يتابع الفيلم السوري “حرائق” لمخرجه محمد عبدالعزيز أربع سيدات سوريات من خلفيات اجتماعية مختلفة ومتباينة، يحاولن النجاة بأرواحهن خلال الحرب الطاحنة التي تمر بها سوريا منذ سنوات، والفيلم هو الروائي الطويل السادس لمخرجه، وقد عرض ضمن مسابقة آفاق السينما العربية في الدورة الثامنة والثلاثين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي المنتهية فعالياته الخميس.
القاهرة - في غضون دقائق قليلة يُدخل المخرج السوري محمد عبدالعزيز المشاهدين في خضم الحرب السورية التي تقترب من عامها السادس في فيلمه “حرائق”، والذي عرض ضمن مسابقة آفاق السينما العربية في الدورة الثامنة والثلاثين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي المنتهية الخميس.
ويحاكي الفيلم الأزمة في سوريا من جوانبها الإنسانية في ظل الحرب التي تتعرض لها البلاد من خلال أربع نساء يكافحن من أجل حياة أفضل، وذلك عن طريق انفجار يحدث خلال مهرجان احتفالي ويعرض العمل كل الشخصيات أثناء الانفجار وكيفية تصرفها قبله وبعده.
وتظهر في أحد المشاهد وداد وهي فتاة من الريف تلقي بالدجاجات النافقة نتيجة المرض في النار، ثم تجلس إلى جانب أمها لتراقب ألسنة اللهب وهي تلتهم ريشها، بينما في الوقت ذاته وعلى بعد المئات من الكيلومترات يقوم أحد قادة (داعش) بإعدام أربعة رجال يرتدون زيا عسكريا.
والفيلم ألفه عبدالعزيز أيضا، فهو يروي قصص أربع نساء من شرائح اجتماعية مختلفة تضفي الحرب على أبسط اختياراتهن في الحياة بعدا مصيريا، وهو من بطولة رنا ريشة، جفرا يونس، أماني إبراهيم، نانسي خوري، ولاء عزام، نغم ناعسة، مؤيد رومية ومازن جبة.
ويقدم الفيلم قصة وداد (الممثلة نانسي خوري) التي تعمل مع أمها في مزرعة لتسمين الدواجن والتي تحب ابن خالها، بينما تريد أمها تزويجها من رجل ثري يكبرها في السن، كما يحكي قصة خولة (رنا ريشة) التي تدخلها أمها السجن لتحميها من بطش أخيها، وأيضا حكاية الفتاة المسعفة (جفرا يونس) التي تنتمي إلى أسرة ميسورة الحال، والتي تكتشف أنها حامل من صديقها وتخوض معركة في ظل رغبتها في الاحتفاظ بالجنين، وأخيرا مأساة أم علي (أماني إبراهيم) التي يريد تنظيم الدولة الإسلامية استغلالها في تنفيذ تفجير انتحاري بالعاصمة دمشق.
ويستفيد سرد الفيلم من المونتاج المتوازي لرؤوف ومعتز ظاظا ليربط بين قصص بطلاته الأربع التي تحدث في الوقت ذاته مع اختلاف الأمكنة، حتى يعزز الشعور بالتصاعد الدرامي للأحداث قبل أن تتقاطع طرق الشخصيات في مكان وزمان واحد في مشهد الذروة.
ويستفيد الفيلم أيضا من اللقطات الواسعة الثابتة التي استغلها مدير التصوير وائل عزالدين في مناطق تصوير طبيعية، لتظهر آثار الحرب المدمرة بلا أي رتوش، بينما لجأ في تصوير بطلاته إلى اللقطات المتوسطة التي تبدو فيها انفعالات الوجه واضحة، كما تظهر أيضا البيئة المحيطة بهنّ في الخلفية ليخلق صلة بين المكان والدمار الذي لحق به وبين الشخصيات والضغوط التي تعاني منها نتيجة هذا الدمار.
واللافت للنظر في الفيلم إلى جانب تصويره في مناطق الحرب، هو أيضا الاستعانة بأشخاص عاديين لا يمتهنون التمثيل كي يكونوا جزءا من فريق التمثيل في الفيلم إلى جانب أبطاله وبطلاته من الممثلين المحترفين.
"حرائق"يختزل مصائر نسائية وسط الحرب السورية!!
بقلم : الديار ... 26.11.2016