بعد أن رسمت روسيا سيناريو الهجوم على إدلب بإحكام، وكثفت تصريحاتها التي تصف المدينة شمال سوريا بـ«البؤرة الإرهابية»، بعد وصفها سابقاً بـ«الخراج الذي يجب استئصاله»، ووسط تعزيزات عسكرية روسية تعتبر الأكبر منذ 2011، حسب مراقبين عسكريين، في الشواطئ قبالة سوريا تمهيداً لإجراء مناورات وتدريبات عسكرية ضخمة، تكون قد ولجت في صلب الحرب النفسية، تمهيداً لهجومها ضد إدلب بمساعدة النظام والميليشيات الداعمة له.ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين قال للصحافيين في مؤتمر عبر الهاتف «بؤرة الإرهابيين (في إدلب) لا تبشر بأي خير إذا استمر هذا الوضع دون تحرك». وقالت وزارة الدفاع الروسية إن أكثر من 25 سفينة حربية وغواصة و30 طائرة تشمل مقاتلات وقاذفات استراتيجية ستشارك في التدريبات، التي تجرى في الفترة من الأول من أيلول/ سبتمبر حتى الثامن من الشهر الحالي.تزامناً ولتبرير الهجوم أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن قيام «الإرهابيين» باستخدام منطقة خفض التصعيد في إدلب لمهاجمة القاعدة الروسية في حميميم في سوريا بالطائرات المسيرة أمر غير مقبول، وذلك خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السوري وليد المعلم في موسكو.وترافق ذلك مع دخول المفاوضات بين موسكو وأنقرة مرحلة صعبة وخطيرة، في ظل تصاعد التحشيد العسكري على حدود المحافظة روسياً و«نظامياً» والتكهنات بقرب اندلاع «المواجهة الكبرى». ودفعت موسكو لحشد أسطولها في البحر المتوسط لتسجل أكبر وجود عسكري روسي قبالة سواحل سوريا منذ عام 2011، قبل أن تعلن، الخميس، عن إجراء مناورات حربية بحرية في المتوسط خلال الأيام المقبلة، وذلك بعد أن اتهمت واشنطن بحشد سفن حربية محملة بصواريخ مجنحة قرب سوريا.وقبيل أيام من قمة متوقعة تجمع رؤساء روسيا فلاديمير بوتين، وتركيا رجب طيب أردوغان، وإيران حسن روحاني، في مدينة تبريز الإيرانية في السابع من الشهر المقبل، تجري مفاوضات عسكرية واستخبارية على أعلى المستويات بين أنقرة وموسكو في محاولة للتوصل إلى صيغة توافقية تمنع انهيار مسار أستانة بين البلدين، من خلال صيغة مرضية تضمن آلية لمحاربة «هيئة تحرير الشام» دون إلحاق الضرر بالمدنيين، وهو ما زال مستبعداً حتى الآن.ولتحقيق المطلب الروسي بضرورة حل «هيئة تحرير الشام»، تواصل المخابرات التركية مفاوضاتها مع الهيئة، حيث تقول مصادر تركية وسورية إن خط مباحثات دائماً ما زال قائماً بين الطرفين في محاولة أخيرة للتوصل إلى صيغة ما قد تجنب المحافظة هجوماً عسكرياً كبيراً، لكن دون وجود مؤشرات إيجابية كبيرة حتى الآن عن قرب التوصل لاتفاق بين الجانبين، وهو الاحتمال الذي دفع الجيش التركي للعمل على تعزيز نقاط المراقبة التابعة له في محيط إدلب استعداداً لجميع السيناريوهات.في إشارة جديدة إلى استشعار خطر قرب وقوع هجوم عسكري لروسيا والنظام على إدلب، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، الخميس، إن بلاده تسعى إلى ضمان سلامة حوالى 4 ملايين شخص من دون انهيار وقف إطلاق النار في المحافظة. وفي إشارة ثانية لاستشعار الخطر دعت الأمم المتحدة أمس روسيا وإيران وتركيا إلى الحيلولة دون اندلاع معركة في محافظة إدلب السورية ستؤثر على ملايين المدنيين، وقد يستخدم فيها الجانبان «غاز الكلور». وحذر ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا من حدوث سوء في التقدير، وهو ما سيؤدي إلى «تصعيد غير متوقع».وكان لافتا، بنظر المحللين، في تصريح دي ميستورا، حديثه عن وجود 10 آلاف مقاتل مرتبط بالقاعدة في إدلب، وكذلك أن «هيئة تحرير الشام» («النصرة» سابقا) هي تنظيم إرهابي «ولا بد من دحره»، لكن الإشارة التي اعتبرها كثيرون تبريرا للهجوم المقبل كانت في قوله: «نعلم جميعا أن كلا من الحكومة والنصرة لديهما القدرة على إنتاج غاز الكلور القاتل، وبالتالي يزيد ذلك قلقنا جميعا»، وبتأكيده على وجوب دحر «النصرة» واتهامها بحيازة سلاح كيميائي، اعتبرت مصادر في المعارضة السورية أن دي ميستورا أعطى النظام وروسيا الضوء الأخضر والتبرير الأممي للهجوم.وفي إشارة أخرى لخطورة الموقف أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم، الخميس، أن «سوريا في المرحلة الأخيرة من تحرير كامل أراضيها من الإرهاب»، في إشارة إلى أن النظام يستعد لهجوم وشيك على محافظة إدلب. وفيما ذهب البعض إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تعترض جهود روسيا الرامية لإعادة فرض سيطرة النظام في دمشق على كامل سوريا، بما فيه مساعيها في إعادة الإعمار وفرض الاستقرار، لكن مقابل شروط عدة أهمها، حسب مركز «جسور للدراسات»، أن تساهم موسكو مع واشنطن في الجهود الساعية لإخراج إيران بشكل كامل من سوريا، وأن توافق روسيا على البدء بعملية سياسية جادة تقودها الأمم المتحدة، إضافة الى التوصل لاتفاق يعتمد نظام حكم إداري يكون بمثابة ضمانة للمكاسب التي حققتها قوات سوريا الديمقراطية شرقي الفرات!!
دمشق..سوريا : مفاوضات روسية تركية «حاسمة» حول إدلب… ودي ميستورا يبرر هجوم النظام: «النصرة» تملك سلاحا كيميائيا!!
31.08.2018