أحدث الأخبار
الثلاثاء 19 آذار/مارس 2024
محطات من رحلة العمر .. محطة الكتابة !!
بقلم : رانية فهد ... 17.07.2019

هذا الصوت المنبعث من داخلي بلا انقطاع والذي أعتبره إيذاناً لبدء أعراض الكتابة...فأهرع إليه بخطاً حثيثة ملبية ، لأخرج من صمتي الجليديّ ... لأجمع شتات نفسي لذلك الولع وأذهب إليها كما يذهب الصّياد إلى البحر ... وسرعان ما بدأت أحتسي قهوتي على شرفة أحلامي ... ذلك المشروب الذي أخذني إلى محطات من رحلة العمر ودوزن مزاجي، لأشرع في كتابة لأشياء تطاردها وأخرى تمسك بتلابيبها الذاكرة، لتكون أنت دون قبولك لأن يجعلوا منك شخصاً آخر في ذلك الزّمن الذي لا يهبك أحد رأسه لتبدو َ أطول منه ... ، بل قل ذلك الصّوت الذي صقلته الخيبات وكان ملهماً لانتقاء البوح ، بل لذلك الحسّ الأدبيّ الرّاقي ... أجل تلك المحطات من رحلة العمروالذي أبى قلمي إلا أن يجعلها بصمة لا تأفل في نضالها للحفاظ على الحقّ ... بصمة صنعت ضوءها من عتمتها ، وحضورها من غيابها ... لتقاومَ أكبر فراق ، ألا و هو فراق أحلامها ...بل قل ذلك اليوم الذي أقسمت فيه أن تصير إنساناً آخر... ذلك اليوم المشهود والذي قررت فيه أن أصبح تلك الكاتبة التي اتخذت من صباحات الألم ... طريقها المعبّد بالأشواك... من روحها الغائبة عن كلّ ما تقوم به ... من غيمات الدّموع .. وحدتها.. انكسارها وأحلامها المتكدسة ... ، بل من إصرارها درباً وسلماً لتحقيق حلمها المنشود المتأجج ... أجل ذلك الحلم الذي استوطن في تلافيف الذّاكرة ، فشرعت أخلو بذاتي لتحقيق أمنيتي وهو التّفرغ للكتابة ، ولم لا ؟ والكتابة هروب وتهريب للمشاعر ... .. لأخرج من ذاكرتي المتعبة... لأصنع من صمتي الموجع... من فريسة الإحساس الدّائم بالوحدة... العديد من المواقف والمقالات التي تحاكي زمن التيه والضياع... أجل تحاكي تلك المشاعر ... رماد النّهايات وموت الكلمات في زمننا ... نعم أريد أن أبكيه .. أن أرثيه ... أن أدفنه بيدي ، زمن بات الحبّ فيه عداء ، بل قل قد تلاشى ... كيف لا ؟ وفي حياة كلّ إنسان لحظة إصرار وتحدٍّ ... لا يعود أي شيء بعدها كما كان ... العديد من الأشياء التي تؤرقني منذ كنت طفلة صغيرة تنسج أحلامها الورديّة برغبة عربة تجرّها أحصنة المستحيل ...أجل لقد كان لذلك الأمل مذاقاً لذيذاً كقطعة حلوى شهيّة ... ولم لا ؟ وشمسك تسطع منك إليك ، ليكون ذلك المجد من نصيبك ... بل ذلك النّجاح والذي هو قدر لا يمكن لأي كان أن يوقفه ، بل رزق ككلّ الأرزاق بيد الواحد الأحد ...ومن أجل ذلك عشقت زنزانتي التي كانت تغصّ بكتب متراكمة في كلّ الأنحاء ... أجل عشقتُ أبطالها وهي تلك الروايات والقصص والصّحف التي أتوق إليها ليل نهار .... بل توق العاشق الولهان إلى محبوبته ... كما عشقت الهدوء والقهوة .... وفي هذه المحطة الهامة الحاسمة من حياتي واجهت الورقة البيضاء يتيمة دون سند .... اتخذت من مطالعة الروايات والقصص والصّحف صديقاً وفيّاً يحتويني وأحتويه كلما طرقت أبواب الأسى ... أجل صديقاً يتوغل ويتوغل .... يفجر ويفجر .... صديقاً أهلاً للحبّ أحببته حبّاً يفوق أيّ حبّ أيّ وجع ... صديقاً يزورني متى شئت وبمحض إرادتي ... لذا في هذه المحطة تعلّقت بالكتابة بحماسة كبيرة ، فأصبحت عالمي الأثير... عشيقتي ... ولعي لا مهنتي ... سباقي الدّائم بين سيف الوقت وقلمي الذي يمدني بتلك الطاقة بل بذلك الفكر الذي أسمو وأرتقي به عن الجراح ، بل عن أولئك الأغاود والأدنياء ... أجل ذلك الفكر الذي استحالت فيه دموعي وآهاتي أفكاراً ... ذلك الفكر الذي ألحّ ويلحّ عليّ لذلك الهاجس الذي لم يفارقني ، بل ظلّ حلماً يراودني في محطات حياتي ولكن كانت تنقصني تلك الجرأة لأخطّ بذلك القلم ما يختلج في أعماق أعماقي ... لأجيب عن ذلك الصوت ، بل ذلك السّؤال الملحاح الذي يخترق عزلتي وصمتي ... لم لا أكون تلك الكتابة الذي يشار إليها بالبنان ؟ ... وهل نحتاج لأزمة رحيلٍ.. فراق ؟ ، لنكتب نصّنا الأدبيّ الأجمل ... وفعلاً في هذه المحطة الهامة من حياتي اعتزلت زنزانتي لأخلدَ للكتابة وعشقت وحدتي ... عشقت الرّياضة والتي هي وقود الكتابة ... ألم يقل نيتشه : " كلّ الأفكار العظيمة تولد أثناء المشي " ... أجل ، أطلقت العنان لخيالاتي ، لأفكاري بجرة قلم سيبقى حريصاً على البوح .... ، كتبت فيها عن أمّي وأدب الأمهات ... عن ذلك الحبّ ومراكبه التي استباحت أعمارنا باسمه وجعلتني أتنفس بطريقة أخرى ... ذلك الحبّ الحقيقيّ الذي جعلني لا أنتظر أحداً ... وأرتفع دون أنْ أسقط َ ، ذلك الموت الذي جعلني ألوذ بحزني وانكساري لله ، تلك القدوة والتي باتت في سبات عميق ... والعديد من الومضات والتّأملات التي أبت إلا أن تحتفي بذلك الحلم ... بل قل بذلك اليوم ... أجل ذلك اليوم الذي ناضلت من أجله ... ذلك اليوم الذي تجذرواستوطن في خلاياي كجذور نبتة ...كأغنية ... كمعزوفة ... بل ، كحلم لاجئ فلسطينيّ في العودة إلى ثرى وطنه ...وما أجملها من عودة ....

1