تونس- تنفس التونسيون الصعداء بعد أن فتحت المقاهي والمطاعم أبوابها الثلاثاء، بعد غلق استمر أكثر من شهرين بسبب فايروس كورونا، منذ إعلان الحجر الصحي الشامل في 22 مارس الماضي.
وعلى الرغم من ضجر التونسيين من الحجر الصحي خاصة، إلا أن الحركة ما زالت بطيئة على ما كانت عليه قبل انتشار الفايروس.
واعتاد الشباب الجلوس في المقاهي المختلطة أثناء أوقات فراغهم وخاصة في الشارع الرئيسي للعاصمة، وهم اليوم ينتظرون أن تفتح هذه الفضاءات بشكل كلي.
وسمحت السلطات بإعادة فتح الفضاءات مع بدء تطبيق المرحلة الثانية من خطة تخفيف القيود على الأنشطة الاقتصادية والتجارية في البلاد، ما مكن التجار المهمشين من استئناف عملهم تدريجيا، فنصبوا بسطاتهم في العديد من الأنهج.
واشترطت السلطات استقبال الزبائن في المقاهي والمطاعم لحمل المشروبات والوجبات فقط ودون الجلوس أو المكوث في المقاهي والمطاعم، بهدف تفادي التجمعات والاختلاط.
هذه العودة التدريجية رافقتها احتياطات ومخاوف في ظل انتشار الفايروس، حيث ارتدى المواطنون الأقنعة، والتزموا بإجراءات التباعد الاجتماعي.
وحجرت السلطات تدخين النرجيلة خلال هذه المرحلة التي ستمتد حتى الرابع من يونيو المقبل لتستأنف بعدها المقاهي نشاطها بشكل عادي.
سعيد، الشاب الذي لا يعرف بداية العمل دون أن يشرب قهوته الصباحية مع زملائه قال، “هذه البداية تعني أن المقاهي ستعود إلى سالف نشاطها، كما كان من قبل، لا بأس أن نتناول قهوتنا في أكواب كرتونية ونغادر، سيأتي اليوم الذي نجلس فيه في شارع الحبيب بورقيبة، نشرب القهوة ونتحدث في الرياضة والسياسة”.
وقبل انتشار كورونا، كان شارع الحبيب بورقيبة يسحر زواره من التونسيين والسياح الأجانب القادمين من بلدان مختلفة، للتجول في ربوعه أو لترشف فنجان قهوة أو كأس شاي بالنعناع، وأخذ قسط من الراحة بعد عناء التنقل، أو لالتقاط صورة بجانب تمثال العلامة ابن خلدون أو قبالة كاتدرائية تونس.
24 يونيو تاريخ رفع السلطات التونسية للحجر الصحي بصفة كاملة مع انحسار أعداد المصابين الجدد بالفايروس إلى مستوى الصفر24 يونيو تاريخ رفع السلطات التونسية للحجر الصحي بصفة كاملة مع انحسار أعداد المصابين الجدد بالفايروس إلى مستوى الصفر
وخلا الشارع من الطاولات والكراسي الثلاثاء والأربعاء، حيث اكتفت المقاهي بتزويد زبائنها بالمشروبات في أكواب بلاستيكية واحترام التباعد الجسدي. هذه البادرة جعلت الناصر (36 عاما) يمدح قهوته التي يحملها في كأس كرتوني قائلا، “وعادت إلينا الغنجة”.
وخيّر عدد من المطاعم في الشارع تأجيل العودة رسميا بعد احتفالات العيد، والاكتفاء بحملات تنظيف، في حين ما زالت الحركة بطيئة أمام محلات الوجبات الخفيفة التي فتحت أبوابها، لأن الناس لم يتخلصوا بعد من الضغوطات النفسية التي فرضها الحجر، فهم يخافون من انتشار العدوى لذلك يفضل البعض تناول الطعام في البيت.
يقول عماد، الذي يعمل نادلا في حانة، إن بطالته لمدة شهرين أثرت عليه خاصة وأن مصاريف البيت تزداد مع رمضان والعيد. وقال إن هذا القرار أعاد له الأمل في العودة إلى العمل ونسيان أيام البطالة، مضيفا أنه اشتاق حقا إلى زبائنه الذين اعتادوا المرور مساء بعد دوام العمل.
وسيكون هذا القرار بداية لعودة نشاط السياحة الداخلية، وعودة عمال هذا القطاع الذين عانوا من الفقر. ويقول رفيق الذي يعمل في مطعم سياحي في ضاحية حلق الوادي، إنه قضى شهرين في البيت وهو الذي اعتاد على الحركة والضجيج، مضيفا “نحن عمال المطاعم والمقاهي، إذا لم نشتغل لا نعيش. أفضل واحد فينا يستطيع أن يصمد شهرا واحدا دون عمل”.
التونسيون هللوا على مواقع التواصل الاجتماعي لهذا القرار، وبدأوا يضربون مواعيد مع أصدقائهم، كما فعل زياد الذي دعا أصدقاءه شاكر وفايز على كأس على حسابه، والتقوا فعلا في ناد خاص قليل الزبائن في أول يوم من افتتاحه.
وتبدو الابتسامة واضحة على ملامح من تواجدوا في النادي يتندرون على أوزان بعضهم التي زادت على ما كانت عليه. زياد الذي نشر صورا تجمعه بأصدقائه على الفيسبوك، يقول، إنه لم ير هؤلاء منذ شهرين، في إشارة إلى أصدقائه، مضيفا، “يبدو أنني الوحيد الذي بقي نحيفا”.
وفي الأيام الأخيرة من رمضان استعادت محلات بيع الملابس والأحذية نشاطها وسط إجراءات وقائية صارمة، وسمح هذا الإجراء بعودة الحياة إلى شارع الحبيب بورقيبة، حيث توافد عدد كبير من التونسيين لاقتناء ملابس العيد، ولقد وصل هذا التوافد حد الازدحام، أمام بعض محلات الماركات العالمية المتخصصة في بيع الملابس الجاهزة مما اضطر تدخل عناصر قوات الأمن لتنظيم عمليات الدخول واحترام الطابور.
ويرى تونسيون أن فتح المحلات وعودة الأنشطة التجارية أمر ضروري، بعد ركود تواصل لشهرين، نظرا للظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد من جهة، ونظرا للأوضاع الصعبة لعدد كبير منهم، من جهة أخرى.
وكغيره من اقتصادات دول العالم، تأثر الاقتصاد التونسي بالتداعيات السلبية لأزمة كورونا، وسط توقعات بانكماشه بنسبة 4.3 في المائة خلال العام الجاري، وفق بيانات رسمية.
ووفق السلطات التونسية، سيتواصل تشديد المراقبة خلال الفترة القادمة، إلى أن تتم السيطرة على الوضع الوبائي والقضاء على الفايروس نهائيا.
ويستمر أيضا منع التنقل بين المحافظات الذي حرم أغلبية التونسيين من زيارة عائلاتهم وأقاربهم خارج العاصمة أثناء عيد الفطر.
ويبدأ الخميس استئناف الدروس لطلاب البكالوريا (الثانوية العامة) استعدادا لإجراء الاختبارات الوطنية المؤهلة لدخول الجامعات. وأخضعت وزارة التربية المعلمين والطلاب المنحدرين من مناطق تفشى فيها الفايروس، لاختبارات سريعة تظهر نتائجها خلال 15 دقيقة قبل استئناف الدروس.
ومع انحسار أعداد المصابين الجدد بالفايروس إلى مستوى الصفر ما عدى إصابات محدودة للمرحلين من الخارج والخاضعين للحجر الصحي الإجباري، فقد حددت السلطات تاريخ 24 يونيو المقبل لرفع الحجر الصحي بصفة كاملة.
التونسيون يعودون لارتشاف قهوتهم على رواق!!
28.05.2020