت للتدفئة وفرش وبطانيات.
وأوضح أن كل عائلة لديها 5 أطفال تقريبا، ويعيشون في خيمة واحدة، وعندما تتضرر خيامهم تنزح الواحدة إلى خيمة عائلة أخرى، وهو ما يشكل ضغطا.
سكان هذه المخيمات هم لاجئون من مناطق مختلفة في سوريا، لكن أغلبيتهم من مدينة القصير في ريف حمص الغربي، ومحافظة دير الزور (شرق).
وفي ظلّ افتقاد هؤلاء اللاجئين إلى مساكن ملائمة، وقيود الحدّ من تفشي فايروس كورونا، والتضخّم المستفحل، يحتاج اللاجئون السوريون في لبنان إلى المساعدة بشكل عاجل، خصوصا خلال هذه الأشهر القاسية من فصل الشتاء.
قالت شريفة (50 عاما)، وهي نازحة من القصير، “لا أملك مدفأة، ولا حتى ملابس شتوية في هذا البرد والصقيع”، ثم تختم، “نناشد المنظمات الخيرية أن تنظر إلى أحوالنا وتساعدنا، فليس بيدينا أية حيلة، الطرقات هنا مقفلة بالثلوج، ولا أحد قادر على إنقاذنا”.

1