تواصل سلطات الاحتلال اتخاذ سياسات قمعية في القدس، وأعلن اليوم أن ما يسمى بوزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، يتسحاك أهرونوفيتش، والأجهزة الأمنية يعتزمون تقديم مشروع قانون للإعلان عن الرباط في المسجد الأقصى كـ تنظيم محظور.وأكدت تقارير إسرائيلية أن مسؤولي وزارة الأمن الداخلي بالتعاون مع الشرطة وجهاز الأمن العام شاباك يعكفون على بلورة مشروع قانون ضد المرابطين بتعليمات من وزير الأم الداخلي. وقالت صحيفة هآرتس إن :المرابطين، رجالا ونساء، كانوا في مركز المواجهات مع «زائرين ومصلين يهود». مضيفة أن «نشاط المرابطين يمول عن طريق تنظيمات إسلامية مختلفة من بينها الحركة الإسلامية الشمالية». وأضافت أن «في كثير من الحالات كان المرابطون، لا سيما النساء المرابطات، ضالعين في مواجهات مع الشرطة وزوا ر يهود». مشيرة إلى أن أجهزة الأمن أصدرت أمر إبعاد ضد 5 نساء مرابطات.ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني قوله: "إن التحقيق الذي أجرته الأجهزة الأمنية بين أن المرابطين يتقاضون راتبا شهريا بقيمة 4-3 آلاف شيكل، وقسم من الأموال تأتي من دول الخليج عن طريق مبعوثين". وادعى أن الشاباك اعتقل على المعبر الأردني مبعوثا وبحوزته مليون شيكل كانت مخصصة لدفع مرتبات المرابطين.وقالت الصحية إن محاولات إخراج المرابطين في الأقصى عن القانون هي «إحدى الخطوات لكبح التوتر في القدس، الذي يعتبر عاملا مركزيا في تأجيج الأجواء في القدس» على حد زعم سلطات لاحتلال. في هذه الاثناء كتبت الصحفية البريطانية بيثان ستاتون تقريرا من القدس الشريف عن النساء المرابطات لحماية المسجد الأقصى، في الوقت الذي تمنع فيه سلطات الاحتلال الرجال من الدخول للحرم والرباط فيه.وفي التقرير الذي نشره موقع "ميديل إيست آي" البريطاني تقدم ستاتون صورة مبهرة عن هؤلاء النساء اللواتي يجمعن بين القيام بواجباتهن المنزلية والعائلية والعملية، وبين الرباط في ساحات الأقصى لحمايته من اعتداءات جنود الاحتلال والمستوطنين المتطرفين. وتذكر الصحيفه انه يوم الاثنين الماضي، في وقت الصباح، والجو ماطر، وتحت أحد الأقواس الحجرية للمسجد الأقصى تجمّع ما يقرب من عشرين من النساء جلوساً على كراسي بلاستيكية أو على قطع من السجاد؛ يحتمين من المطر الغزير الذي حول ساحة الحرم إلى ما يشبه البحيرة. يتحدثن ويقرأن معا بصوت مرتفع من كتب دينية عكفن عليها. ثم تلتحق بهن نسوة أخريات، تحمل كل منهن سجادة صلاتها معها، جئن معا للاحتماء من العاصفة. هؤلاء النسوة، اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين أوائل العشرينات إلى ما يزيد عن السبعين عاماً يأتين يومياً إلى أهم موقع إسلامي في القدس وثالث أقدس بقعة في الأرض حسب الدين الإسلامي. وتحت أقواس المسجد أو في الساحات المظللة لقبة الصخرة الذهبية يقمن الصلاة، ويجتمعن ويتدارسن معاً. المسنات منهن، ومعظمهن لا يقرأن ولا يكتبن، تنظَّمُ لهن حلقات لتحفيظ القرآن الكريم بينما تنهمك الشابات منهن في تناول القضايا الدينية الأكثر تعقيداً وفي تعلم تاريخ المسجد وتاريخ المدينة المقدسة. ولكن، ليس هذا هو السبب الوحيد الذي من أجله تأتي هذه المجموعة لزيارة الأقصى. تعرف هؤلاء النسوة بأنهن "المرابطات"، أي اللواتي يأتين للدفاع عن الحرم وحمايته من توغلات الإسرائيليين ومحاولاتهم فرض سيطرتهم عليه. تقول النسوة إنهن يراقبن عن كثب مجموعات الإسرائيليين اليمينيين والمتدينين الذين يداهمون ساحة الأقصى للزيارة من حين لآخر ويحاولون في بعض المناسبات إقامة شعائرهم داخل الأقصى – والذي يطلق عليه اليهود اسم جبل الهيكل ويعتبر في دينهم أقدس المواقع على الإطلاق. وحينما تمر مجموعة من اليهود الإسرائيليين بالمسجد ترافقهم قوة من الشرطة، تهتف النسوة بأعلى أصواتهن "الله أكبر"، لتذكير الزائرين بأن المسجد مايزال في أيدي المسلمين، رغم التصعيد المستمر والاعتداءات المتزايدة. تقول لطيفة عبد اللطيف ذات الأربعة والعشرين ربيعاً: "كلما انتابنا شعور بأن ضررا قد يصيبنا نهتف الله أكبر، وكذلك حينما يهددنا الإسرائيليون أو يؤذينا الجنود". وتضيف: "أعيش في المدينة القديمة، وكنت من قبل آتي هنا في المساء للصلاة فقط. ولكن حينما رأيت المستوطنين يأتون كل يوم، ورأيت حرصهم الشديد على التواجد هنا، وأنهم يسعون لتدمير قبة الصخرة، أدركت أن لدي الحق في المجيء، بل أنه يتوجب علي أن أكون هنا. آتي إلى هنا لتوجيه رسالة وهي أننا لن نبرح هذا المكان أبداً، فهذا المكان لنا، ولن نغادره إلى أي مكان آخر". يشارك لطيفة عبد اللطيف في إيمانها الكثير من الفلسطينيين الذين يعتقدون بأن وضع المسجد الأقصى يتعرض لتهديد خطير. من الناحية الرسمية يسمح حاليا لليهود الإسرائيليين بزيارة الحرم الذي يشرف على إدارته الوقف الإسلامي، ولكن لا يسمح لهم بالصلاة داخله. إلا أن اليمينيين اليهود صاروا يتحدون هذه الترتيبات في السنوات والشهور الأخيرة مستعرضين قوتهم ومترددين على الحرم بشكل متزايد. وقد شهدت الفترة الأخيرة زيارات متتابعة للحرم من قبل المستوطنين اليهود، بما في ذلك بعض الأسماء البارزة داخل الكنيست، والذين يقولون إنهم إنما يؤكدون على حقوقهم الدينية في الصلاة في أقدس موقع في الديانة اليهودية. إلا أن الفلسطينيين يعتقدون بأن هذه المجموعات اليهودية تطمح في الاستيلاء الكامل على المكان، وهي مخاوف تؤكدها سلوكيات بعض المنظمات مثل "حركة جبل الهيكل" التي تصرح جهاراً نهاراً بأن "المعابد الوثنية" في الأقصى وقبة الصخرة ينبغي أن تدمر ويقام على أنقاضها الهيكل اليهودي الثالث. ولعل هذا ما يفاقم التوتر الذي شهدته ساحات الأقصى مؤخراً وما جرى فيها من مواجهات عديدة بين نساء المسجد وقوات الشرطة. بينما تجمّع بعض الجنود يستظلون بشجرة في الجوار، وقفت عايدة صيداويل، التي تبلغ من العمر 53 عاماً، ترمق عن بعد بعينيها من مكان يطل على حديقة الحرم الجدر الزرقاء لقبة الصخرة، وتقول: "تصوري لو أنك منعت من الذهاب إلى الكنيسة والصلاة فيها، سيضايقك ذلك، وسوف يغضبك أيضاً". وتضيف: "لست أبالي أن يدمر بيتي، وأن يصادر مالي، أما المسجد الأقصى فهو خط أحمر. إذا ما استولوا على الأقصى، فلن يكون شيء في القدس على ما يرام". من الصور التي أصبحت معلماً من معالم التوتر الناجم عن زيارات اليمينيين الإسرائيليين إلى الحرم الشريف، هي تلك الصور التي تظهر الرجال الممنوعين من دخول المسجد وهم يؤدون الصلاة في الشارع، ركعاً سجداً تشهد ظهورهم المحنية في أداء جماعي على إصرارهم على أداء الصلاة ولو في الشارع معتبرين ذلك في نفس الوقت تعبيراً عن الاحتجاج على منعهم. إلا أن ذلك جزء من الحكاية وليس الحكاية كاملة. فالنساء اللواتي يأتين إلى المسجد كل يوم يتعرضن هن أيضاً للاعتقال والضرب والمنع من دخول الحرم. ومع ذلك، فكلهن إصرار على الاستمرار في العودة مراراً وتكراراً وكلهن على استعداد لدفع ثمن باهظ مقابل البقاء في جوار المسجد. تعتقد المرابطات بأنهن كنساء لديهن بشكل خاص دور في غاية الأهمية، وذلك أن الرجال المقدسيين أكثر عرضة للاعتقال في ساحات الأقصى المكشوفة وفي ظل التواجد الكثيف للشرطة، ويشعرن بأن النساء أقل عرضة للاعتقال من الرجال، كما أنهن أقل نزوعاً نحو فقدان السيطرة واللجوء إلى العنف. بالفعل، يعتبر نضال المرابطات كمجموعة متكاتفة من النساء أمراً مركزياً في هذه المقاربة، وترى كثيرات منهن أن مثل هذا النضال من أجل الأقصى قد شكل تحدياً وأحدث تحولاً في بعض الأفكار المتعلقة بالأدوار التقليدية للمرأة. تقول المشاركات في الحراك بأنه برز بشكل واضح خلال السنوات الأربع أو الخمس الماضية، نظراً لأن المستجدات السياسية التي فرضت نفسها شجعت المشاركات في هذا النشاط على تحدي بعض الأفكار المحافظة بشأن دور الأنثى في المجتمع. تقول لطيفة عبد اللطيف، والتي تعتبر من أصغر أعضاء هذه المجموعة سناً: "في السابق لم تكن النساء يخرجن كثيراً إلى المسجد. ولكن منذ أن ازداد الصراع صعوبة وخرج عن الطور المعتاد تحررت النساء من فكرة أن على المرأة أن تلتزم بيتها، وبأنه لا ينبغي لها أن تقول شيئاً، ولا أن ترفع صوتها". مضت لطيفة تقول: "إن الثقافة السائدة هي التي تَحْمل الناس على التفكير بمثل هذا الشكل التقليدي الذي لا يقوم على أساس من الدين، على وجه التأكيد. منذ أن خرجت النساء إلى المسجد وأخذن يشاركن في مثل هذه النشاطات أصبحن أكثر انفتاحاً من الناحية الفكرية، وفهمْن أن الخروج بات واجباً عليهن، وأن بإمكانهم السفر، وأن بإمكانهن التعبير عما تكنه نفوسهن وما يجول في خاطرهن".بالنسبة للكثير من النساء هنا، يعتبر الأقصى نقطة مركزية ليس فقط بالنسبة للقدس بل وأيضاً بالنسبة لحياة كل واحدة منهن، فهو مركز المجتمع في المدينة التي نشأن فيها، وهو المعلم الذي ما فتئن يترددن عليه منذ كن أطفالاً صغاراً. إلا أن الأمر فيه ما هو أكثر من ذلك أيضاً، فالمرابطات يقلن إنه طالما بقي الأقصى بقيت فلسطين. لقد دفعهن الاعتقاد بواجب الدفاع عنه إلى تحدي الأخطار المحدقة بهن من عنف واعتقال وقيود!!
القدس..فلسطين : سلطات الاحتلال الإسرائيلي: الرباط في الأقصى «تنظيم محظور»..النساء المرابطات يلعبن دور مشرف في الذود عن الاقصى!!
27.11.2014