أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
إيقاعات 1!!
بقلم : نمر سعدي ... 14.08.2015

تقتصُّ مني لمسةٌ شمسيَّةٌ
أو نقرةُ العصفورِ حينَ تحطُّ في قلبي
المسوَّرِ باليقينِ وبالظنونْ
تقتصُّ مني الحكمةُ السوداءُ..
(نزوةُ شاعرٍ في الأرضِ فانيةٌ
وكلُّ الأغبياءِ مُخلَّدونْ)
تقتصُّ مني وردةٌ ناريَّةٌ بيضاءُ
تشبكها الحياةُ بشَعرها الغجريِّ..
ناعمةٌ وقاسيةُ الحقيقةِ والعيونْ.
*
على يدي حجرٌ قاسٍ يصيرُ إلى
عبيرِ سوسنةٍ.. لو زارَ مخدَعَها
على شفاهي رمادٌ شعَّ.. في جسدي
ماءٌ يعلِّمُ موسيقايَ أضلعَها
تقولُ آخرَ هذا اليومِ: خُذ بيدي
من أوَّلِ الرعشةِ الصغرى لأسمعَها
كأنَّ روحيَ في الكونينِ ما لمستْ
سرَّاً بأصبعها إلاَّ ليوجعَها
تحتاجُ قلباً سلوقيَّاً لتتبعَهُ
حتى سماءِ الأغاني لا ليتبعَها
أقسمتُ باللهِ لو جُرِّدتُ من شبَقي
لصرتُ خيطَ هباءٍ ذائبٍ معَها
لو دمعةٌ هيَ في آجرِّ قرطبةٍ
لأحرقتْ قلبَ من في الأمسِ ضيَّعَها
ما من وصولٍ حقيقيٍّ أو امرأةٍ
تعطي لأبعدَ حزنٍ فيَّ أذرعَها.
*
غرِّري بي كالحياةِ وكالقصيدةِ ما دمتُ واجهتكِ بطيبةِ قلبي وبوردةِ صراحتي البيضاء.. لم أكن أعرف أنكِ بحاجةٍ إلى قدرٍ غيرِ قليلٍ من المكرِ والمراوغة والحيلة..
سأغتابكِ بقلبي بعفويَّةِ المسافرِ الضجر وعصبيَّةِ الشعراءِ المزاجيِّين.. فماذا يفعلُ شاعرٌ بطيبةِ قلبهِ في هذا الزمنِ الوغد؟ يأخذها إلى بيتهِ أو إلى الركنِ القصيِّ في مقهىً أو معبدٍ ويحضنها طوالَ الليلِ؟
*
كانَ لزاماً على القلبِ أن يعتذرْ
لسيِّدةٍ زوَّجتْ غيمةً لينابيعها
ولهاويةٍ شبهِ بحريَّةٍ
ولرملِ المتاهةِ أو للمعلَّقةِ العاشرةْ
وكان لزاماً عَليْ
أن أتمَّ القصيدةَ في آخرِ الصُبحِ
أو أقرأ البحثَ عن سرِّ رائحةِ الجسدِ الأنثويِّ
وتأثيرِ دورتهِ القمريَّةِ ليلاً على العطرِ
أو حينَ يشربهُ القلبُ في جرعةٍ من ظمأْ
كان يجدرُ بي أن ألمِّعَ معنى الصدأْ
بماءِ المجازِ وبالرعويَّاتِ أو بدمِ العاشقةْ
ولكنني دون جدوى أكافحُ انفلونزا الزهورْ
منذُ شهرٍ ونصفٍ..
وحُبَّ حزيرانَ أحلى الشهورْ
*
لسعةُ السخريةْ
تتحرَّشُ بي وتقودُ دمي
في مهبِّ الفراشةِ
أو في قطارِ المساءِ
إلى عبثٍ نزِقٍ قد يؤدِّي أخيراً
إلى التوريةْ
*
شكرا إلهي على كلِّ نورسِ ماءٍ
لهذا النهارِ الجميلْ
مسَّ قلبي وطارَ بغيرِ احتراقٍ..
وشكرا إلهي على كلِّ شيءٍ
خصوصاً على وردةِ اليأسِ
حينَ تشقُّ بأشواكها القلبَ
شكراً على ندمٍ من دمٍ
وعلى صخرةٍ تنهشُ الصدرَ
في شمسِ مكَّةَ
شكراً على المستحيلْ
*
مرَّةً وأنا أتجوَّلُ في حقولِ إحدى القرى الريفيَّةِ
تطلبُ مني امرأةٌ أن أصطادَ لها الغريري
الذي سطا على كلِّ دجاجاتها الحمراءْ
ولكن كيفَ أصطادُ حيواناً جميلاً كالقطِّ
يبكي فيشبهُ صوتُهُ بكاءَ الأطفالْ؟
*
النجمةُ هيَ روحُ قصيدةٍ انفصلتْ عنها
قبلَ ملايينِ السنينِ الضوئيةِ
وتحوَّلت إلى حجرٍ مضيءٍ على حافةِ الكونْ
بينما البحرُ هو جسدُها المشرَّدُ في السماءْ
*
الفكرةُ تولدُ من قلبي ومن وجعِ الأشجار في الذاكرةْ
*
عزيزي يا ديكَ الجنِّ
دواءُ كآبتكِ الشهريَّةِ
صومُكَ عن شفتَينِ من التوتِ المعقودْ
عن جسدٍ تعصرُهُ شهوتُكَ السوداءُ
كعنقودِ العنبِ الحِصرِمْ
وصياحُكِ في الفجرِ المشهودْ:
يا حوريَّةَ قلبي.. يا وردةَ أعضائي.. يا وردُ..
الماءُ تيبَّسَ في جسدي
مذْ صامَ دمي عن تمرِكِ
منذُ تكسَّرَ آجرُّ الرغبةِ في صدري..
يا ديكَ الجنِّ
تأمَّلْ وردتكَ البيضاءَ
تأمَّلْ غيمةَ عانتها في أوجِ الصيفِ
تأمَّلْ وردَ وضوءَ محارتها الزرقاءِ وطرْ
عن جرحٍ جمالٍ يتوَّجعُ أو عن ثغرٍ يفتَّرْ
يا ديكَ الجنِّ كسَرتَ بأفعالكَ ظهري
ومزجتَ رمادَ أنوثةِ من أحببتَ
بخمرِ الشِعرِ..
ألا تندمْ؟
*
الطواويسُ تسهرُ حتى الصباحِ معي
قربَ شبَّاكِ غرفةِ نومي على شجَرِ السنديانِ..
تنادي على امرأةٍ غائبةْ
*
هيَ لم تقلْ شيئاً
أنا أيضاً نسيتُ ولم أقلْ شيئاً
ولكني بكيتُ بغيرِ ما سببٍ
شعرتُ بوخزةٍ في القلبِ
أو وجعٍ خفيفٍ في المفاصلِ..
ثمَّ قامتْ في رؤايَ
فناولتني شهدَها بالزنجبيلِ
وبالبنفسجِ في العيونِ
وألقمتني زهرةً بريَّةً
ثمَّ اختفتْ
فشربتُ من كأسي على مضَضٍ
ونمتُ على ثرى وجعِ
البنفسجِ في العيونْ
*
للكمنجةِ قلبٌ وللنايِ دربٌ فسيحٌ
ولي فكرةٌ غيرُ شِعريَّةٍ
حولَ أشياءَ لا تنتهي
تكملُ الآنَ سهرتَها في مجونْ
ويكملُ حشدٌ من الناسِ
في هذهِ الأرضِ
حرباً إضافيَّةً في سكونْ
*
ضاقَ قلبي ليتسعَّ البحرُ
والأرجوانُ قليلاً
وليلُ القصيدةِ
حتى حدودِ السنابلِ..
يا لهبَ الأقحوانةِ
يا شَعرَها الغجريَّ الطويلْ
كن لوجهي ملاذاً
وكن لشفاهي رذاذاً
فإنَّ فمي زنبقٌ ذابلٌ في براري الجليلْ
*
كنتُ في صغري أنحني
مثلَ غُصنٍ وديعٍ
لأسرارِ سيِّدةٍ من رخامْ
تعلِّمني كيفَ أجعلُ من جرَسٍ في الحديقةِ
ليمونةً لأصابعِ نعناعها المتوهِّجِ حتى البكاءِ
ومن حجرِ الوردِ دمعَ الغمامْ
وترشدني في طريقي الى النزواتِ الصغيرةِ..
تطعمُ قلبي الذي جاعَ مليونَ عامٍ وأكثرَ
خبزاً دحتهُ على خصرها بحليبِ الكلامْ
كنتُ في صغري أستغيثُ بأنهارها
وبنخلِ جدائلها
وأعيشُ حياةَ الحمامْ
*
كم الساعةُ الآنَ يا ذئبُ؟
قلبُكَ مُنتَهكٌ
واشتهاؤكَ في كلِّ أرضٍ مشاعُ..
تأجَّلَ موتُكَ كُرمى لسيَّدةٍ
في المزاميرِ تلهو وتلعبُ..
وانفرطَ الخرزُ الدائريُّ بأسفلِ ظهركَ..
يسهرُ إيقاعُ عينيكَ في الصخرةِ الساحليَّةِ
يرثيكَ ليلٌ مُضاعُ
سوفَ تقضمُ تفاحةَ الشهوةِ الآدميَّةِ
يوماً بكلتا يديكَ
وتشربُ نهرَ الجمالِ بأكملهِ
وهو يشطرُ صحراءَ روحكَ ظُهراً
إلى كوكبَيْ عطشٍ نادمينِ
ولن ترتوي أبداً...
لن يقودَ دماءكَ حتى النهايةِ
إلاَّ جنى الشجرِ المشتهى
وستخرجُ منكَ شعوبٌ جياعُ
*
هل لكِ أظفارُ مهاةٍ أم أضغاثُ ورودٍ حُبلى؟
*
العبثُ المرئيُّ الأسودُ والصامتُ
يجعلني لا أقرأ شيئاً ممَّا أقرأُ..
*
الكآبةُ الخفيفةُ أحيانا تجعلني لا أفقهُ شيئاُ ممَّا أقرأُ
حتى لو كانَ ما أقرأُ كتابَ اللاطمأنينة لفرناندو بيسوا
أو روايةَ ساعي بريد بابلو نيرودا لأنطونيو سكارميتا
أو قصائدَ لوركا الغجريَّةْ
أو الكوميديا الإلهيَّة لدانتي
*
من مشرقِ الشمسِ حتى مغربِ التيهِ
طارتْ بزورقِ أشواقي قوافيهِ
هل من سحابةِ وصلٍ فيكِ يا امرأتي
تأتي الكآبةُ منها كالكتابةِ إذ
أنسى الشراكَ وأنسى الوقتَ..؟ كيفَ إذنْ
أرضى بأصغرِ أظفارِ المهاةِ..؟ ألمْ
أنزعْ لها ضلعَ تحناني وأرميهِ؟
*
يتركُ الشاعرُ العاشقُ الحرُّ دمعتهُ فوقَ خدِّي
وفوقَ يديَّ ويذهبُ حتى أقاصي المطرْ
شاعرٌ ليسَ يعرفني وأنا لستُ أعرفهُ
قلبُهُ مثلَ نجمٍ صغيرٍ يضيءُ وجوهَ الشجرْ
شاعرٌ..
واسمهُ في كتابِ الندى وسرابِ المجرَّاتِ
غسان مطرْ
*
قلقي الوجوديُّ العظيمْ
لا القدسُ.. لا حيفا ولا يافا الجميلةُ
خفَّفتْ منهُ..
ولا المدنُ/ النساءُ
ولا شوارعُها / الغيومْ
قلقي مقيمٌ ها هنا وأنا مقيمْ
وكأنَّ ضوءَ اللهِ في قلبي
وشبهَ حمامةٍ روحي تحومْ
*
مهما تخفَّيتَ
سوفَ تدلُّ عليكَ دموعُ المكانْ
ومهما رشوتَ الطريقَ
لتحملَهُ فوقَ ظهركَ
سوفَ يدلُّ عليكَ دمُ الأقحوانْ
*
كمستسلمٍ لنسيمٍ يهبُّ على جمرةٍ
في الأصابعِ بوحَ الندى تذرفُ
حشدتُ من الشِعرُ ما ليسَ أعرفُ أو أعرفُ
ولكنَّ جيدَ الغزالةِ -يا للخسارةِ- ليسَ يُنالُ
وليس يقالُ ولا يوصفُ
أطفأ الليلُ قنديلَهُ
والمجازُ على حالهِ...
*
لن يكفي الشاعرَ عمرٌ واحدْ
قد يحتاجُ إلى حيواتٍ أخرى
كي يتسكَّعَ في بلدانِ رواياتِ الحُبِّ
ويكتبَ مرثيَّةْ
لحبيبتهِ الأولى المنسيَّةْ
ويبحثَ عن فمها في الفجرِ البحريِّ
وفي أبعدِ كوكبْ
يحتاجُ الشاعرُ ألفَ حياةٍ
كي يركضَ خلفَ امرأةٍ واحدةٍ
في كلِّ نساءِ الأرضِ
ولا يتعبْ
*
تهذي بأشعارِ لوركا كانتْ امرأةٌ
تقولُ للزنبقِ المحمومِ: خُذ شَغَفي
وخُذ دموعي التي في اليمِّ أنثرها
وخُذ أنينَ دمائي.. والأنينُ خَفي
ينسابُ شهدُ طيورِ الوردِ من رئتي
وتخفقُ النجمةُ الزرقاءُ في غُرَفي
خمسونَ عاماً على قلبي وما ارتفعتْ
فراشةُ القمرِ الفضيِّ عن كتفي
*
سيكونُ طائرُ نورسٍ أعمى
ينقِّرُ ذكرياتكِ في مدى الأفقِ البعيدِ
وخصلةٌ زرقاءُ تلمعُ في كتابِ الريحِ
يا فروغ فرخزاد الجميلةُ..
كانَ زهرُ الفُلِّ أزرقَ في قصيدتكِ الأخيرةِ
كانَ زهرُ القلبِ أحمرَ في كتابكِ
ناعماً ومجفَّفاً
وكأنهُ من ألفِ قرنٍ..
كانَ قبرُكِ في الغلافِ اللازورديِّ الأنيقِ
يضيءُ لي عينيكِ في ليلِ المجازِ
وزرقةَ الفُلِّ المحرَّقِ في العروقْ
*
تركتُ ورائي منكِ ألفَ زليخةٍ
لقَدِّ قميصٍ خيطَ من شَهوةٍ ودمْ
وجئتُ كأنكيدو لبابكِ حاملاً
حدائقَ قلبي.. قاضماً وردةَ الندَمْ
مُري نشوةً في الضلعِ حتى تقودني
إذا ثمرُ التفَّاحِ قادَ إلى الألمْ
*
مثلما جاءَ راحْ
زهرةُ البرتقالِ تفتِّحُ عينيهِ
تنذرهُ لهبوبِ الجراحْ
هو لم يقترفْ أيَّ ذنبٍ جميلٍ
ولم يكترثْ بعويلِ الرياحْ
مثلما جاءَ راحْ
*
علَّمني اللغوَ وما علَّمني الأسماءْ
علَّمني ضلالةَ النرجسِ
حزنَ القصبِ المائيِّ
نورَ اللهِ في الأشياءِ..
هذا الهُدهدُ الآليُّ
بالتفاحةِ استضاءْ
بدمعةِ النايِ التي تسيلُ في الهواءْ
بدودةِ القزِّ التي حاكتْ لمولانا جلالِ الدينْ
بردتهُ الشمسيَّةَ الخضراءَ..
هذا الهُدهدُ الضلِّيلْ
منطقهُ الجُناسُ..
والغنَّةُ في بيتِ العتابا ساعةَ المساءْ
من دمهِ تسيلْ
يدينُ بالحُبِّ الإلهيِّ
كشيخِ قاسيونَ
وبأسرارِ الرضابِ الحلوِ
والحبُّ الإلهيُّ بهِ يدينْ
علَّمني ما لم أكن أعلمُ
واستنارةَ الظلامِ بالوردةِ
والقصيدَ بالنساءْ
علَّمني الحبَّ..
وما أشاءْ
*
أُتركْ الوردَ في دفترِ الشِعرِ عشرينَ عاماً
لتنمو حدائقُ عينَيْ حبيبتكَ الغائبةْ
أُتركْ الغيمَ في الأرضِ
والماءَ في الظلِّ
والملحَ في الجرحِ
والقلبَ في شَجرِ الدوحِ
والنهرَ في حَجرِ اللوحِ
والنثرَ في عتمةِ الدرجِ
والطيرَ في لوحةِ الموجِ
كيْ تستردَّ صداكَ من الصدفِ الأنثويِّ
وروحَكَ من لغةٍ ذاهبةْ
آهِ من تلكما المهرةِ السائبةْ
*
كاميرا الحدَسِ المتجوِّلِ لم تلتقطْ
في النهارِ المواربِ غيرَ ابتسامتيَ الشاردةْ
فكيفَ إذنْ سوفَ أُفلتُ
من خُدعةِ الضوءِ والولعِ الزائدةْ؟
*
بالقلبِ.. بالنفَسِ العميقِ.. بسُبحةِ الخفَقاتِ
أنقاها وأصفاها خصوصيَّةْ
أُصغي لزرقتكِ السماويَّةْ
*
هَرِمَ الحنينُ ولم أقُلكِ أيا
أشهى لغاتِ الحلمِ سريَّةْ
*
حُطِّي كزهرةِ صُبَّارٍ على عُنقي
وأطلقي فرَساً.. جسمي لها عرَبهْ
كلُّ البحيراتِ نامتْ في السرابِ.. وذا
سِفرُ الأناشيدِ قد أغفى على الكنَبهْ
عليكِ لن يقصصَ الرؤيا سوايَ.. فلا
تُصدِّقي لغوَ أفلاطونَ أو كَذِبَهْ
*
البلادُ التي كنتُ أحببتُها
تُشبهُ امرأةً طيَّرتْ في القطارِ
لعينَيْ فتىً ليسَ تعرفهُ
شوكَ قُبلتها الذابلة
آه من فتنة لا تقالُ
ومن نزوةٍ في دمي قاحلةْ
*
طلبتُ خبزَ حليبِ الماءِ من فمها
فصارَ ألفَ حرامٍ حِصرمُ الثمَرِ
سألتُ عن ثوبها الماوَرْدَ مشتعلاً
وصدرَها عن هبوبِ الطيرِ في الشجَرِ
وضلعَ نايٍ قديمٍ عن أصابعها
وثلجَها عن حُلولِ النارِ في الزَهرِ
فلم تجبني المرايا.. كيفَ لامرأةٍ
تنهدَّتْ في خساراتي على حجَرِ؟
بيضاءُ والعنبُ العطريُّ مكتنزٌ
فيها.. ومُشمسةٌ في غمرةِ القمَرِ
من أسكنَ القلبَ منها للندى وتراً
وأسكنَ الوجعَ الفضيَّ في الوتَرِ؟
*
ما الذي سوفَ أفعلُ بالزمنِ الوغدِ
وابنِ اللعينةِ كي أنتقمْ
سوى أن أبوحَ لتقويمِ أسنانكِ العذبِ
أو تبغكِ المشتهى:
كلمَّا لحتِ لي في كتابِ الوجوهِ
بعينيَّ أقضمُ جمرَ الندمْ؟
ما الذي سوفَ أفعلُ بالشمسِ كي أنتقمْ
سوى أن أعودَ إلى البيتِ من نزهةٍ في الجحيمِ
وأشكو لبردِ المكيَّفِ ما طالني من ألمْ؟
*
ضيَّعتُ عمري وأنا أرسمُ أحزاني السرياليَّةَ التي أخذها عاشقٌ معهُ إلى حفرةٍ ملأى بالأشجارِ وغبارِ الطَلعِ والنوَّارِ الصيفيِّ..
كنتُ أركضُ خلفَ فان غوخ ومراثي إرميا وأناشيدِ السيَّابِ في كلِّ ظهيرةٍ
.. وأبدو ظاهريَّاً متناقضاً مع قصيدتي بينما أربِّي سُلالاتِ براكينَ وينابيعَ صغيرةٍ في قلبي.
*
ظلُّ عطركِ يرسمُ لي ما يشاءُ
بمكرِ ثعالبَ حمراءَ تسكرُ في كرمةٍ
يترصَّدني ويدبِّرُ لي..
ليسَ عطراً تماماً
ولكنه محضُ ضوءٍ غريبٍ
لهُ ظلُّ بحرٍ وليمونةٍ
لا يُرى.. ويُرى..
لا يُمسُّ وتلمسُهُ الحاسةُّ الواضحةْ
أسميِّهِ...
لا أعرفُ الآنَ ما هوَ هذا الغموضُ
الذي يتفتَّقُ عن شهوةٍ
كلَّما عضَّتْ القلبَ عصفورةُ الرغبةِ الجارحةْ
لن أعوِّلَ بعدَكِ إلا على جسدِ الرائحةْ
*
رمتكَ غوايةٌ في الجُبِّ ليلاً
فما حدَّقتَ في العمقِ الرمادي
وكنتَ كما المسرنمِ في المرايا
وعيناكَ المنادى والمنادي
تطيرُ وراءَ سنبلةٍ ووجهٍ
يطلُّ عليكَ من قمرِ الفؤادِ
أتذكرُ أيَّ شيءٍ فيهِ حتى
دعا شوكَ الحنينِ إلى الحيادِ؟
*
لم أقترفْ ذنباً ولم أسألْ طريقي
أينَ يمضي الناسُ كلَّ عشيَّةٍ
متخاصمينَ وتارةً متخاصرينْ؟
فالناسُ كانوا طيِّبينَ معي
ويبتسمونَ حتى من وراءِ دموعهم لي
يضحكون ويمزحونَ ويجهشونَ
بما تيسَّرَ من بكاءٍ صالحٍ
حتَّى لتربيةِ الأكاسيا في العيونْ
حجرٌ إلى بيتِ الصلاةِ
وآخرٌ يمضي إلى المبغى...
وكانوا طيبِّينْ.
*
صرخةُ لوركا الحمراءُ امتزجتْ بدموعِ أبي عبد اللهِ
المطرودِ من الفردوسِ لتزهرَ في آخرِ ديوانْ
لا غالبَ إلا الله الواحد يا جندَ الأسبانْ
فارموا بالنارِ النافورةَ والشمسَ الليليَّةَ والوردةَ والأنهارَ
ولوحةَ بيكاسو الزرقاءَ وسنبلةَ امرأةٍ
يفرطُها الوجعُ الغجريُّ بقلبي الطائرِ
فوقَ كرومِ الزيتونِ الغرناطيِّ أو الرمانْ
يا جندَ فرانكو الشجعانْ
لا تنسوا قمرَ الشاعرِ والأشجارَ ورائحةَ الحبِّ الحرِّيفِ
وفنجانَ القهوةِ والبحرَ
وهذا العصفورَ الفضيَّ العالقَ في ذيلِ الفستانْ.
*
الفضاءُ الذي مدَّ كلتا يديكِ لبريَّتي
ضاقَ حتى صرختُ:
لمنْ سأزوِّجُ من بعدِ مائكِ رمليَّتي؟
*

1