أحدث الأخبار
الخميس 02 أيار/مايو 2024
السود ‘قرود’ في الحكومة الفرنسية وحبيبة بينزما تغرد ‘ضد فرنسا العنصرية’!!
بقلم : أسمى العطاونة ... 22.05.2014

تعرضت وزيرة العدل كريستيان توبيرا لحملة إعلامية عنصرية لأسباب ‘عرقية’ مجددا من قبل حزب اليمين UMPوحزب اليمين المتطرف ‘Front National’ بسبب عدم ترديدها للنشيد الوطني الفرنسي بل واستهجانها له وتشبيهها للنشيد بموسيقى الـ’كاريوكي’. وأتى صمت الوزيرة وعزفها عن ترديد النشيد الوطني ‘لا مارسيليز′ خلال مناسبة جرت مؤخرا في فرنسا لإحياء ذكرى إلغاء العبودية، فقارنته مع نغمات موسيقى ‘الكاريوكي’. وأشارت الوزيرة في صفحتها على فيسبوك بأن هنالك لحظات في التاريخ تدعو للتأمل لا لترديد النشيد كمغني الكاروكي على خشبة المسرح.
ودعت مارين لوبين زعيمة حزب اليمين المتطرف المستشيطة غضبا، باستقالة وزيرة العدل وطالبت رئيس الوزراء مانويل فالس بطردها لأنها شبهت النشيد الوطني بالـ’كاريوكي’ (مقطوعات موسيقية لأغنيات شهيرة بدون أداء مغنيها) وهي بتصريحها هذا تعبر عن احتقارها لفرنسا وتاريخها ولشعبها الذي يردد النشيد ويفخر به.
كما عبر رئيس حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية اليميني ‘UMP’ جان فرانسوا كوبيه والمعروف برؤاه العنصرية، عن غضبه من تصرف توبيرا هذا، والذي لم يخف يوما كرهه وعنصريته تجاه وزيرة العدل فقد دعا مسبقا مناصري حزب اليمين المتطرف بالتصويت له بتحذيرهم بأنهم بعدم تصويتهم لحزبه سيعطون فرصة ‘لليسار الاشتراكي’ و ‘توبيرا’ في الوصول للحكم.
ورغم عدم كونها عضو الحكومة الوحيد الذي لم يردد النشيد بجانب الرئيس فرانسوا هولاند، فقد ظل وزير التعليم بينوا أمون ووزير الأقاليم الفرنسية ما وراء البحار جورج بو لانجفان صامتين أيضا، إلا أن توبيرا من تعرضت خصيصا للانتقاد والهجوم من قبل السياسيين ووسائل الإعلام.
ولقد خصص لها برنامج ‘Touches pas a mon poste’ الذي يعرض على قناة ‘D8′ من تقديم سيريل هانونا نجم التلفزيون والراديو الفرنسي الحالي، جزءاً من برنامجه وتم انتقادها بشدة وانتقاد الفنان ورئيس التشريفات في مهرجان كان الحالي لامبير ويلسون لتصريحه ‘بتغيير كلمات النشيد الوطني الفرنسي بسبب العنف والعنصرية الذي يحويه’ مدافعا بذلك عما تعرضت له توبيرا من هجوم.
والجدير بالذكر هو أن وزيرة العدل والتي تعد من أحد أهم رموز اليسار الفرنسي، تعرضت من قبل ذلك لحملة عنصرية وجهتها ضدها جريدة لليمين المتطرف ‘منوت’ وعنوت صفحتها الأولى آنذاك بوصفها لها بـ’ ذكية مثل القرد، توبيرا تملك ضحكة تشبه الموز′، كما وصفتها المرشحة لليمين المتطرف في بلدية ‘ريثيل’ في شمال فرنسا بالـ’قرد’ في أواخر العام الماضي 2013.
كريستيان توبيرا، لن تكون الأولى ولا الأخيرة التي تهاجم لأسباب عرقية، في حكومة فرنسية لا ترحب بالـ’السود والعرب’ بين مقاعدها ومناصبها العالية، وكيف سيتم الترحيب بـ’وزيرة سوداء أو عربية’ تستخدم كـ’غطاء إعلامي’ يحترفه السياسيون خلال حملاتهم الانتخابية لجذب مزيد من الأصوات كما فعل الرئيس السابق ساركوزي بتعيينه ‘رشيدة داتي’ ‘والتي أكرهها شخصيا لا لكونها عربية طبعا بل لأسباب سياسية’ وزيرة للعدل ومن ثم رئيسة بلدية الدائرة السابعة في مدينة باريس بعد تعرضها هي الأخرى لهجمات عنصرية وذكورية من سياسيين وإعلاميين خلال فترة تعيينها، وأنا أشير هنا إلى الهجوم العنصري لأسباب عرقية ودينية ولا أرغب طبعا في تحبيب القراء في شخصياتهن أو تنفيرهم منهن، ولكن هدفي هو تركيز الضوء على ما يحدث في الحكومة الفرنسية من تمييز عنصري، ولا أعتقد بأن حكومة كهذه مستعدة يوما ما بأن تحكمها امرأة، سواء كانت ممن تدعوهم مارين لوبين وفهمها ‘على كيفها’ لكلمات ‘نشيدها’ الوطني بـ’أصحاب الدم الأزرق’ أي النبلاء ‘شقر، بيض وبعيون زرقاء’ أم كانوا ممن ساعدوا في بناء فرنسا بعدما دمرتها الحربان العالمية الأولى والثانية أو ساعدوا بثراء فرنسا الحالي من خلال ‘الحقبة السوداء’ في تاريخ فرنسا الاستعماري، الذي تمارسه الأحزاب السياسية الحالية وتصرح به دون حياء.
ودعوني هنا أذكر كلمات لقصيدة رددتها كريستيان توبيرا التي لم تصمت يومها كما فعلت ‘وأكيد كنت سأفعل مثلها وأمتنع عن ترديد كلمات نشيد يخون تاريخ وحق أجدادي استعبدتهم فرنسا في ذاك الوقت’ بل صرخت بها عاليا، ليسمعها كل أعضاء البرلمان الفرنسي يومها، وكأنها تذكرهم بتشبثها بحقها في الوجود كامرأة سوداء تستعيد حقوق أجدادها في غويانا الفرنسية، فاختارت حينها كلمات الشاعر الغوياني ليون غونتران دماس والمقتطفة من ديوان ‘العلامة السوداء’ في عام 1956 لتمزج العدالة بالشعر ‘نحن الصعاليك/ نحن القليل/ نحن اللا شيء/ نحن الكلاب/ نحن النحاف/ نحن الزنوج/ ماذا ننتظر/لندعي الجنون/ ونتبول نخبنا/ على الحياة/الغبية الحمقاء/ التي أعدوها لنا’.
الكرة والمونديال في البرازيل ‘الموز مقابل العنصرية’
انتشر مؤخرا على المحطات الإخبارية الفرنسية فيديو للاعب الدفاع في نادي برشلونا الإسباني، البرازيلي الأصل داني ألفيز، وهو يأكل موزة ألقاها له مشجع عنصري في مباراة بطولة اسباينا، حيث يعتبر هذا التصرف العنصري عملا متكرّرا ضد اللاعبين أصحاب البشرة السوداء، وخاصة في ايطاليا واسبانيا.
وفي تعقيب على هذا أشار ألفيز بأنه ورغم مرور 11 عاما على إقامته في اسبانيا إلا أنها ليست المرة الوحيدة التي يلقى عليه بالموز من قبل مشجعين عنصريين للفريق المقابل فانتهى به الأمر للضحك والسخرية، فالتغيير لن يحدث بين عشية وضحاها. ووجهت رئيسة البرازيل ديلما روسيف تحية شخصية للاعب الرازيلي تضامنا معه، على حسابها في تويتر، لتنطلق بعدها حملة ‘أكل الموز ضد ظاهرة العنصرية’ لتتعدى حدود البرازيل الجغرافية وتصبح عالمية.
ففي البرازيل انطلقت حملة ‘نحن جميعنا قردة’ التي ترأسها اللاعب البرازيلي نيمار ليساند صديقه، والذي ظهر على انستغرام وفي يده موزة يأكلها، لتنطلق عبر شبكات التواصل الاجتماعي صور المتضامنين يحملون الموز مرددين العبارة نفسها.
صديقة اللاعب كريم بينزما تغرد وتشتم ‘ فرنسا العنصرية’
ولأعود لفرنسا وأبقى في جو المونديال والكرة، خاب أمل الكثير من المشجعين للفريق الفرنسي بعدم ترشيح كريم بينزما للعب ضمن الفريق، وعبرت صديقة اللاعب الانكليزية الأصل أنارا أتانس ‘وأحمد الله أنها ليست عربية فما يواجهنا كمهاجرين عرب في فرنسا من متاعب يكفينا ويزيد’ عن غضبها ضد عدم ترشيح ‘حبيبها’ بشتائم ‘بذيئة’ تصف فيها فرنسا بالـ’عنصرية’ وتشتم فيها مدرب الفريق الفرنسي ديديه ديشامب.
وما لبثت محطات التلفزيون الفرنسي بأخبارها الرئيسية أن نشرت الخبر وخصصت له محللين عبر برامج القنوات المختلفة تبرر عدم اختيار بينزما ليمثل فرنسا، فهو الذي كرر مرارا بأنه لن ينشد النشيد الفرنسي في مباريات فرنسا، وهو الملاحق قضائيا ‘وكأنه الوحيد’ بسبب فضائحه الجنسية وهو الذي تنادي مارين لوبين بطرده أيضا من المنتخب الفرنسي. وما يدعو للسخرية هو كيفية تعامل الإعلام الفرنسي وتناقله لـ’تغريدة’ العصفورة الانكليزية، بل وطلبه منها بالاعتذار فورا لفرنسا والشعب الفرنسي ومبادئ الجمهورية، متناسين بهذا بأنها مجرد ‘حبيبة’ اللاعب ولها الحق في التغريد والزقزقة تضامنا مع حبيبها ‘العربي الأصل’.
ألا يجدر بالمحطات بأن تسخّر تركيزها على ما يتفوه به رؤساء الأحزاب الفرنسية الذين يعتبرون سياسية الجمهورية بل وسياسة اوروبا مباراة بينهم لاستقطاب المشجّع ‘المواطن’ الفرنسي، وتحديدا في ما يخص المهاجرين من عبارات عنصرية وحاقدة تعيد أوروبا إلى عصور سوداء مرت بها دول الاتحاد الاوروبي جميعها!

*كاتبة فلسطينية تقيم في فرنسا

المصدر القدس العربي
1