واصلت المقاتلات الجوية التركية قصفها للقواعد العسكرية التابعة لوحدات حماية الشعب الكردية شمال غربي محافظة حلب، في اليوم الثالث من انطلاق عمليات «غصن الزيتون» التي تهدف إلى إنشاء منطقة آمنة بعمق 30 كم على الشريط الحدودي التركي مع سوريا، ومحاصرة عفرين لارغام الميليشيات الكردية على الانسحاب من المدينة بشكل كامل، وذلك بمساندة برية من فصائل الجيش الحر التي زجت بأكثر من 20 ألف مقاتل في العمليات العسكرية ضد الميليشيات الكردية في ريف حلب.واستهدفت الغارات الجوية التركية وقذائف المدفعية الثقيلة، مواقع ونقاطاً عسكرية حيوية لوحدات حماية الشعب الكردية بالتزامن مع هجمات برية شنتها فصائل المعارضة والقوات الخاصة التركية شمال غربي عفرين، حيث انتزعت القوات المشتركة مساحات كانت الميليشيات الكردية تسيطر عليها، فضلاً عن قصف مكثف تعرضت له المواقع العسكرية ونقاط المراقبة التابعة للوحدات الكردية شرقي عفرين، فيما اكدت مصادر ميدانية مطلعة لـ»القدس العربي» ان القوات المهاجمة من الجيشين التركي و»الحر» قد سيطروا على مواقع جديدة واصبحوا يسيطرون نارياً على مركز ناحية راجو وهي احدى اربع نواحٍ تتبع لمدينة عفرين.وأسفرت المعارك المستمرة منذ ثلاثة أيام في المنطقة شمالي سوريا عن مقتل 54 عنصراً من الفصائل المعارضة القريبة من أنقرة والمقاتلين الأكراد، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان. ويتوزع القتلى وفق المرصد، بين 19 من الفصائل المعارضة السورية المشاركة في الهجوم التركي على عفرين قضوا خلال المعارك، مقابل 29 من الوحدات الكردية قتلوا خلال الاشتباكات والغارات التركية. كما افاد المرصد عن وجود جثث لتسعة مقاتلين آخرين مجهولي الهوية.من جهتها تقول وحدات حماية الشعب الكردية إنها دمرت دبابتين للجيش التركي، بينما أكد قائد عسكري في الجيش السوري الحر لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) «تقدم قوات درع الفرات أمس وفرض سيطرتها على جبل برصايا جنوب غربي مدينة اعزاز، كما سيطرت فصائل من الجيش الحر، وبإسناد من المدفعية والطيران التركي، على قرى شيخ وباسي ومرصو وحفتار ودمرت مستودع ذخيرة في ناحية بلبل وتلة الشيخ هزوز شمال غربي مدينة عفرين، وبعد اشتباكات مع الوحدات الكردية قتل منهم خمسة وأسر اثنان آخران وتم تدمير مدفع رشاش على محور ناحية راجو بصاروخ حراري».وأكد القائد العسكري أنه «بعد سيطرة فصائل الجيش والقوات التركية على تلك المواقع وخاصة جبل برصايا، أصبحت مساحات واسعة من أراضي منطقة عفرين ساقطة نارياً، كما سيطرت الفصائل على جبل السيرياتل ناحية الشيخ حديد جنوب غرب عفرين، كـما شنّت مقاتلات تركية غارات جوية على قرى قـسطل جندو وديكـماطاش، إلـى الغـرب من جـبل برصـايا».وقال ريزان حدو المستشار الإعلامي لوحدات حماية الشعب الكردي في مدينة عفرين لـ(د.ب.أ) «إن مقاتلي وحدات الحماية دمروا دبابتين للجيش التركي في قرية شاديا في ناحية راجو وبلبل خلال تقدمها داخل الاراضي السورية، مع قصف جوي استهدف قرى في ناحيتي شيراورا وشيران». وفي مدينة عفرين، قالت مصادر إعلامية تابعة لوحدات حماية الشعب الكردي تم تشييع 12 قتيلاً، من بينهم مدنيون ومقاتلون من عناصر وحدات الحماية.وتشهد المعابر الحدودية مزيداً من عمليات الامداد العسكري، حيث دخل امس رتل عسكري ضخم من تركيا إلى اعزاز مواصلاً زحفه في اتجاه المناطق التي تتمركز فيها القوات التركية الخاصة ومرابط المدفعية التركية، وفي المقابل أرسلت وحدات الحماية الكردية تعزيزات إلى ناحية بلبل شمالي عفرين لصد الهجمات المرتقبة في محاولة منها للنأي بالنفس دون ان تتمكن من تسلم زمام المبادرة وشن هجمات على مواقع المعارضة او القوات التركية. الرائد ياسر عبد الرحيم، قائد فيلق الشام المنخرط ضمن عملية «غصن الزيتون»، قال في تصريحات صحافية إن مقاتلي الجيش السوري الحر «لا يعتزمون دخول مدينة عفرين ولكن فقط محاصرتها وإرغام وحدات حماية الشعب الكردية على المغادرة» مشيراً إلى ان حوالي 25 ألف مقاتل من قواته يشاركون في العـملية العسـكرية التي تـقودها تركـيا شـمالي سـوريا.وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس إن التصرفات الأمريكية في سوريا إما «استفزاز مُتعمد» أو دليل على عدم فهم واشنطن للوضع هناك واكد لافروف ان سياسة واشنطن تشجع الأكراد في سوريا للمضي في المطالبة بالانفصال. بينما اعرب وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون عن «قلقه» إزاء حملة الجيش التركي في شمالي سوريا، وحث جميع الأطراف على ضبط النفس في النزاع للتقليل من الضحايا المدنيين.وادلى بتصريحاته في لندن، وقبل بدء لقاء مع نظيره البريطاني بوريس جونسون صرح تيلرسون ان «الولايات المتحدة في سوريا لدحر داعش» مستخدماً هذه التسمية الشائعة لتنظيم الدولة. واضاف «فعلنا ذلك مع ائتلاف شركاء وقوات سوريا الديمقراطية (التي يشكل الأكراد مكونها الرئيسي) لذلك نشعر بالقلق بشأن الحوادث التركية في شمال سوريا».وفي تضارب مع ذلك نسب تقرير ممثل عن وسائل الإعلام إلى وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون قوله الاثنين إن الولايات المتحدة تأمل في العمل مع تركيا على إقامة منطقة أمنية في شمال غربي سوريا لتلبية احتياجاتها الأمنية المشروعة. ونقل صحافي، يسافر مع تيلرسون إلى باريس، عنه قوله إن الولايات المتحدة قالت لتركيا «دعونا نرى إن كان بوسعنا العمل معا لإقامة المنطقة الأمنية التي قد تحتاجونها… نحن في مناقشات مع الأتراك وبعض القوات على الأرض أيضا عن كيفية تحقيق الاستقرار وتهدئة مخاوف تركيا المشروعة بشأن أمنها».وقالت مسؤولة سياسات الأمن والشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إن ما يدفعها لـ «القلق» إزاء عملية «غصن الزيتون» هو «احتمال أن تؤثر سلبًا على محادثات جنيف». وأضافت في مؤتمر صحافي أعقب اجتماعًا لمجلس الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أنها ناقشت العملية في جلسة مع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي. ولفتت أنها ستبحث الأمر مع وزير شؤون الاتحاد الأوروبي في الحكومة التركية عمر جليك، في بروكسل خلال الأسبوع الجاري.وأوضحت المسؤولة الأوروبية بالقول «أولًا يجب أن نكون على يقين من وصول المساعدات الإنسانية وعدم تأثر المدنيين بالعمليات العسكرية الجارية. وإن ما يدفعني للقلق بشأنها هو احتمال أن تؤثر سلبًا على محادثات جنيف».ومن المقرر أن تشهد العاصمة النمساوية فيينا محادثات في إطار مسار جنيف لحل الأزمة السورية يومي 25 و26 يناير/ كانون الثاني الجاري. بينما قالت وزارة الخارجية الألمانية إن الوزير زيجمار جابرييل أجرى اتصالاً هاتفيا الاثنين بنظيره التركي ليعبر عن القلق من التصعيد في شمال غرب سوريا والتداعيات الإنسانية المحتلة على السكان المدنيين. وقال مسؤول بالوزارة «اتصل وزير الخارجية جابرييل للتو بنظيره التركي مولود تشاووش أوغلو وأوضح له بواعث قلقه بشأن تصعيد الوضع في شمال سوريا والتداعيات الإنسانية المحتملة على السكان المدنيين».!!
دمشق..سوريا : الجيشان التركي و«الحر» يواصلان عملية «غصن الزيتون» وسط ردود فعل دولية متضاربة!!
23.01.2018