يسود التوتر والغضب في عاصمة الشمال طرابلس إثر حادث غرق زورق في المياه الإقليمية اللبنانية ووفاة 14 راكباً بينهم عدد من الأطفال كانوا بصدد الهجرة غير الشرعية، فيما تمكّن الجيش اللبناني من إنقاذ نحو 48 راكباً، وتوعّد أهالي الضحايا وزراء ونواب طرابلس بتدفيعهم الثمن، ولم يوفّر بعضهم قائد الجيش العماد جوزف عون بعدما حمّلوا أحد الضباط في بحرية الجيش المسؤولية بإعطاء الأمر لطراد بحري بالاصطدام بالزورق لتوقيفه عن الإبحار ما أدى إلى إغراقه، وهذه الرواية ناقضها قائد القوات البحرية في الجيش العقيد الركن هيثم ضناوي في مؤتمر صحافي إذ تحدث عن قيام قائد الزورق بتنفيذ مناورات للهروب من مركب الجيش ما تسبّب بارتطامه بمركب الجيش في وسطه، ما أدى إلى تسرّب المياه إلى الزورق وغرقه بسرعة بسبب الحمل الزائد ولولا وجود عناصر الجيش بالقرب منه لكان عدد الضحايا أكبر.وقال قائد البحرية “إن الزورق الذي غرق هو صناعة 1974 وصغير، طوله عشرة أمتار وعرضه 3 أمتار، والحمل المسموح له هو 10 أشخاص فقط ولا وجود لوسائل أمان فيه”، وأوضح “أنّ دورية حاولت حث الزورق الغريق للعودة لأن الوضع غير آمن، ولو لم نوقف الزورق لغرق خارج المياه الإقليمية اللبنانية”، كاشفاً “أن قائد الزورق حاول الهرب فارتطم بمركب القوات البحرية للجيش اللبناني ولم يتم استعمال السلاح من قبل عناصرنا”. وأشار إلى “أن عدد الناجين بلغ 45 شخصاً واليوم لدينا 5 جثث بالإضافة إلى الطفلة التي توفيت ومن الممكن أن يكون هناك مفقودون نحاول معرفتهم”.وبموازاة لجوء عدد من أهالي الضحايا إلى قطع طرقات في منطقة القبّة وإطلاق النار لدى تشييع ضحاياهم ومهاجمة آليات الجيش وحاجز الطبابة العسكرية، غرّد الرئيس سعد الحريري على حسابه عبر “تويتر” قائلاً: “عندما تصل الأمور بالمواطن اللبناني للجوء إلى قوارب الموت هرباً من جهنم الدولة، فهذا يعني أننا أصبحنا في دولة ساقطة”، وكتب “طرابلس اليوم تعلن بلسان ضحاياها هذا السقوط. والشهادات التي صرّح بها ضحايا قارب الموت خطيرة ولن نقبل بأن تدفن في بحر المدينة”، مؤكداً أن “المطلوب تحقيق سريع يكشف الملابسات ويحدد المسؤوليات… وخلاف ذلك لنا كلام آخر”.وكان إشكال وقع بين عناصر من الجيش والأهالي عند مرفأ طرابلس بعدما حاول الأهالي منع وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار موفداً من الرئيس نجيب ميقاتي من إكمال تصريحه الصحافي. وانهال الأهالي عليه وعلى المسؤولين بالشتائم والصراخ.وكان الرئيس ميقاتي تابع مع قائد الجيش موضوع البحث عن ركاب الزورق الذي غرق ليل الأحد قبالة طرابلس والتحقيقات الجارية في الحادثة، مبدياً “حزنه الشديد للحادثة المؤلمة”، مقدماً العزاء لذوي الضحايا الذين قضوا في الحادث، ومتمنياً “للمصابين الشفاء والعودة السالمة للذين لا يزالون في عداد المفقودين”. واعتبر “أن الإسراع في التحقيقات لكشف ملابسات الحادث مسألة ضرورية لمعرفة حقيقة أسباب الحادث المؤلم”، آملاً من “المواطنين الشرفاء ألا يقعوا ضحية عصابات تستغل الأوضاع الاجتماعية لابتزازهم بمغريات غير صحيحة وغير قانونية”.من جهته، أعلن رئيس مجلس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، الأحد، الحداد الرسمي الإثنين على ضحايا الزورق الذي غرق الليلة الماضية قبالة سواحل طرابلس.وقال بيان ميقاتي: “نعلن الحداد الرسمي غدا على ضحايا الزورق الذي غرق ليل أمس قبالة طرابلس، وتنكس حدادا، الأعلام المرفوعة على الإدارات والمؤسسات الرسمية والبلديات كافة، وتعدّل البرامج العادية في محطات الإذاعة والتلفزيون بما يتوافق مع المناسبة الأليمة”.وأضاف البيان أن ميقاتي أجرى اتصالا بوزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار، وطلب منه التوجه إلى طرابلس وتقديم كل ما يلزم لعائلات الضحايا.كما كلف ميقاتي، الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير بأن يكون إلى جانب الأهالي المفجوعين وتقديم كل المساعدات الممكنة لهم.وعن لحظات الرعب بعد ساعتين على إبحار المركب، تحدث بعض من الناجين، مفيدين بأن وجهة السفر كانت إلى سواحل إيطاليا ومنها إلى ألمانيا. ولوّح أب لعائلة بالانتقام لأولاده المفقودين على متن الزورق. وكشف أحد المواطنين أن شقيقه استدان 6 آلاف دولار ليسدّد بها ثمن الرحلة لعائلته المؤلفة من 9 أشخاص، وأبدى حزنه لتنتهي الرحلة بالغرق. وأشار ناج من الزورق من التابعية السورية أنه قرّر الهجرة غير الشرعية بعد انسداد الآفاق في وجهه وعدم رغبته في العودة إلى سوريا”، وكشف أنه “عاش لحظات من الرعب وأن الأطفال كانوا يبكون خوفاً”.وأسف مواطن طرابلسي للوضع المأساوي الذي آلت إليه الحال، واستغرب مطاردة من يحاولون الهروب من أزمات البلد في وقت لا يمكنهم استصدار جوازات سفر ولا يستطيعون الحصول على تأشيرات دخول. وكان وزير الأشغال العامة والنقل علي حميه تابع ليل السبت وحتى ساعات الفجر أعمال إنقاذ الناجين، ووصف الحادثة بـ”الفاجعة الكبرى التي أصابت لبنان بأكمله”. وعن جنسية الركاب وإذا كانوا لبنانيين وسوريين أجاب: “إننا كوزارة لا نفرق بين جنسية وأخرى بالنسبة للغرقى فهم جميعاً أبناؤنا مهما اختلفت أعراقهم، المهم أن ننقذ أرواحاً غرقت في البحر ومن واجبنا مساعدتهم”.أما الجيش اللبناني فلفت في بيان صادر عن مديرية التوجيه إلى أنه “بتاريخ 23 / 4 / 2022 تمكنت القوات البحرية التابعة للجيش حتى الساعة من إنقاذ 48 شخصاً بينهم طفلة متوفية كانوا على متن مركب تعرّض للغرق أثناء محاولة تهريبهم بطريقة غير شرعية، قبالة شاطئ القلمون – الشمال، نتيجة تسرّب المياه بسبب ارتفاع الموج وحمولة المركب الزائدة. وقد عملت القوات البحرية بمؤازرة مروحيات تابعة للقوات الجوية وطائرة “سيسنا” على سحب المركب وإنقاذ معظم من كان على متنه حيث قُدمت لهم الإسعافات الأولية ونُقل المصابون منهم إلى مستشفيات المنطقة، فيما تواصل القوى عملياتها براً وبحراً وجواً لإنقاذ آخرين ما زالوا في عداد المفقودين. وقد تمَّ توقيف المواطن (ر.م.أ) للاشتباه بتورطه في عملية التهريب، وبوشرت التحقيقات بإشراف القضاء المختص”.وقد صدر العديد من المواقف المتضامنة والمستنكرة غرق الزورق، ودعا رئيس مجلس النواب نبيه بري “لإنزال أقصى العقوبات بحق المرتكبين لا سيّما أنها ليست الجريمة الأولى التي ترتكب ويدفع ثمنها اللبنانيون غالياً على متن قوارب الموت وعلى أيدي المجرمين من تجار الأزمات”. واعتبر “أن العزاء الحقيقي في هذه اللحظات الحزينة أن يسمع جميع المسؤولين في لبنان على مختلف مواقعهم خاصة من هم في السلطة التنفيذية والوزارات المعنية لصوت أبناء طرابلس والشمال المفجوعين بفلذات أكبادهم من أجل مقاربة حقيقية تضع حداً لحرمان هذه المنطقة العزيزة من لبنان وإنقاذ أبنائها الشرفاء والطيبين من مصيدة الموت المجاني”.تجدر الإشارة إلى أنها ليست المرة الأولى التي تتم فيها عملية تهريب غير شرعية لمواطنين من التابعية اللبنانية والسورية، وقد زادت هذه العمليات في هذا العهد نتيجة الأزمة الاقتصادية والمالية والمعيشية الخانقة والبؤس الذي بلغه الناس، وفي إحدى الرحلات تمّ الإعلان عن وفاة نحو 30 راكباً علقوا في البحر من دون ماء وطعام.
بيروت..لبنان : توتر وغضب في طرابلس إثر غرق زورق بعد مطاردته من بحرية الجيش اللبناني..فيديو!!
24.04.2022