يتصدر شهر رمضان المبارك قائمة شهور السنة في تنوع الطقوس التي تحدث به، وكثرة ما يحمله من عادات وتقاليد خاصة به مرتبطة بكل بلد على حدة أو مشترك بينها.ويجمع شهر الصيام العائلات على موائد إفطار أو سحور جماعية تزينها المأكولات الشهية والأطباق الخاصة، فيكون للمشروبات حضورها المميز بعد نهار طويل من العطش والجوع.
وتتنوع قائمة المشروبات في البلدان العربية، وخاصة الخليجية منها، حيث ترتفع درجات الحرارة ويحتاج الصائم إلى كميات أكبر من المرطبات والعصائر ليروي ظمأه ويبلُّ عروقه بعد أذان المغرب.
*"السوبيا" مشروب حجازي
ولا بد لمن زار منطقة الحجاز السعودية، التي تضم مكة المكرمة والمدينة المنورة ومدينة جدة، في شهر رمضان المبارك، أن يعرف مشروب "السوبيا" أحد أشهر المشروبات الرمضانية في المملكة.
وتعد "السوبيا" أو "الشوربيت" بحسب أهالي مكة القدماء منتشرة في عموم السعودية، إلا أنها مشهورة بشكل أكبر في مكة، ويكثر الطلب عليها في رمضان.
وانتقل المشروب من السعودية إلى العديد من الدول، وبخاصة مصر، عن طريق حجاج بيت الله الحرام الذين كانوا يعتمدون عليه للتغلب على ارتفاع درجات الحرارة والعطش بطريق العودة في قوافل الحج.
ومن أشهر أنواع "السوبيا" المشروب أبيض اللون الذي يحضر من الشعير البلدي، أما الأحمر فيدخل في صناعته الزبيب وفاكهة البنجر الأحمر، وقد يضاف إليه صبغة "الكوجراتي"، كما يمكن أن يُضاف له حب الهيل والقرفة، وأيضاً يوجد النوع البني الذي يحتوي على التمر هندي.
وتشير بعض الدراسات إلى قدرة السوبيا، المعدة من الشعير، على تخفيض كوليسترول الدم، حيث تحتوي على نسبة كبيرة من الألياف الذائبة التي تعمل على حجز أملاح الصفراء.
وهو منقوع عدد من الفاكهة بالماء؛ مثل التمر أو الفواكه المجففة مثل التين والمشمش والقراصية معاً أو بشكل منفصل، يشتهر بقوة في دول الخليج، وبالأخص قطر والكويت والبحرين.
وتعود أصوله الأولى إلى الدولة العثمانية، ثم انتقل منها إلى مصر، ومنها انتقل إلى دول الخليج العربية، وأصبح أحد المشروبات الرمضانية الشهيرة.
وتنقع القطع المجففة من الفواكه في الماء الحار لمدة تقارب ساعة كحد أدنى، تضاف إليه مكسرات الجوز واللوز والبندق والصنوبر، مع ضرورة نقع كل واحد منها وحده ساعتين، يضاف إليها الزبيب ونسبة قليلة من الماء، ثم يضاف إليها عصير قمر الدين والسكر مع حبات البلح المنقوعة فى الماء لفترة من الزمن.
وهو يحتوي على نسبة عالية من المعادن والفيتامينات، حيث يعد مصدراً لفيتامينات "أ"، و"ب2" ، و"سي"، إضافه إلى غناه بمعدن الحديد بشكل كبير.
يسمى في منطقة الجزيرة العربية بالغجر، أما في العراق فيسمى بالكجرات، وفي مصر والشام الكركديه، ويُزرع في أغلب تلك الدول، بالإضافة إلى الإمارات.
منقوع الكركديه دون غليه يخفض ضغط الدم المرتفع ويزيد من سرعة دوران الدم، ويساعد في تقوية ضربات القلب ويقتل الميكروبات، مما يجعله مفيداً في علاج الحميات وعدوى الميكروبات لكونه حامضياً ومنشطاً ومساعداً للهضم، ولكن يحذر من استخدامه من قبل ذوي الضغط المنخفض.
*كركديه
أحد أبرز المشروبات المحببة لدى البحرينيين في رمضان وطوال فصل الصيف لتأثيره المنعش، وهو إيراني الأصل بأسماء عدة؛ منها "البلنكو" أو "البلنجو" أو "البريهوا".
لكنه يتميز في البحرين عن غيره من المناطق باستخدام ماء اللقاح المستخرج من طلع النخيل لتحضيره، وبأطعمة وإضافات متعددة.
والمشروب مكوّن من سائل هلامي يحصل عليه بوضع بذور الريحان أو بذور الحبق السوداء الجافة في الماء، ثم تحليته بالسكر وماء الزهر أو الزعفران حسب الرغبة، ويقدم بارداً على موائد الإفطار.
وينتشر "العرقسوس" في أغلب البلدان العربية اليوم، وإن كانت شهرته الأولى في مصر وبلاد الشام، حيث له عربات وبائعون متجولون في شوارع دمشق والقاهرة.
و"العرقسوس" نبات شجري معمر يزرع في العديد من الأماكن؛ مثل سوريا وآسيا الصغرى وأواسط آسيا وأوروبا ومصر، لكنه انتشر واشتهر كمشروب رمضاني في الخليج العربي اليوم أيضاً.
واعتبر العرقسوس شراباً ملكياً حتى جاء الفاطميون إلى مصر فأقبل عليه المصريون ليصبح مشروب العامة، خاصة في شهر رمضان، فيتناوله المسلمون بعد أذان المغرب لأهميته بالقضاء على الإحساس بالعطش.
ويتميز عن غيره من المشروبات بأنه لا يُضاف له سوى الماء، ويكتسب حلاوته منه ولا يحتاج أي منكهات أو أصبغة.
*تمر هندي
واحد من أشهر المشروبات الرمضانية على الإطلاق في العالم العربي، وبات اليوم يزين أغلب الموائد الخليجية أيضاً، حيث يُعرف فيها باسم "صبار" أو "بحومر".
يقال إن موطنه الأصلي أفريقيا الاستوائية، وعرف منذ القدم في السودان ومصر والهند، وانتشر إلى جزر الكاريبي وإلى أغلب بقاع العالم عبر الطب القديم.
ويحضر التمر الهندي بنقعه في الماء البارد لعدة ساعات، أو في الماء المغلي مدة بسيطة، مع إضافة بعض من أوراق الكركديه وبذور الشمر، ثم تركه حتى يستقر، ثم يصفى ويضاف إليه قليل من السكر.
مشروب مُصنع إلا أنه أحد أشهر المشروبات الرمضانية في منطقة الخليج العربي، وخصوصاً السعودية والكويت والإمارات، إلا أنه يحمل أضراراً لارتفاع نسبة السكريات فيه.
في السنوات الأخيرة سجلت مجموعة المشروبات الغازية "نيكولز" في المملكة المتحدة، وهي الشركة المصنعة لـ"فيمتو"، ارتفاعاً بنسبة 39% في الأرباح، ويرجع ذلك إلى زيادة الشحنات التي تصدرها الشركة إلى منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة التي تسبق رمضان، وفق موقع "الجزيرة نت".
وذك موقع "سيتي لاب" البريطاني أنه تباع 35 مليون زجاجة من شراب فيمتو سنوياً في منطقة الخليج.
وظهر "فيمتو" (Vim Tonic) عام 1908، في مدينة مانشستر في بريطانيا، باعتباره بديلاً صحياً للخمور، بالتوازي مع حركة الاعتدال الشعبية هناك التي كانت تدعو إلى حظر أو فرض قيود على بيع وشرب الخمور، وحينها تم تسويق المشروب على أنه يمنح شاربيه الطاقة والحيوية، بحسب موقع "ذا ناشينال".
وصل "فيمتو" للمرة الأولى إلى شبه الجزيرة العربية قبل نحو 100 عام، عندما حصل عبد الله عوجان وإخوانه (من تجار السلع السعوديين) على الحقوق الحصرية لاستيراد المشروبات وتوزيعها.
تروي الظمأ وتبلُّ العروق.. أشهر مشروبات رمضان خليجياً وعربياً!!
01.05.2020