يتجه البرلمان الأوروبي إلى التصويت، اليوم الخميس، على تجميد مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، في قرار غير ملزم لكنه سيفجر مزيدا من الخلافات المتصاعدة بين أنقرة وبروكسل على خلفية اتهام الحكومة التركية بتصعيد حملة القمع ضد المعارضين والأكراد، واتهام الاتحاد بدعم التنظيمات المعادية لتركيا.وستجري، اليوم الخميس، جلسة تصويت علنية في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ للتوصية بالاستمرار أو تجميد المفاوضات بين تركيا والاتحاد، وسط توقعات بفوز الكتلة المؤيدة لتجميد المفاوضات عقب إعلان الكتل السياسية الأوروبية الرئيسية موقفها المؤيد لذلك.وأبدى عدد من كبار قادة الكتل الأوروبية في البرلمان تأييدهم لتجميد كامل أو مؤقت للمفاوضات، وقال مانفريد فيبر رئيس كتلة المحافظين وهي الأكبر في تغريدة «نحن نؤيد تجميد المفاوضات حول الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي»، بينما قال نظيره الاشتراكي جياني بيتيلا إن «مفاوضات انضمام تركيا يجب أن تجمد مؤقتا»، كما قال غي فيرهوفشتاد رئيس كتلة الليبراليين إن «الزعم بأن مفاوضات الانضمام يمكن أن تستمر في مثل هذه الظروف يشكل مغالطة لمواطنينا وخيانة للمواطنين الأتراك».واتهم رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا أردوغان بأنه «يفرغ الديمقراطية من مضمونها»، وقال: «من يزج بالقضاة ومحامي الادعاء العام وصحافيين والمعارضة في السجون يدمر الديمقراطية ويدمر تركيا الحديثة أيضاً»، محذراً أوروبا من أنه إذا قررت تركيا اعتماد عقوبة الإعدام فإن ذلك سيعني نهاية مفاوضات انضمامها للاتحاد الأوروبي.التصويت على تجميد مفاوضات انضمام تركيا في البرلمان، لن يكون ملزماً للهيئات الرسمية في الاتحاد الذي أبدى رغبة كبيرة بعدم وصول الأمور لطريق مسدود، معتبراً أن تجميد المفاوضات سيعود بضرر كبير على الجانبين، وسيؤدي إلى إسقاط ورقة الضغط الأوروبية على أنقرة.واستبق أردوغان تصويت البرلمان الأوروبي بالتأكيد على أنه «لا يحمل أي قيمة بالنسبة لبلاده بغض النظر عن النتيجة التي ستفضي إليها عملية التصويت»، معتبراً أن التصويت «يعد بمثابة دعم للمنظمات الإرهابية وإعلان استعدادهم (القادة الأوروبيين) لإيواء الإرهابيين في بلدانهم».وشدد الرئيس التركي على «استمرار الدول الغربية انتهاج سياسة ازدواجية المعايير في التعامل مع محاولة الانقلاب الفاشلة التي استهدفت النظام الديمقراطي القائم في تركيا.. الغربيين يصرون على زيادة محاولات التضليل الإعلامي ضدّ تركيا بدل العمل على تخفيفه، لكنهم لن يستطيعوا تحديد مصير الأمة التركية بمجرد رفع الأصابع في تصويتهم».من جهته، اعتبر نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموس أنه «بهذا التصويت، يبتعد البرلمان الأوروبي من أي حوار بناء مع تركيا ويثير تساؤلات جدية حول مصداقية الاتحاد الأوروبي كشريك». ويتهم الاتحاد الأوروبي الحكومة التركية بالقيام بحملة تطهير غير قانونية ضد المعارضين منذ محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو/تموز الماضي، بجانب حملة تطهير سياسية وعسكرية متواصلة ضد السياسيين والمتمردين الأكراد، بالإضافة إلى توسيع الضغط على الحريات ووسائل الإعلام في البلاد.وفي أحدث حملة تطهير، أقالت الحكومة التركية، الثلاثاء، أكثر من 15 ألف موظف إضافي، بينهم نحو 7.600 عنصر في قوات الآمن الداخلي، و2.700 من وزارة الداخلية ونحو 1200 في قطاع التعليم. كما نص مرسومان بموجب حالة الطوارئ على إغلاق 550 مؤسسة وتسع وسائل إعلام و19 من المرافق الطبية الخاصة. لكن الإعلام التركي الذي يشن منذ أيام أضخم هجوم على الاتحاد الأوروبي وصف دول القارة بأكبر حاضنة وداعم للإرهاب الدولي، وتقول تركيا إن الدول الأوروبية تقدم الغطاء السياسي والقانوني لأتباع منظمة «بي كا كا» الإرهابية على أراضيها، وتسمح لهم بممارسة أنشطتهم السياسية وجمع الأموال لإرسالها لشراء الأسلحة التي تستخدم في الهجمات اليومية ضد المدنيين والعسكريين الأتراك. كما تتهم الحكومة التركية دول الاتحاد بحماية أنصار منظمة فتح الله غولن التي تصفها الحكومة بالإرهابية بعد أن اتهمتها بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في البلاد، حيث ترفض الدول الأوروبية توقيف أو محاكمة أو تسليم المتهمين بالانتماء للجماعة.فيديريكا موغريني الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي قالت، الثلاثاء، إن «إنهاء أو تعليق محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد سيلحق الضرر بالطرفين، وبإمكانهما التعاون في العديد من المجالات»، ودعت إلى وجوب إبقاء قنوات الحوار مفتوحة بين الطرفين.وأكدت موغريني أن «تركيا لها الحق المشروع في محاسبة الضالعين بمحاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت منتصف تموز/ يوليو الماضي، والذين يقفون وراء العمليات الإرهابية التي تجري في البلاد». مضيفةً: «من الخطأ إنهاء أو تعليق لأنّ الإقدام على هذه الخطوة سيؤثّر سلباً على الطرفين، فنحن بحاجة إلى حوار مستمر مع تركيا بخصوص مسائل عدة أهمها مكافحة الإرهاب، ومستقبل سوريا والاستقرار في منطقة القوقاز».في سياق متصل، قال مانفريد ويبير رئيس كتلة حزب الشعب الأوروبي (أكبر كتلة سياسية في البرلمان الأوروبي) إنّ «تركيا والاتحاد في مفترق طرق»، مضيفاً: «تركيا منشغلة في الأيام الأخيرة بفكرة تعميق العلاقات مع منظمة شنغهاي، وإنّ اقتراب تركيا من الصين وروسيا أمر يدعو للدهشة».وتتزايد الهواجس الأوروبية من «مخاطر» التقارب التركي المتزايد مع روسيا، في الوقت الذي حذر زعيم الحزب «الليبرالي الديمقراطي» في البرلمان الأوروبي، بأن ثلاثية «بوتين وأردوغان وترامب» تهدد نموذج الاتحاد الأوروبي.وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فجر، الأحد، تهديداً مبطناً في وجه الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي «الناتو» عندما لوح بإمكانية انضمام بلاده إلى منظمة «شنغهاي للتعاون» التي تتزعمها روسيا والصين وتعتبر بمثابة حلف مناهض للناتو والغرب بشكل عام، وذلك في ظل تعزيز التقارب التركي الروسي وتراجع العلاقات مع الناتو والاتحاد الأوروبي.وقال أردوغان: «تركيا يجب أن تشعر بالارتياح حيال مسألة الاتحاد الأوروبي وألا تجعل منها هاجسا»، مضيفاً: «لم لا تنضم تركيا إلى خمسة شنغهاي (منظمة شنغهاي للتعاون)؟ قلت هذا للسيد بوتين (الرئيس الروسي) ولنزارباييف (رئيس كازاخستان) ومن هم في خمسة شنغهاي الآن.. أعتقد أنه إذا انضمت تركيا إلى خمسة شنغهاي فإنها ستتمكن من التصرف براحة أكبر بكثير».وجاءت تصريحات أردوغان هذه عقب سلسلة من التهديدات الأوروبية التي تنادي بإنهاء ملف انضمام تركيا للاتحاد، وفي ظل تهديد الرئيس التركي بإجراء استفتاء شعبي من أجل سؤال الشعب التركي حول إمكانية سحب ملف الانضمام.ولكن رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولز، قال إنّ على الاتحاد الأوروبي عدم ارتكاب خطأ إنهاء محادثات انضمام تركيا إليه، لأنّ ذلك يؤدي إلى «فقدان الأوروبيين سلاح التدخل في شؤون تركيا الداخلية»، حسب تعبيره.!!
بروكسل: البرلمان الأوروبي سيصوّت اليوم لتجميد مفاوضات انضمام تركيا… وأردوغان: لن تحدد أصابعكم مصيرنا!!
24.11.2016