أحدث الأخبار
الأربعاء 27 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
واشنطن.. أمريكا : قبل 30عاما : ذكرى تفويض الكونغرس بشن العدوان على العراق .. هكذا استغلت أميركا الحسابات الخاطئة لصدام ودمرت العراق!!
11.01.2021

في مثل هذا اليوم قبل 30 عاما أعلن الكونغرس الأميركي تفويض الرئيس جورج بوش الأب بشن الحرب على العراق واستخدام القوة لإخراج قواته من الكويت، ولم تمض سوى أيام قليلة على التفويض حتى أعلن التحالف الدولي بقيادة واشنطن انطلاق حرب الخليج الثانية في 17 يناير/كانون الثاني 1991.ويفرض الدستور الأميركي على الرئيس الحصول على تفويض الكونغرس قبل شن الحرب على أي دولة لم تهاجم المصالح الأميركية بشكل مباشر، لكن مهمة بوش داخل الكونغرس لم تكن صعبة، ولم يواجه معارضة كبيرة قبل تفويضه.قرار الكونغرس الأميركي باستخدام القوة العسكرية لإخراج القوات العراقية من الكويت تضمن إعطاء الرئيس العراقي صدام حسين مهلة حتى 15 يناير/كانون الثاني 1991 لسحب قواته من الكويت، بحسب الخبير الإستراتيجي الدكتور فارس تركي.ويبين تركي للجزيرة نت أن الكونغرس قرن موافقته بضرورة اتباع كل الوسائل الدبلوماسية والسلمية لتجنب الحرب، وأوضح أنه سيسحب دعمه وموافقته إذا استمرت الحرب لفترة طويلة أو تسببت بخسائر فادحة.ويشير تركي إلى أن الرئيس الأميركي بوش الأب لم ينتظر موافقة الكونغرس، بل قام وقبل 5 أشهر من تفويض القوة بإرسال حوالي نصف مليون جندي إلى منطقة الخليج استعدادا للحرب.ويعزو أسباب التدخل الأميركي إلى الأهمية الاستثنائية لمنطقة الخليج العربي بوصفها أكبر منتج ومصدر للنفط على مستوى العالم، فضلا عن علاقة المصالح بين أميركا ودول الخليج، كما أن واشنطن -التي كانت تريد فرض هيمنتها المطلقة- لن تتسامح أبدا مع فعل بحجم اجتياح الكويت وفي منطقة شديدة الحساسية.بعد اجتياح القوات العراقية الكويت في 2 أغسطس/آب 1990 ومنذ اليوم الأول للأزمة كانت الولايات المتحدة تطالب العراق بالانسحاب من الكويت، إلا أنها وفق الحسابات الإستراتيجية ترغب بالعكس، وقد ساعدتها القيادة العراقية في تنفيذ الإستراتيجية بحسابات خاطئة بعيدة عن المنطق والواقع كما يقول رئيس قسم الدراسات السياسية والإستراتيجية في مركز الدراسات الإقليمية بجامعة الموصل الدكتور ميثاق خير الله جلود.ويكشف جلود للجزيرة نت أنه في 4 أغسطس/آب 1990 قررت القيادة العراقية الانسحاب من الكويت، وذلك بعد تدخل إيجابي من ملك الأردن آنذاك الحسين بن طلال بشرط ألا يصدر قرار عربي يدين العراق، إلا أن الرئيس المصري محمد حسني مبارك وبعد اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي جورج بوش سارع إلى إدانة العراق، مما حدا بصدام حسين للعدول عن قرار الانسحاب.ويعرب جلود عن اعتقاده بأن دول الخليج في بداية الأزمة كانت تريد انسحابا عراقيا فقط، وما يؤكد ذلك أن القيادة في السعودية كانت مترددة في استقبال القوات الأميركية في بادئ الأمر.وأشار إلى أن صدام أبدى في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 1990 استعداده لإجراء حوار مع السعودية والولايات المتحدة، وفي مبادرة حسن نية أعلن العراق بعد 3 أيام أنه سيسمح للرعايا الأجانب بمغادرة البلاد، لكن الإدارة الأميركية لم تتجاوب مع المبادرة العراقية.بعدها دفعت واشنطن مجلس الأمن الدولي إلى إصدار قرارات متلاحقة ضد العراق هي الأقسى عبر تاريخ هذا المجلس بحسب جلود، فيما أفضت جهود الفرصة الأخيرة للحل السلمي إلى الاتفاق على لقاء بين وزير الخارجية العراقي طارق عزيز ووزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر في 9 ديسمبر/كانون الأول 1990 في جنيف، إلا أن اللقاء لم يكن سوى تجديد للمواقف السابقة.وشنت طائرات التحالف الدولي بعد يوم واحد من انتهاء المهلة النهائية التي منحها مجلس الأمن للعراق لسحب قواته من الكويت حملة جوية مكثفة وواسعة النطاق شملته كله من الشمال إلى الجنوب، كما يفيد الخبير العسكري عبد الخالق الشاهر.ويضيف الشاهر للجزيرة نت أن التحالف شن 109 آلاف و867 غارة جوية خلال 43 يوما، أي بمعدل 2555 غارة يوميا، واستخدم خلالها 60 ألفا و624 طنا من القنابل، الأمر الذي أدى إلى تدمير الكثير من البنى التحتية العراقية.ويسترسل الشاهر بالقول "بعد تدمير التحالف الطائرات والدفاعات الجوية ومراكز الاتصال العراقية بدأت الغارات تستهدف قواعد إطلاق صواريخ سكود العراقية، ومراكز الأبحاث العسكرية والسفن الحربية، والقطاعات العسكرية الموجودة في الكويت، ومراكز توليد الطاقة الكهربائية ومراكز الاتصال الهاتفي، ومراكز تكرير وتوزيع النفط والموانئ العراقية، والجسور والسكك الحديدية، ومراكز تصفية المياه".ويرى الخبير العسكري العراقي أن توسيع الضربة لتشمل مواقع كثيرة كان هدفه شل أي مؤسسة ممكن أن تخدم العمل العسكري بغية إضعاف القوات المسلحة العراقية والتأثير على معنويات الشعب العراقي، مما يقلل خسائر القوات الغازية وتدمير البلد.واعتبر أستاذ العلوم السياسية في بغداد الدكتور أحمد عدنان الميالي قرار الكونغرس بداية نكبة العراق والعراقيين، وإضعاف الجيش العراقي، وهدم مؤسسات وبنى الدولة، والعقوبات الاقتصادية.ويرى الميالي خلال حديثه للجزيرة نت أنه لا يمكن الفصل بين مرحلة عام 1991 ومرحلة ما بعد عام 2003، لكونهما مرحلتين متصلتين من حيث الإخفاقات والتراجعات، لافتا إلى أنهما تشكلان مرتكزا لعملية هدم الدولة العراقية واستمرارها حتى ما بعد 2003.ويرجح الميالي أن ما حصل منذ عام 1991 كان عملية ممنهجة لغزو العراق عام 2003، وتم الإجهاز على البلاد بالكامل كما أرادوا، ولا يزال العراقيون يدفعون ثمن 11 يناير/كانون الثاني 1991 وقد يستمر الحال لفترة أطول.
*المصدر : الجزيرة نت


1