في روايته «الاستسلام» ذات المضمون السياسي المستفز الصادرة خلال كانون الثاني/يناير الماضي، يطرح الروائي الفرنسي ميشيل ويلبيك فكرة تولي مسلم من أصول عربية حكم فرنسا. لكن ما هو من باب الخيال في فرنسا هو قريب من الواقع في دولة أوروبية أخرى، وهي هولندا.وعكس الظروف السياسية القاهرة في رواية ويلبيك التي تحتم وصول عباس إلى قصر الإيليزيه بدل فرانسوا أولاند أو نيكولا ساركوزي أو ماري لوبين المتطرفة، فقد أفاد استطلاع للرأي أنجزه معهد موريس دي هوند، وهو معهد هولندي، تفضيل الهولنديين لأحمد بوطالب رئيسا للحكومة المقبلة، وهو سياسي هولندي من أصول مغربية. وهذا الاستطلاع الذي لقي اهتماما كبيرا وسط وسائل الاعلام المغربية والجاليات المغربية المقيمة في أوروبا اعتمد على عينة تجاوز 2500 مستطلع عبر شبكة الإنترنت. وجرى نشر نتائج الاستطلاع خلال بداية الأسبوع الماضي.وتصدر بوطالب الذي هو من حزب العمال الهولندي لائحة الشخصيات المفضلة لدى الهولنديين في ظروف سياسية عادية للغاية تمر فيها البلاد، متقدما في هذا الصدد على هولنديين. وجاء وراءه كل من وزير الشؤون الاجتماعية، أشر لودوايك الذي هو من الحزب نفسه، وسبق لأحمد بوطالب أن شغل حقيبة سكرتارية الشؤون الاجتماعية في الحكومة الهولندية منذ سنوات. وعاد المركز الثالث الى حزب «دي 66» (الحزب الديمقراطي 66) مجسدا في مارك بوختولد، بينما احتل رئيس الحكومة الحالي من الحزب الليبرالي مارك ريت المركز الرابع.ويأتي اختيار أحمد بوطالب في هذا الإستفتاء لشغل منصب رئيس الحكومة الهولندية بسبب حضوره السياسي القوي في الساحة الهولندية. ويعتبر أول مواطن هولندي من أصول أجنبية، وبالضبط من بلد عربي – أمازيغي وإسلامي المغرب يمتلك حظوظا وافرة لشغل منصب رئاسة دولة أوروبية عريقة ديمقراطيا مثل هولندا في حالة ما إذا رشحه الحزب العمالي. وهو يبلغ من العمر 54 سنة وهاجر من الريف المغربي الى هولندا وعمره 15 سنة.ولم يثر تصدر أحمد بوطالب الكثير من الجدل وسط بعض القوى السياسية وخاصة اليمين المتطرف، فقد حاول هذا الأخير سابقا شن حملة عليه منذ اختياره وزيرا في الماضي ولكنه فشل فشلا ذريعا. ولم تصدر أصوات سياسية تتحدث عن الغزو المقبل من الشواطئ الجنوبية للمتوسط بل جرى التعامل مع هذا الاختيار وفق نظرة سياسية براغماتية.
ولا يحقق بوطالب إجماعا وسط الجالية المغربية أو وسط الهولنديين من أصول مغربية، فطرف يعتبره انخرط بشكل كبير في المجتمع الهولندي، وطرف يفتخر به ويعتبر نموذج الاندماج الحقيقي الذي يعتبر هولندا وطنه الحقيقي دون التنكر لجذوره.وقد تشكل نتيجة استطلاع الرأي مفاجأة، لكن على ضوء الواقع قد لا تشكل مفاجأة بحكم أن هولندا تعتبر من الدول التي عملت على إدماج المهاجرين. وفي هذا البلد الأوروبي رفقة بلجيكا، وصل المغاربة الى البرلمان والبلديات وكذلك حقائب وزارية!!