أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41345
في لبنان… زينة «الميلاد» تكسو مدنًا مسلمة!!
19.12.2017

تتنافس المدن والبلدات اللبنانية سنوياً على تقديم أجمل زينة في عيد الميلاد وأثمنها سعراً، في تقليد انطلق منذ 10 سنوات متجاوزا المدن والقرى ذات الغالبية المسيحية إلى المدن والقرى المسلمة. لكن التفنن بالزينة والإبداع في توزيعها بدأته مدينة جبيل الساحلية ( شمالي بيروت) التي ألهبت المنافسة ودفعت مدناً أخرى إلى السير على دربها المموج بألوان زاهية وأضواء متلألأة تسر الناظرين. وفي الأعوام القليلة الماضية، دخلت على خط التنافس الإيجابي والاهتمام بزنية الميلاد عدة مدن ذات اغلبية مسلمة كان قد برز اسمها في الاقتتال الطائفي في الماضي القريب. وبرزت في هذا السياق طرابلس وصيدا، فإلى جانب الحروب المذهبية التي عانت منها، فقد عانت أيضاً من التطرّف من قبل بعض الجماعات المتشددة، التي رفضت لسنوات طويلة فكرة التزيين كونها تتعارض مع الدين، بحسب رأيهم. لكن علماء دين مسلمين من هاتين المدينتين، ومعهم شخصيات إسلامية فاعلة، كسروا القيود، وشاركوا المسيحيين فرحة الأعياد، كون التعايش الديني السلمي فرضاً وليس خياراً، كما يؤكدون. وأكّد مفتي مدينة صيدا الجنوبية وأقضيتها، الشيخ سليم سوسان، أنه لا حرج على المسلم مشاركة الفرحة بالعيد مع أخيه المواطن من ديانة أخرى فهذه العادات تعزز السلم الأهلي وتبرز حضارة الدين الإسلامي الحنيف. وأضاف «مدينة صيدا تحديداً عاشت لقرون طويلة في ظل التكاتف الديني وتنوع المذاهب حتى أيام الحرب الأهلية ( 1975 – 1991) لم يقع أي اقتتال طائفي بين أبناء المدينة، فلما اليوم نريد رفض ظواهر الزينة والفرح؟». ولفت سوسان إلى أنه في السنة الماضية صودف تزامن عيد مولد النبوي الشريف مع عيد ميلاد السيّد المسيح، وقد تبادل الطرفان تهنئة بعضهما ورفع الزينة سوياً في المدينة، معتبرا أن هذه التصرفات تخفف كثيرا من الاحتقانات الطائفية وتعزز السلام «والزينة من مظاهر الفرح والفرح من ثوابت الإسلام»، كما يقول. في العام 2016، فازت مدينة طرابلس عبر استفتاء شعبي بأفضل زينة ميلاد في لبنان، وتتميز العاصمة الثانية للبلاد بتعدد طائفي من مسلمين سُنة وعلويين ومسيحيين وسابقاً يهود لكن غالبية سكانها الساحقة من المذهب السُني. للسنة الثانية على التوالي تؤكد المدينة تمسّكها بالعيش المشترك ورفضها لكل مظاهر التطرف، فقررت هذا العام تزيين ساحاتها وأزقتها المسلمة قبل الأحياء المسيحية، بكلفة عالية جداً، بعضها من ميزانية البلدية وأخرى تبرعات من التجار والشخصيات الفاعلة في المنطقة. مطران الكاثوليك في طرابلس إدوارد ضاهر عبّر عن غبطته الكبيرة لما يشاهده في العامين الماضيين داخل مدينته التي سبق وذاع صيتها إعلامياً بأنها مدينة الاقتتال والخوف. وقال «نحن اليوم سعداء بأننا نعيش أجواء الميلاد في مدينة الفيحاء وقد احتفلنا بالأمس القريب بذكرى المولد النبوي الشريف مع إخوتنا المسلمين، أيام معدودة سنحتفل بعيد الميلاد المسيحي سوياً أيضاً». عزا المطران ضاهر الفضل لإحياء هذا التعايش بعد سنوات من الحرب والقلق والمخاوف إلى أبناء المدينة التي تضم شريحة كبيرة من المثقفين برزوا في العالم، فأبناء طرابلس لا يوجد بينهم سوى قلّة قليلة من المتطرفين وقد ولّى زمانهم، وفق تعبيره. تضفي الزينة جواً كبيراً من الحياة خاصة لزوار الفيحاء من الداخل والخارج، وهي لا تعبر عن حب من طرف واحد، فبحلول شهر رمضان المبارك، كما يقول مطران الكاثوليك، يقوم المسيحيون بتزيين واجهات محلاتهم، ويشاركون إخوانهم المسلمين سهرات الليالي الرمضانية في الشوارع والمطاعم. كلام المطران ضاهر ليس مجرد وجهة نظر رجل دين مسيحي يسعى لترسيخ التعايش، بل واقع ملموس يعيشه ويحرص على تحقيقه كل مسيحي ومسلم في المدينة ، «هو اسمه عيد والعيد معناه الفرحة فما المشكلة أن نتشارك جميعاً الفرحة وإبعاد شبح التطرف ومحاولات الإرهاب التي تزحف إلى بلادنا؟»، تساءل المطران. ويختم حديثه بهذه الرسالة «نريد السلام للجميع، فطرابلس تحديداً وباقي المدن عموماً تريد السكينة وتبادل الأفراح كذلك مشاطرة الأحزان، طالبين من الله أن تعّم المسرة بين الجميع ونعيش دوما رافعين رؤوسنا في صلاتنا ومحبتنا بين بعضنا البعض ونتقبل الآخر». !!


1