خرجت بدمع في عينيها حين ستئذنها إبنها كي تغادر قاعة المحكمة، فطنت أنه يستحي من ذكر أمور في حضرتها وخشية على صحتها، وهي التي ألم بها مرض السرطان في فترة اعتقال ابنها، إنها أم ناصر الزفزافي، قائد حراك الريف. غادرت القاعة بقلب مفطور فباح هو بتفاصيل صادمة عن اعتقاله. تفاصيل عن إهانات وشتائم واعتداءات جسدية بل وجنسية. استعادها وهو يسترجع حكاية «تعذيبا ممنهجا» تعرض له خلال اعتقاله منذ أن تم إيقافه يوم 29 ايار/ مايو من السنة الفارطة. ويروي أنه في صباح ذلك اليوم الباكر، ببيت بقرية «تروكوت « التي تبعد كيلومترات عن الحسيمة شمال المغرب، استيقظ قبل بزوغ الشمس على صوت تكسير الباب والصراخ فلم يتحرك من مكانه برفقة صديقه الحاكي غطاس، إلى أن دخلت بعض عناصر القوة الأمنية، وكانوا يتسابقون لاعتقاله، يقول الزفزافي وهم يرددون عبارات نابية منها «الأوباش» .. مضيفا أن أحدهم ضربه بآلة حادة على رأسه حتى نزفت منه الدماء مما تسبب له في جرح غائر، بعد مرور حوالي عشرة أشهر، كشف للمحكمة أثره بعد أن حضر للجلسة حليق الرأس لا يعلوه إلا شعر خفيف . ثم يسترسل أن آخر ضربه بالأصفاد على عينه اليمنى قبل تصفيد يديه، فيما كان يتلقى ركلات على بطنه من طرف عنصر ثالث، قال الزفزافي أنه كان يطلب منه ترديد عبارة «عاش الملك» وكان ينال وابلاً من الصفع والضرب جراء رفضه، وحتى لما قالها في المرة الرابعة بصوت منخفض، فإنه تعرض للضرب مرة أخرى بذريعة أن العبارة لم تكن نابعة من قلبه. الزفزافي الذي كان يتوقف عن الحديث ليلتقط أنفاسه ويتنهد أحيانا وهو يعود بذاكرته للوراء بدا عليه التأثر وهو يحكي، وكان في كل مرة يقسم على صدق ما يقول، كانت تغالبه الدموع لكن يمنع نفسه من أي يذرفها أمام المحكمة قائلا « لن أبكي لأن هذه كانت أمنيتهم ..أن يروني أبكي». استمر في البوح عن ما تعرض له، فحكى عن ضرب رأسه مع الحائط من طرف أحد العناصر بعدما تم إخراجه من الغرفة التي كان فيها، بل. وأضاف «أحدهم وضع أصبعه في دبري» ولما قال له ناصر «حشومة عليك « (عيب عليك)، «تقدم آخر وأدخل لي العصا في دبري وهو ينزل سروالي» يضيف الزفزافي قائلا أن الضرب والصفع والشتائم لم تتوقف حتى وهو ينقل حافي القدمين لسيارة الشرطة وبأن العنف نفسه تعرض لها صديقاه اللذان كان برفقتها وأن أحدهما أغمي عليه فصبوا عليه الماء والعصير كي يستفيق .وفي الطريق نحو المخفر تحدث ناصر عما تعرض له من عنف جسدي ونفسي وتهديد بأن يتم اغتصاب والدته أمام عينيه وهو ينزف دما من رأسه، قائلا أن الضابط الذي كان يقود سيارة الشرطة بعد أن شعر أنه سيغمى عليه من كثرة الدماء التي نزفت منه، أوقف السيارة وأنزل باقي الضباط وقال لهم ما معناه بالفصحى «أقسم إذا اقترب منه أحدكم سأقوم باللازم، هل تريدونه أن يموت بين أيدينا ..». هذا قبل أن تنقله «هيلكوبتر» إلى مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالداالبيضاء» حيث قال أن أحدهم قال له قبل وصوله بأنه سيتم نقله إلى «تازمامارت» وهي معتقل سري تعرض فيه معارضون للتعذيب في عهد ما يعرف في المغرب بـ»سنوات الجمر والرصاص»، يضيف الزفزافي أنه حين سمع ذلك تمنى أن يفكوا أصفاده ليشنق نفسه وأنه اطمأن حين وصل إلى مقر الفرقة الوطنية بالدارالبيضاء «أدخلوني إلى مكتب فيه 50 ضابطا من بينهم رئيس الفرقة الوطنية « وأنه انتابه الخوف فتساءل هل كل هؤلاء سيحققون معي، أنا ليس عندي سلاح ، عندي فقط فم أتحدث به». هذا غيض من فيض ما حكاه قائد حراك الريف أمام قاضي محكمة الاستئناف في الدارالبيضاء وذلك خلال الحصة الثانية من الاستماع إليه الثلاثاء، ما حكاه الزفزافي بحضور مراقبين دوليين ومنابر إعلامية وطنية ودولية، أثار حملة استنكار على وسائل التواصل الاجتماعي وزاد من التعاطف والتضامن مع شخصه بعد أن تملك جرأة الحديث عن أمور يصعب الجهر بها أمام الناس وتعتبر في مجتمع محافظ أمورا في غاية الحساسية. و قالت جمعية «الحرية الآن» أن «ما فضحته تصريحات الناشط ناصر الزفزافي أمام المحكمة من تعذيب ومعاملة حاطة بالكرامة الإنسانية، والتي تدعي الدولة باستمرار أنها قطعت معها، يفرض على كل الجهات المعنية اتخاذ تدابير مستعجلة «، ومن بين التدابير قالت الجمعية أن على «الدولة إطلاق سراح كافة معتقلي حراك الريف وكل معتقلي الرأي بالمغرب فوراً وجبر أضرارهم وتقديم الاعتذار لهم».من جهة اخرى نشرت البرلمانية في الإتحاد الأروبي عن حزب العمل الهولندية، كيتي بيري، تدوينة على الفيسبوك تقول فيها أنها اضطرت لإنهاء زيارتها للمغرب مبكراً بسبب عدم حصولها على موافقة من السلطات لزيارة مدينة الحسيمة للقاء عائلات معتقلي «حراك الريف"!!
الرباط..المغرب:الزفزافي يطلب من والدتة مغادرة قاعة المحكمة خوفا عليها من هول الاستماع لحديثه عن«التعذيب»ويروي أموراً صادمة أمام المحكمة
12.04.2018