وصلت الدفعة الأولى من مهجري ببيلا ويلدا وبيت سحم جنوب العاصمة دمشق، إلى منطقة الباب في ريف حلب الشمالي بعد 15 ساعة من مغادرتها بيت سحم، عصر الخميس 3 أيار (مايو). وتوجه المهجرون برعاية تركية إلى مخيم الإيواء في منطقة جرابلس، عفرين بعد ساعات من الانتظار قرب المعبر بين منطقة درع الفرات التي تسيطر عليها فصائل الجيش الحر ومناطق سيطرة قوات النظام جنوب مدينة الباب في معبر أبو الزندين، غرب بلدة تادف. وانطلقت القافلة الثانية ظهر الجمعة، وخرج فيها 618 مهجرا من المقاتلين وأسرهم فقط، على اعتبار أن النظام أرسل 11 حافلة، بدل الخمسين المتوقعة وتذرع بعدم وجود باصات كافية لنقل كامل المهجرين في الدفعة الثانية. ويقدر عدد المهجرين من البلدات الثلاث (بيت سحم وببيلا ويلدا) أكثر من 17 ألف مهجر حسب القوائم الأولية التي أعدتها لجنة المفاوضات عن الفصائل الأربعة في البلدات نهاية نيسان (أبريل). وأبرمت فصائل جنوب دمشق اتفاقاً مع النظام السوري برعاية مركز المصالحة الروسية في حميميم ونص الاتفاق الذي وقع في 29 نيسان (ابريل) وأقره من جانب فصائل المعارضة كل من: «جيش الإسلام» و«جيش الأبابيل» ولواء «شام الرسول» وحركة «أحرار الشام الإسلامية» و«فرقة دمشق» على بداية التحضير «لإخراج رافضي إتمام المصالحة مع عوائلهم بسلاحهم الفردي وبضمان الحكومة الروسية على أن تبدأ عملية الخروج بعد تأمين جبهات المنطقة». وأشترط النظام على الراغبين بالبقاء في المنطقة أن «يقوموا بتسليم سلاحهم للشرطة العسكرية الروسية وإكمال التسوية مع الجيش العربي السوري». على أن «تقع مسؤولية حماية البلدات بعد هذه العملية على عاتق الشرطة العسكرية الروسية، كما تلتزم الحكومة السورية بتقديم الدعم الإنساني للمتبقين في البلدات وتقوم بتأمين العودة السريعة لمؤسسات الدولة الاقتصادية والخدمية والطبية والتعليمية». ومنح الاتفاق تأجيلا مدته ستة أشهر «لأصحاب الوضع التجنيدي (تخلف ـ احتياط) وتعهد الروس بالسماح ـ لمن يرغب ـ من الذين قاموا بتسوية وضعهم أن يخدموا في صفوف الجيش العربي السوري». في السياق، ذكرت مصادر صحفية أن «جيش الأبابيل» طلب من مركز المصالحة الروسية في حميميم والذي يقوم بدور الوسيط والضامن في المفاوضات بخروج مقاتليه إلى محافظة درعا، ويقوم القائد العام في «جيش الأبابيل» شكري الحجي، الملقب، أبو توفيق الحوراني، بجهود كبيرة لاقناع المفاوضين الروس بخروج مقاتليه إلى منطقة «جاسم» في درعا حيث يتواجد قسم كبير من جيشه فيها. مصدر عسكري في الجبهة الجنوبية رفض الاستعجال بالتصريح، مضيفاً أن النظام «اشترط خروج المقاتلين دون سلاح إلى درعا بداية، لكنه عاد وبدأ بالتسويف، ومن المرجح أن يرفض حتى الخروج إلى الجنوب السوري حتى لو قبل الأبابيل شرطه».وبدأت عملية تفريغ جنوب دمشق مع الاتفاق الذي حصل في حي القدم جنوب دمشق، واتفاق هيئة «تحرير الشام»(النصرة سابقا) مع النظام السوري على اخراج مقاتليها والبالغ عددهم 150 مقاتلا إلى محافظة إدلب عبر معبر العيس الذي فتحته «تحرير الشام» بينها وبين مناطق سيطرة النظام السوري في ريف حلب الجنوبي. مقابل اخراج سبعة آلاف محاصر في بلدتي الفوعة وكفريا على مرحلتين وإخراج الأسرى النساء والأطفال (عددهم 85) من بلدة اشتبرق والذين أسرتهم «جبهة النصرة» في صيف 2015 خلال معركة السيطرة على جسر الشغور غرب محافظة إدلب من القرية «العلوية» القريبة. وسيتم إخلاء المحاصرين من الفوعة وكفريا على مرحلتين، الأولى خرج فيها نحو 1500 من المدنيين وبعض عناصر الميليشيات الشيعية من داخل البلدة. ورفض عدد كبير من الأهالي في الفوعة تحديدا، التهجير من بيوتهم رغم الضغط العسكري والديني من قبل الحرس الثوري الإيراني و«حزب الله» اللبناني.وبدأت فصائل المعارضة في جنوب دمشق بتسليم نقاط الاشتباك مع تنظيم «الدولة الإسلامية» حسب نص الاتفاق. وتحديدا في بلدة يلدا المحاذية للحجر الأسود ومخيم اليرموك والتضامن. وتعتبر العملية العسكرية التي بدأها الحرس الجمهوري مع عدد من الفصائل الفلسطينية أبرز هجمة عسكرية على مخيم اليرموك وباقي المخيمات المجاورة منذ بدأ الثورة السورية على الاطلاق، فقد استخدمت فيها قاذفات سوخوي الروسية والبراميل المتفجرة إضافة إلى قصف مدفعي عنيف دمر مخيم اليرموك بنسبة تتجاوز الـ90 في المئة. ويعتبر مخيم اليرموك أحد أهم مخيمات اللجوء الفلسطيني في الجوار العربي والعالم.ويلاقي تهديم مخيم اليرموك صمتا فلسطينياً رسمياً منذ عشرين يوما، هو استمرار للصمت على حصاره منذ ما يزيد عن الثلاثة أعوام. إلى ذلك، انتقد منسق عام تجمع مصير المحامي الفلسطيني أيمن أبو هاشم صمت الفصائل الفلسطينية قائلا«الفلسطينيون في مخيم اليرموك فقدوا الثقة بكل الفصائل والمرجعيات الوطنية، وأصبحت لديهم شكوك انتماء بالكل الفلسطيني» وأشار إلى أن ما حصل في مخيم اليرموك «أثر سلباً على الفلسطينيين وقضية العودة وتملكهم شعور أنهم أصبحوا منكرين في الخطاب السياسي الإعلامي الفلسطيني».وزج النظام بعدد من الميليشيات الفلسطينية في حربه على مخيم اليرموك، أهمها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين -القيادة العامة، واستقدم ميليشيا لواء القدس الفلسطيني من حلب، وميليشيا فلسطين الحرة، وفتح الانتفاضة، فيما فضل إبعاد جيش التحرير الفلسطيني من الحرب في اليرموك خشية حصول انشقاقات داخل الجيش المنضبط، كون الحرب على مكان يعتبر أهم معاقل الوجود الفلسطيني في سوريا ويحظى برمزية كبيرة للنضال الفلسطيني وكثيرا ما كان بوصلة الحركة الوطنية في الشتات. تهديم مخيم اليرموك والتهجير القسري لمئات الآلاف من نازحي الجولان السوري المحتل والفلسطينيين جنوب دمشق يعني أن المنطقة الممتدة إلى بلدة السيدة زينب أصبحت خالية تماما من أي وجود للمعارضة السورية وبقيت آلاف الأسر فيها من سكانها المحليين واللاجئين الفلسطينيين. وتعطي الظروف الحالية إمكانية كبيرة لإيران بالبدء بتغيير ديموغرافي وهندسة أمنية لكامل الحزام الممتد من السيدة زينب وصولا إلى داريا غربا، مرورا ببيت سحم ويلدا وصولا إلى الحجر الأسود والقدم. ويتصل هذا الحزام بمواقع الحدود اللبنانية السورية التي يسيطر عليها حزب الله ويصبح امتدادا للمنطقة التي ينشط فيها حزب الله في محافظة القنيطرة. ومع هدم مخيم اليرموك ورحلة الشتات والتهجير الثانية يتحقق تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي أرييل شارون، عندما توعد المخيم «لك يوم يا مخيم اليرموك» إثر المقاومة الفلسطينية له في جنوب لبنان عام 1982 ووجود ثقل من فدائيي المخيم عشية الاجتياح الإسرائيلي لبيروت. ورغم تأخر هذا التوعد أكثر من 34 عاما إلا أن النظام السوري أوفى بوعد شارون.!!
دمشق..سوريا : تدمير مخيم اليرموك وسط صمت دولي وفلسطيني..النظام السوري ينجز ما عجز عنه أرييل شارون في 1982!!
06.05.2018