أحدث الأخبار
الاثنين 25 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41345
خواطر..يوميات "هدى" العاصفة..فراس حج محمد
06.01.2015

الهُدَيات هنا جمع "هدى"، وهن كثيرات؛ أولهن هدى شعراوي وما أحدثته من عواصف فكرية فيما يتعلق بالمرأة! وهناك "الست هدى" مسرحية للشاعر أحمد شوقي، عرض فيها "هدى" امرأة متصابية، تعصف بكل القيم!
كما وتتدعى إلى الذاكرة الروائية "هدى بركات" صاحبة رواية "ملكوت هذه الأرض"، ومعارك جوائز البوكر العربية، والصراع المحموم في عواصف التأييد والمعارضة، والممثلة المصرية "هدى سلطان" ودورها زوجة لـ "سي سيد" في ثلاثية نجيب محفوظ "قصر الشوق" و"بين القصرين" و"السكرية"، لتعيد إلى الذاكرة تلك العواصف الهوجاء حول دور المرأة العربية قديما وحديثا، وأشياء أخر!
ولن تغيب عن البال "هدى غالية" تلك الطفلة التي استشهد أهلها جميعا على رمال حي الشاطي، إثر عاصفة إسرائيلية صاروخية مجنونة قبل سنوات، وقد هبت دافئة كثيرا! وصاحبتها الريح والزمهير والعراء، والحصار الأليم، لتستدعي "هدى" كل من قتلوا قبلها أو بعدها، وتقفز هذه "البنت الصرخة" في قصيدة محمود درويش لتصير "هي الصرخة الأبدية في خبر عاجلٍ"، كأنها "أثر فراشة" حطت ولم تطر!
كذلك تأتي "هدى" أخرى في مسرحية عادل إمام "الود سيد الشغال" التي أثارت جنون زوجها بعواصفها فطلقها عدة مرات لتعصف بكرامة الأسرة الأستقراطية، ويضطرون ليزوجوها الشغال ليحللها لزوجها المعصوف به، فعصف "الود سيّد" بالجميع، لأنه يحب "هدى"، كيف لا يحبها وهي العاصفة الأنثوية الجامحة؟!
والآن العاصفة الثلجية المسماة "هدى"، التي عصفت في الناس شرقا وغربا، وهيجت المشاعر والأقلام وعجائب الصور والكلام، وجاءت محملة بالبرد والثلج والمطر، لتعصف بكل شيء، فعصفت بالمرأة أكثر من عواصف هدى شعراوي، وتصابت وتدلعت أكثر من الست العجوز المتصابية "الست هدى" الشوقية، وجاءت ومعها كل الوعيد بالأهوال أفظع مما حدث مع "هدى" الاستقراطية المرفهة، وقد أصبحت امرأة الشغال سيد ورفض أن يتخلى عنها، وظل يخاطبها "بتحبيني يا هدى".
حضرت "هدى" ليكبر معها الحنين غامضا من مستقبل يأتي إلينا على استحياء، ربما ما زال مضرجا بدماء "هدى غالية" وأمنيات "هدى بركات" وتطلعات "هدى سلطان" في خلاصها من "سي سيد"!
ولا تنسوا الآن أن "هدى العاصفة"- ككل الهدايات- أصيلة وبنت أصول أتتكم من مناطق بعيدة، وهي غريبة دار ووطن، فلا تزعجوها، وإن غيرت حياتكم وأتتكم بما كنتم تستعدون له! ويجب أن تكرموا هذه "الهدى"، فهي زائرة "لطيفة" و"خفيفة دم"، وعليكم أن تظهروا معها الكرم العربي الأصيل، أكرموها بالنكت والهذيان، والتسالي والسهرات على ضوء الشمع، وتذكروا اللمات الاجتماعية، وقد تعطلت التكنولوجيا بكل أنحائها، ولتقبلوا على الاستغابات فهي شهية ليلا، ولْتستعدوا نهارا لتلعبوا بمخلفات "هدى" البيضاء!
فكل "هدى" وأنتم وأنتن بألف ألف دفء وخير وبركة!!


1