أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41345
منازل أثرية تتداعى في بغداد نتيجة الإهمال وغياب ميزانية الصيانة!!
07.10.2022

بغداد- يقف قصر عراقي عمره مئة عام يطل على نهر دجلة في بغداد في حالة تداع وإهمال. وتحذر لافتة قرب الباب الزوار، الذين يأملون في إلقاء نظرة على مجده المتلاشي، مكتوب عليها “احذر خطر الانهيار”.كان المبنى المكون من 16 غرفة يتميز في يوم من الأيام بنوافذ مزينة بجدائل ومنحوتات دقيقة، وشرفة وفناء داخلي مليء بأشجار الفاكهة.والآن، هو يتداعى مثل العديد من المنازل التاريخية المتبقية في بغداد وعددها 2500 منزل تقريبا. فقد ألقت الاضطرابات السياسية المستمرة منذ عقود والإهمال وارتفاع أسعار العقارات ونقص الأموال بظلالها على المباني التي تعد جزءا من الماضي المعماري للمدينة.وقالت ذكرى سرسم، العضو المؤسس لمبادرة برج بابل التي تعمل من أجل الحفاظ على الإرث الثقافي للعاصمة العراقية، “واحد من أهم البيوت التراثية المتبقية، بيت كبير يعود إلى فترة العشرينات. طراز بغدادي قديم بحوش داخلي ومنور، والطابق العلوي مبني من الخشب وتعرضت الكثير من أجزائه للسقوط”.وقال فايز فالح القصد، أحد ملاك المنزل وهو مهندس مدني واستشاري، لرويترز، إن المنزل، الذي بُني منذ نحو قرن، متروك في حالة سيئة منذ سنوات.وتابع أن المنطقة التي يقع فيها المنزل تم اختيارها لتكون موقعا لدار أوبرا في عهد الرئيس السابق صدام حسين وحتى عام 2015. ولم يُسمح بإجراء أي تجديدات للمنزل في ذلك الوقت، لكن دار الأوبرا لم يتم بناؤها أبدا.وأضاف من منزله في الأردن المجاور، حيث احتفظ بقطع أثاث قديمة انتشلها من المنزل في بغداد، أن أوان التجديد الآن قد فات. وذكر “من الواضح في الوقت الحاضر أنه صار هناك تآكل.. منذ 1920 لم تتم صيانته، كل الحديد تآكل”.ومن بيتها المجاور لمنزل القصد التاريخي، تعمل سرسم على زيادة الوعي بضرورة الحفاظ على بغداد القديمة.ولا يُسمح لأصحاب المباني المدرجة ضمن المنازل التاريخية بهدمها. ويمكن أن تقدم الحكومة قروضا أو منحا للتجديدات إذا لزم الأمر. لكن سرسم قالت إن الحكومة لا تلتزم بذلك في الوقت الحالي.وتابعت “الوزارة لا تقوم بتنفيذ القانون بكل فقراته، من خلال دفع مبالغ لأصحاب البيوت حتى يتمكنوا من تأهيلها والحفاظ عليها. البيوت القديمة تحتاج إلى تأهيل بشكل مستمر، فهي متضررة ومتهدمة، فعملية تأهيلها مكلفة جدا، لهذا يعمد أغلب أصحاب هذه البيوت إلى الالتفاف على القانون من خلال استخدام وسائل من أجل أن تتداعى هذه البيوت والادعاء بأنها سقطت من نفسها من دون تدخل، بسبب ظروف الزمن وقدمها”.وقال محمد الربيعي، رئيس الإعلام والعلاقات العامة في بلدية بغداد، لرويترز إنه لا توجد ميزانية مخصصة لدعم الملاك، معبرا عن أسفه على ذلك.وأضاف الربيعي أنه للتحايل على الحظر المفروض على هدم المباني المدرجة، يقوم أصحابها أحيانا بإغراقها بالمياه أو إضرام النار فيها.وذكر أن الدافع واضح وهو التربح من بيع الأرض من أجل إقامة مبان عليها، في ظل ارتفاع أسعار العقارات في بغداد.وأضاف أن “التحديات كبيرة، في حين أن المواطنين يقومون بأفعال شيطانية مثل إغراق المنزل بالماء وتقديم الرشوة، وموظفو أمانة بغداد الصغار بعضهم ضعاف النفوس يأخذون الرشاوى، وفي كل مرة نسمع عن حريق في شارع الرشيد.. البعض يتهم بأنه هو من يهدم بيتا تراثيا”.وبمساعدة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو”، جددت الحكومة العام الماضي شارع المتنبي، وهو معلم في بغداد يعج ببائعي الكتب والفنانين. لكن الأزقة السكنية القريبة مليئة بمنازل و”شناشيل” أو “مشربيات”، وهي شرفات تقليدية مزخرفة بأعمال خشبية، متداعية.وكان الاستقرار النسبي الذي شهدته بغداد في السنوات الأخيرة وتعافي أسعار النفط بعد تفشي جائحة كوفيد – 19 في عام 2020، عاملين إيجابيين بالنسبة لسوق العقارات في المدينة.وتتلقى سرسم أحيانا مكالمات هاتفية من جيران قلقين من هدم محتمل للمنزل، مما جعلهم يهرعون إلى الموقع.وبينما كانت تسير أمام أنقاض قصر يعود إلى ثلاثينات القرن الماضي في شارع أبونواس ببغداد، الذي يمتد على طول الضفة الشرقية لنهر دجلة، أشارت سرسم إلى آثار حريق تلطخ جدرانه الداخلية المتداعية.وقالت “هذا البيت تعرض لحريق، لأنهم اتصلوا بي وقالوا حصل حريق في هذا البيت، إنه لم يسقط من تلقاء نفسه… وقد اتصلت بالسلطات التي منعت الهدم وطوقت القصر، لكن مصيره لا يزال غامضا”.وتابعت “القليل من هذه البيوت بها أعمدة ونقوش معينة تصنف كدرجة أولى من ناحية البيوت التراثية، لذا فإن هدمها يشكل خسارة كبيرة للأجيال القادمة، التي ستأتي وتجد مدينتها خالية من أي معلم يصنف هويتها ويوثق تاريخها”.


1