أحدث الأخبار
السبت 27 نيسان/أبريل 2024
اليمن: تكاليف باهظة لتعليم منهار تؤرق الأسر!!
بقلم : محمد راجح ... 29.08.2023

لا يستطيع الأربعيني يونس رزاز، استيعاب ما يحدث في اليمن مع تضخم تكاليف تعليم أبنائه وارتفاعها القياسي من عام إلى آخر، وسط تضاؤل الأمل لدى الكثيرين في حدوث أي انفراجة للأزمة التي تمر بها البلاد منذ نحو تسع سنوات.
يشعر رزاز، وهو من سكان صنعاء، بالأسى وهو ينظر بشكل يومي لأطفاله الثلاثة الذين تتراوح أعمارهم بين 7 أعوام و14 عاماً أثناء تواجدهم في المنزل في الوقت الذي يجب أن يتواجدوا فيه في المدارس، إذ لم يعد وغيره من اليمنيين قادرين على تعليم أطفالهم، وسط التكاليف الباهظة للتعليم في المدارس الأهلية والخاصة التي انتشرت كبديل للمدارس الحكومية التي تعرضت منظومتها للانهيار وسط الحرب.
ويعتبر العودة إلى المدارس بمثابة كابوس يؤرق اليمنيين في عموم مناطق ومحافظات البلاد، وفق رزاز في تصريح لـ"العربي الجديد"، مشيرا إلى تحول التعليم إلى تجارة واستثمار مربح على كافة المستويات، سواءً من خلال تقديم الخدمة عبر التعليم الأهلي والخاص، أو تكاليف الرسوم الدراسية التي تفرضها مدارس القطاع العام، إلى جانب أسعار المستلزمات الدراسية والتي وصلت إلى مستويات قياسية تفوق قدرات وإمكانيات معظم اليمنيين.
كما يقول المواطن رائد اليوسفي، من سكان منطقة الحوبان الواقعة في الجانب الذي يسيطر عليه الحوثيون من محافظة تعز، لـ"العربي الجديد"، إن هناك رسوما جديدة مفروضة هذا العام على الأسر، إذ جرى إلزام كل أسرة بدفع ألف ريال على كل طالب يدرس في المدارس العامة شهريا.
بالنسبة لليوسفي الذي يعمل بأجر يومي، فإن هذه المطالبة تزيد أعباءه المعيشية المثقلة بالأساس بارتفاع تكاليف المعيشة، بالنظر إلى أن لديه 6 أبناء موزعين على مختلف الصفوف الدراسية، حيث بات مجبراً على دفع 6000 ريال (11.3 دولارا) نهاية كل شهر كرسوم تتحجج السلطات المعنية بأنها تستخدمها لدفع تكاليف ومستحقات المعلمين.
ويشكو مواطنون في عدن والمناطق الخاضعة لإدارة الحكومة المعترف بها دولياً من ارتفاع أسعار المستلزمات الدراسية. وسجلت أسعار الدفاتر الدراسية مستويات قياسية، كما رصدت "العربي الجديد"، من خلال معاينة وضعية أسواق المستلزمات الدراسية والورقية في أكثر من 10 محافظات يمنية، إذ جاءت عدن في المرتبة الأولى في غلاء الأسعار مع اقتراب سعر "الكراسة" الواحدة من مستوى 500 ريال، ثم حضرموت وتعز وشبوة ومأرب والمهرة، وذلك بمبلغ يتراوح بين 400 و450 ريال، في حين يصل سعرها في صنعاء إلى 300 ريال.
كما يلاحظ ارتفاع الرسوم الدراسية في المدارس الخاصة والأهلية في صنعاء بنسبة تتجاوز 25% هذا العام مقارنة بالعام الماضي، إذ يبرر ملاك ومديرو ومسؤولو هذه المرافق التعليمية رفع الأسعار بالتضييق المشدد عليهم، والذي يشمل الجبايات والإتاوات التي يتم إجبارهم على دفعها.
وتقدّر الرسوم الدراسية لطلاب الصفوف الأولى للمرحلة الأساسية في المدارس المصنفة بشكل غير رسمي من الدرجة الرابعة والثالثة بنحو 180 ألف ريال، في حين تتراوح بين 200 و250 ألف ريال في المدارس المصنفة من الدرجة الثانية، وتتجاوز 380 ألف ريال للمدراس المصنفة بمستويات عالية من الدرجة الأولى، في حين تتفاوت الرسوم الدراسية من مدرسة لأخرى بحسب نوعية وكفاءة ومستوى الخدمة التعليمية المقدمة وحجم النفقات الخاصة بتوفيرها وما يرتبط بها من خدمات تشغيلية أخرى، وفق لبيب عبادي، مسؤول في أحد المرافق التعليمية الأهلية، في حديثه لـ"العربي الجديد".
ووفق تصريحات لوزير التخطيط والتعاون الدولي واعد باذيب في يوليو الماضي، فإن نسبة الفقر في البلاد وصلت إلى 80% وانكمش الاقتصاد بنسبة 50%، في ظل الصراع الذي يشهده اليمن منذ 2015، لافتاً إلى أن نسبة انعدام الأمن الغذائي وصلت إلى 60% من السكان، فضلا عن نزوح حوالي 4.3 ملايين شخص ويفتقرون إلى الخدمات الأساسية.
ويعتبر الباحث جمال راوح، في حديثة لـ"العربي الجديد"، تدهور التعليم والأزمة التي ترافق موسم العودة إلى المدارس، من أخطر الأزمات التي يمر بها اليمن، حيث لا تقل خطورتها وتبعاتها الكارثية عن الأزمة الاقتصادية وانهيار العملة المحلية، مشيرا إلى تحولها إلى سلعة وتجارة حرب وأداة تستخدمها بعض الأطراف بطريقة بشعة تضاعف من معاناة اليمنيين وتدهور وضعيتهم المعيشية وتعميق الانقسام الحاصل في البلاد.
ووفق تقارير اقتصادية، يؤدي تدهور نظام التعليم بسبب تدمير المدارس، ونقص التمويل لدفع رواتب المعلمين، ومخاطر الصراع، إلى تدهور القدرة الإنتاجية للقوى العاملة المستقبلية في اليمن. ولمعالجة هذه الخسائر، يرى البنك الدولي في تقرير صادر مطلع العام الجاري 2032، أن على السلطات في البلاد التركيز على تحسين جودة التعليم، وخفض معدلات التسرب، وتوسيع الوصول إلى خدمات تنمية الطفولة المبكرة، إضافة إلى ضرورة إيلاء اهتمام خاص لإيجاد فرص للعمال الشباب الذين قد ينضمون إلى الجماعات المسلحة بسبب الحاجة المعيشية.

*المصدر: العربي الجديد
1