من السودان، أحد أبرز معابر الهجرة غير الشرعية التي يسلكها الأفارقة في طريقهم إلى أوروبا، اختار الرسام الألماني، راينهارد كلايست، تدشين النسخة العربية من كتابه الذي يحكي آلام وآمال بطلة ألعاب أولمبية صومالية، غرقت أثناء محاولتها عبور المتوسط.في معهد غوتة الثقافي، التابع لسفارة برلين في الخرطوم، دشن كلايست، كتابه الذي يروي عبر رسوم قصة الصومالية، سامية عمر. وكانت هذه العداءة مسحت بعضا من الكآبة التي تطوي بلادها بفعل الحرب الأهلية، المستعرة لأكثر من عقدين ونصف العقد، بمشاركتها في أولمبياد بكين 2008، في فئة 200 متر. لكن بعد عودتها إلى الصومال لم يكن بوسعها مواصلة تدريباتها، ليس فقط لمشاكل لوجستية حيث تسكن بالأصل في مخيم للاجئين، وإنما تلقيها تهديدات من حركة الشباب المتشددة، المناهضة لأي مشاركة نسوية من هذا النوع.وسط هذه «المآسي»، كما قال الرسام الألماني في تدشين كتابه، قررت العداءة مغادرة بلادها إلى أوروبا، كي تحقق حلمها في مشاركة جديدة بأولمبياد لندن 2012. وبالفعل، عبرت الفتاة الصومالية حدود بلادها إلى أثيوبيا، ومنها إلى السودان، الذي يسلكه أغلب المهاجرين غير الشرعيين، من دول القرن الأفريقي، إلى جارته الشمالية الغربية، ليبيا، في طريقهم إلى أوروبا. وفي قارب صغير نسبيا، ومزدحم بـ70 من المهاجرين، أدارت العداءة ظهرها للشاطئ الليبي، لكن حلمها وئد غرقا، قبالة شواطئ مالطا.وفي حفل تدشين كتابه الذي أطلق عليه «حلم الأولمبياد»، قال الرسام الألماني بنبرة حزينه، إن عمله «ساهم بصورة كبيرة في التعريف بمخاطر الهجرة غير الشرعية». وأفاد أنه اختار الخرطوم لتدشين رسومه، لأنها المدينة العربية التي مرت بها الفتاة الصومالية، أثناء رحلتها المبتورة إلى لندن. وفي تعليقها على هامش مشاركتها في حفل التدشين قالت ممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون للاجئين في الخرطوم إليزابيث تان إن تقديراتهم لعدد الذين يعبرون السودان سنويا إلى أوربا نحو 60 ألف شخص. ورجحت أن يكون العدد الحقيقي أكثر من ذلك باعتبار أن العابرين «لا يمكثون في السودان لفترة طويلة ولا يرغبون في تسجيل أنفسهم كلاجئين». وخلال زيارته، نظم كلايست بمباني معهد جوتة، ورشة لتعليم الرسم والقصص المصورة لـ(20) قاصا وفنانا تشكيليا من المبتدئين،استمرت ثلاث أيام. وقالت مسؤولة الإعلام بالمعهد، سحر صلاح إن «الهدف من الورشة تأهيل المبدعين لخدمة القضايا الإنسانية وفي مقدمتها قضايا الهجرة واللجوء». وأضافت أن مؤسستها «تنشط في التعريف بمخاطر الهجرة غير الشرعية كواحد من السياسات الخارجية للحكومة الألمانية». ومن شأن الكتاب الذي استخدم صاحبه اللون الأسود فقط، مع مساحات بيضاء وفقرات توضيحية، «المساهمة في تنوير القارئ العربي بهذه المخاطر»، كما تعتقد صلاح. ورغم توتر علاقتها مع الغرب، تحظى الخرطوم بدعم أوربي أمريكي، لتعزيز قدراتها في مكافحة الهجرة غير الشرعية. وفي مايو/ أيار الماضي، استضافت العاصمة السودانية، الاجتماع الأول لـ«عملية الخرطوم»، التي تنخرط فيها عدة دول ومنظمات أفريقية وغربية بهدف «مكافحة الإتجار بالبشر». وأُطلقت «عملية الخرطوم» عندما استضافت العاصمة السودانية في أكتوبر/ تشرين الأول 2014 اجتماعا كان الأول من نوعه، ضم دولا أفريقية وأوروبية، للحد من هذه الظاهرة في منطقة القرن الأفريقي. ولا تقتصر وجهة المتسللين إلى السودان على أوربا فقط، بل يقصد بعضهم وإن كانوا أقل عددا، إسرائيل، بعد عبور صحراء سيناء المصرية. وضمن جهوده لتحجيم الظاهرة صادق البرلمان السوداني مطلع 2014 على قانون لمكافحة عصابات الإتجار بالبشر، تراوحت عقوباته ما بين الإعدام والسجن من 5 ـ 20 عاما!!
الصومال : "حلم الأولمبياد"… رسوم ألمانية تحكي قصة عداءة صومالية غرقت في المتوسط!!
09.04.2017