أحدث الأخبار
الجمعة 22 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
مسعودة... ونصر!!
بقلم : حسن عبادي ... 02.02.2021

ضمن مشروعي التواصليّ مع أسرى يكتبون، التقيت منذر مفلح صباح الأربعاء 8 تموز 2020 في سجن ريمون الصحراوي، ورغم تعقيم السجّان للزجاج العازل الفاصل الذي زاده بَهَتًا وغباشة، رأيت طلّته وابتسامته من الأذن للأذن، كان اللقاء الأوّل بيننا، وجهًا لوجه، لكن بدا لي وكأنّنا معارف طفولة.
تحدّثنا عن غسّان كنفاني، حيث صادف لقاؤنا ذكرى اغتياله، ومقالته "من حيفا وغسان إلى حيفا وحسن.. "علاقة جدلية"، فرغم السجن وقيوده يبقى الأدب مقاومة وصمود، وكلّ كلمة تُكتب لها أن تكون رصاصة إذا كانت ذخيرتها صالحة.
يعيد منذر تعريف السجن والعلاقة مع السجّان والزنزانة، وتعزيز الأحاسيس والمشاعر، بعيدًا عن البطولات والأسطرة، لا بطولات في السجن.
تحدّثنا عن مسعودة ونصر، وما أكثر المسعودات في مجتمعنا؛ حان الوقت لكتابة حكاية أسرانا... ومسعوداتنا، فقصّتنا عليها أن تحكي نفسها بنفسها، ولكلّ أسير حكاية، عليه تدوينها بعيدًا عن الصمت القاتل. لقد آن الأوان لأنسنة قضايا أسرانا، نكبتنا ونكستنا كي لا تبقى مهمّشة، وها هو إصداره الأوّل يرى النور رغم السجّان وقيوده.
شدّتني لمسة الوفاء لجبريل عواد، أمجد مليطات، فادي حنيني ويامن فرج؛ يحمل منذر وصايا رفاق دربه الشهداء، ما بين الأزمنة والأمكنة، ليرسم خارطة وطن حلموا به، ليحتل المشهد، ويعود معهم من الهامش الذي أراده لهم الآخرون، كي يحتلّ صدر روايتهم شاء من شاء وأبى من أبى.
تُعتبر الكتابة متنفّسًا للأسير، تدفعه نحو الأمام، تجعله يتنفّس شكلًا من أشكال الحرية، واليوم يحقّق منذر حُلمَه في الانطلاق الروحي المحلّق؛ ويخرج من ظلمات السجن إلى النور، من عالم النسيان إلى عالم الخلود.
سنلتقي في حيفا وغسّان بيننا وتحقّق حُلمك، فأنت القائل:
"هي حيفا.. مدينةٌ تلبس ثوب الزفاف الدائم
هي أجمل الفتيات، تطلب المحبّين
هي أجمل النساء، توقع بحبال جمالها كافة الرجال.

هي عروسٌ، وحسن أبوها يأخذ بيدها، يقدّمها لأجمل فارس، يستحقّها"
وأنت الفارس الذي يستحقّها أيّها المُنذر.
حسن عبّادي/ حيفا

*** تقديمي لسرديّة "الخرزة" للأسير منذر مفلح(150صفحة، لوحة الغلاف: الفنان الفلسطيني ظافر شوربجي، منشورات دار الفاروق للثقافة والنشر، 2021)

1