الأحداث الأخيرة التي عمّت العالم العربي أعطت الانطباع أنها قد تنتج تحسنا في وضع المرأة العربية، بالنظر لما تضمنته تفاعلات "الربيع العربي" من مضامين وشعارات تحرّرية وحقوقية، إلا أن الناظر المتمهل في وضع المرأة العربية الراهن يلحظ بيسر أنه شهد نكوصا وارتدادا مقارنة بوضعها في العقود السابقة. وهي مفارقة تستدعي الالتفات والقراءة لفهم المسافة بين ما يتحقق وما كان منتظرا.ورغم ما يبدو عليه العالم العربي اليوم من تقدم وتطور في مختلف مناحي الحياة مقارنة بالعقود الماضية إلا أن هذا التقدم لم يشمل جميع مكونات المجتمعات العربية خاصة منها المرأة.فبعد أن كانت في عدد من الأقاليم العربية تعيش مرحلة من الانفتاح والتحرر وحققت العديد من المكاسب إلا أنها أصبحت في السنوات الأخيرة وبسبب تداخل المعطى الديني بالسياسي والاجتماعي بدأت تتراجع من حيث ممارسة حقوقها وحضورها كعنصر فاعل في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.وتعد فترة الستينات والسبعينات فترة ذهبية بالنسبة إلى النساء العربيات حيث انفتحت المجتمعات العربية على المجتمعات الغربية من خلال وسائل الإعلام والتعليم وحتى من خلال بعض ما خلفه الوجود الاستعماري من عادات ومظاهر اجتماعية وثقافية، إذ أن التلاقح الثقافي بين العرب والغرب وتأثر المنطقة العربية بعصر التنوير كانت له نتائج واضحة في الفكر الجماعي العربي حيث ظهرت رؤية جديدة للحياة ولأنماط التعايش والاختلاط لم يعهدها المواطن العربي.وانعكس إعجاب العرب بهذا النموذج الغربي المتقدم على حياتهم الاجتماعية، فأصبحت المرأة تتمتع بحضور أكثر في الفضاءات العامة وأتيحت لها فرص مشاركة الرجل في العمل والتعلم وتقاسمت معه عديد الأدوار رغم أن هذا الحضور كان نسبيا ومحتشما إلا أنه كان بارزا للعيان.!!
المرأة العربية: مكتسبات تتآكل بفعل تصاعد التشدد الديني !!
29.11.2015