أحدث الأخبار
الأربعاء 30 تشرين أول/أكتوبر 2024
1 2 3 45517
السودان: تعثر مباحثات جنيف ومقتل قائد بارز في قوات «الدعم السريع» ومعارك في ولاية سنار!!
22.07.2024

تستمر العمليات العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع في مدن وجبهات مختلفة في البلاد التي تشهد أيضا حالة تراجع اقتصادي وتدهور غير مسبوق للجنيه السوداني حيث قارب سعره عتبة ثلاثة آلاف مقابل الدولار الأمريكي الواحد. وتعثر التواصل إلى اتفاق بين الأطراف المتقاتلة في مباحثات جنيف التي جاءت تحت رعاية الأمم المتحدة بشأن إيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين.أما ميدانياً، فما تزال ولاية سنار جنوب شرق السودان مسرحا للمعارك الأكثر سخونة، إذ تصاعدت وتيرة القتال في إطار سعي الدعم السريع لاقتحام مدينة سنار والتوسع في بعض المناطق بعد السيطرة على مدينة سنجة عاصمة الولاية، ودفاع الجيش الشرس للمحافظة على المدينة والاحتفاظ ببعض النقاط الحاكمة والقيام بعمليات نوعية تستنزف الطرف الآخر.وقال مصدر عسكري لـ«القدس العربي» إن الجيش دفع بمزيد من القوات والعتاد في محاور سنار المختلفة وخاصة نحو منطقة «جبل موية» الاستراتيجية حيث يسعى إلى إعادة السيطرة عليها لتجنب محاصرة ولاية النيل الأبيض.وفي أواخر يونيو/حزيران الماضي، سيطرت الدعم السريع على منطقة «جبل موية» وهو سلسلة جبلية ممتدة تحيط بها عدة قرى شمال غرب ولاية سنار، ومنها استطاعت التوغل والاستيلاء على مدينة سنجة ومناطق الدالي والمذموم جنوب الولاية والدندر شرقاً.وتوقع المصدر أن تشهد الأيام المقبلة معارك عنيفة بين الطرفين في تلك المناطق بعد مقتل قائد الدعم السريع عبد الرحمن البيشي الذي ستسعى قوات حميدتي للثأر له، بينما سيحاول الجيش استثمار حالة الفراغ وعدم التماسك لتسديد مزيد من الضربات الموجعة.وقتل المقدم البيشي الذي يعتبر أحد أبرز قادة الدعم السريع في وسط السودان وقائد الهجوم على ولاية سنار متأثراً بجراحه بعد استهدافه بغارة جوية الخميس عند تخوم منطقة كبري العرب غرب مدينة سنار.وقاد البيشي وهو قائد قطاع النيل الأزرق بالدعم السريع برفقة آخرين، عددا من المعارك الكبيرة التي شهدتها البلاد في هذه الحرب مثل معركة «صك العملة» ومعركة «مقر الكتيبة الاستراتيجية» بمقرن النيلين بالإضافة للمشاركة في الهجوم على القيادة العامة للجيش ودخول مدينة ود مدني وقيادة ونقل العمليات إلى ولاية سنار.
وتداول ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة توثق لمراسم تشييعه ومواراته في الثرى، فيما قال مستشار قائد الدعم السريع الباشا طبيق عبر تغريدة على منصة «أكس» السبت: «ترجل اليوم بمحور عمليات سنار المقدم عبد الرحمن البيشي وهو يقود قواته مما يزيدنا قوة وعزيمة وإصراراً على المواصلة».وأكدت مصادر طبية بمدينة سنجة لـ«القدس العربي» إن البيشي وصل مصاباً إلى المستشفى الرئيسي بالمدينة الخميس، وكانت حالته حرجة ويعاني من حروق في الظهر وبتر للقدم اليسرى وفقدان كمية كبيرة من الدماء، مشيرة إلى إخضاعه لعدد من العمليات الجراحية إلا أنها فشلت في إسعافه نسبة لإصاباته البليغة.ويعد مقتل قائد الهجوم على سنار، الحادث الثالث من نوعه في صفوف الدعم السريع حيث قتل خلال الأسابيع الماضية قائد الهجوم على مدينة الفاشر علي يعقوب كذلك قائد الدعم السريع في كردفان «شيريا» بالإضافة إلى عدد آخر من القادة الميدانيين المقربين لـ«حميدتي».وشهدت مدينة سنار معارك شرسة، الخميس الماضي، عقب محاولة الدعم السريع التقدم نحو سنار بمحوري كبري مايرنو غرباً وكبري العرب في الشمال الغربي، واستطاع الجيش صد الهجوم وأعلن الناطق الرسمي باسمه «دحر العدو واستلام 5 مركبات قتالية وتدمير 16 مركبة أخرى واستلام عدد من سيارات المواطنين المنهوبة».الضابط السابق في المعارضة السودانية، حسام ذو نون، قال إن غياب البيشي لديه تأثير كبير ليس من الناحية العسكرية، لكن من حيث انه كان يمثل جسرا لدخول تلك المناطق وخلق حالة انقسام داخلها، ويزيد من عمليات الاختراق المجتمعي.ورأى ذو النون، أن الدعم السريع ارتكب خطأ عسكريا بتقدمه نحو جنوب سنار ومحاولات الوصول الى ولاية النيل الأزرق من عدة وجوه من حيث التوقيت مع دخول فصل الخريف في منطقة زراعية ذات تربة طينية ومعدلات امطار عالية، تحد من حركة الآليات والمركبات العسكرية وتعمل على تثبيت القوات في مناطق محصورة، مما يعرضها لخسائر بشرية وفي الآلة العسكرية بصورة كبيرة.
تدهور غير مسبوق للعملة المحلية
ويضيف في حديثه لـ«القدس العربي»: « أن طبيعة تكوين الدعم السريع التي استقطبت أعداداً كبيرة من المرتزقة خاصة من دولتي جنوب السودان وأثيوبيا، بالتالي الاقتراب من حدودهما، يشكل خطر كبير على استقرار الدولتين، لوجود نشاط عسكري إثني معارض للسلطة في كليها».وبيّن أن هذا العامل كان له دور رئيس في تغيير مواقف الدول المجاورة الداعمة لحميدتي خوفاً من خطر انتقال الصراع المسلح اليها هو أمر حتمى يتوقف على عامل الزمن فقط – على حد قولهويمضي بالقول: «التحرك نحو ولاية سنار قاد إلى تجميع عدد كبير من مليشيات الدعم السريع في مناطق محددة، وفي المقابل أضعف! وجودهم العسكري في مناطق أخرى خاصة ولاية الخرطوم، وهو أمر لا شك بأنه يعتبر إهداء انتصار للقوات المسلحة بأقل جهد لتوسيع مساحات سيطرتها على المناطق السكانية وإعادة إعمارها وتجهيزها لعودة السكان».ويعتقد ذو النون أن الدعم السريع بمحوري الجزيرة وسنار ليست قوات موحدة القيادة، بل هو وجود عدد كبير من أمراء الحرب، استخدموا اسم الدعم السريع للمشاركة في السرقة والنهب وزيادة عديد جنودهم بلا رابط او انتماء حقيقي للدعم السريع، أو سيطرت عليهم قوات مثل «درع السودان، وحركة شجعان كردفان وقوات تمازج وحركة المك أبو شوتال، بالإضافة الى عناصر المليشيا التي يمثلها مجموعات من أبناء الماهرية والرزيقات والرفاعيين أهل البيشي.
وأوضح الضابط السابق في المعارضة إلى أن وجود جماعات مسلحة متعددة الأهداف والقيادة من الصعوبة بمكان إداراتها وتوجيهها لخدمة هدف محددة. وتابع قائلاً: «احتمالات نشوب الخلافات المسلحة فيما بينها أعلى بكثير، فليس بمستغرب ان يتسارع الانهيار وسط هذه المليشيات بمحوري سنار والجزيرة، وتحقيق انتصارات كبيرة في وقت وجيز بواسطة القوات المسلحة».عسكرياً كذلك، وفي العاصمة الخرطوم مازالت المواجهات مستمرة بين الطرفين في مناطق أمبدة غرب أمدرمان وفي محيط سلاح المدرعات جنوبي الخرطوم مع تبادل القصف المدفعي في مناطق أخرى واستهدف الطيران الحربي التابعة للجيش لتجمعات للدعم السريع في الخرطوم بحري شمال العاصمة.مساء السبت، قال الجيش إن قوات العمل الخاص بمنطقة الشجرة العسكرية قامت بتمشيط مناطق واسعة وتطارد قوات حميدتي في عدد من المحاور وكبدتها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
استخدام «الأرض المحروقة»
في المقابل، اتهمت الدعم السريع طيران الجيش بقصف برج الاتصالات في حي المنشية شرق الخرطوم فاندلع في المبنى حريق واصابه دمار كبير، معتبرة أنها خطوة لا تنفصل عن سيناريو الأرض المحروقة، لافتة إلى أن الطيران استهدف عددا من المرافق في الخرطوم مثل برج المواصفات والمقاييس وبرج شركة النيل للبترول ،فيما لم يعلق الطرف الأخر عن الحادثة.وتم إنشاء برج الاتصالات في العام 2010م من قِبَل الهيئة القومية للاتصالات السودانية على مساحة مقدرة بـ 5000 متر مربع، وهو أحد أبرز المعالم الهندسية والمعمارية في العاصمة الخرطوم.ودمرت الحرب المشتعلة في البلاد منذ منتصف أبريل- نيسان العام الماضي عددا من المباني الهامة في الخرطوم بالإضافة إلى البنية التحتية وعدد من المؤسسات الخدمية مثل برج الاتصالات وبرج المواصفات وبرج شركة النيل وبرج العرب وسط الخرطوم، فضلاً عن تدمير جسر شمبات وتخريب جسري الحلفايا وجبل أولياء، واحتراق أجزاء واسعة من مصفاة الجيلي للبترول ومحطة بحري الحرارية.وفي الأثناء، فشلت المباحثات بين الحكومة السودانية وقوات الدعم السريع بشأن إيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، بعدما انعقدت تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف لمدة أسبوع كامل.وأقرت مباحثات جنيف تعهدات أحادية دون الوصول إلى اتفاق، وقال المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة رمطان العمامرة إن الوفدين تحدثا خلال المناقشات عن موافقتهما بشأن عدد من القضايا الرئيسية في ضوء مسؤولياتهما، لافتاً إلى أنها خطوة أولية مشجعة في إطار عملية طويلة ومعقدة.
فشل محادثات جنيف
وأضاف العمامرة: «على الرغم من أن التعهدات الأحادية من الجانبين لا تعد اتفاقات مع الأمم المتحدة فإنني أرحب بالتعهدات التي أعلنها أحد الجانبين بشأن تعزيز المساعدة الإنسانية وحماية المدنيين».
وشدد المبعوث الأممي على أن الوضع الإنساني في السودان مازال كارثياً ويتدهور كل يوم ودعا إلى ضرورة القيام بعمل عاجل لضمان وصول المساعدة الإنسانية إلى جميع المحتاجين وحماية كل المدنيين.
ويشار أن الحكومة السودانية كانت قد رفضت الجلوس بشكل مباشر مع قوات الدعم السريع في مباحثات جنيف الأخيرة وأصرت على عدم مناقشة أي بنود خارج الأطر الفنية لإيصال المساعدات بينما رفض الدعم السريع طرح الحكومة المتعلقة بمناقشة القضايا الفنية وطالب بتناول مجمل القضايا.
وقال الوفد السوداني المشارك في مباحثات جنيف الأخيرة، في تصريحات نقلتها وكالة السودان للأنباء، أنه عقد 11 جلسة مع الوفد الأممي منها 9 جلسات على مستوى الفرق الفنية المتخصصة من الجانبين وتم التداول بشكل أساسي في محاور المساعدات الإنسانية من حيث التمويل والتقييم المشترك ومعابر ومسارات المساعدات.
وقال الوفد إن الحكومة ملتزمة الإيفاء بالتزاماتها لتسهيل الوصول الإنساني للمحتاجين في مناطق السودان المختلفة بصرف النظر عن دينهم وعرقهم، مبيناً إلى أنها منحت خلال الستة أشهر الماضية 1529 تأشيرة دخول للعاملين في الشأن الإنساني من منظمات وهيئات أممية ومنحت 10944من الأذونات وإخطارات التحرك بالإضافة إلى إعفاءات جمركية وضريبية على واردات المساعدات الإنسانية والآليات والتي تقدر بحوالي 360 مليون دولار، فضلاً عن رفع عدد المعابر من إثنين إلى تسعة بنسبة 80٪ عما كانت عليه من قبل لإيصال المساعدات.
وأكد وفد الحكومة رفضه مناقشة بند حماية المدنيين مشيراً إلى أن مكان مناقشة هذا البند هو منبر جدة، مع التشديد على تطبيق ما تم الاتفاق عليه في مايو/أيار العام الماضي بين الطرفين، كذلك أعلن الوفد الحكومي رفضه التام لإنشاء أي كيانات موازية للمؤسسات الرسمية المسؤولة عن العمل الإنساني.
وأعلنت قوات الدعم السريع تلقي مبعوث الأمم المتحدة رمطان العمامرة رسالة موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة من قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي» أكد من خلالها التزام قواته بتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية بالتنسيق مع الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية وتعزيز حماية المدنيين.
ويذكر أن رسالة حميدتي كذلك تضمنت مطالب أخرى للأمم المتحدة ومجلس الأمن بعضها يتعلق بتجميد عضوية السودان وحظر الطيران. ويحذر مراقبون ومنظمات المجتمع المدني من تدهور أوضاع النازحين في السودان والسكان الذين مازالوا يقبعون في مناطق القتال مشددين على أنهم في أمسّ الحاجة لإيصال المساعدات الإنسانية.
وعلى الصعيد المالي تشهد البلاد تدهورا غير مسبوق للعملة المحلية مقابل العملات الأجنبية إذ وصل سعر صرف الدولار في السوق السوداء إلى ما يقارب ثلاثة آلاف جنيه، الأمر الذي أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار الوقود والسلع الاستهلاكية. وقال مصرفيون لـ«القدس العربي» إن هناك صعوبات في السيطرة على سعر الصرف في ظل استمرار تمويل المجهود الحربي وعمليات طباعة العملة بالإضافة إلى رغبة السودانيين في تحويل مدخراتهم إلى العملات الأجنبية.

1