أحدث الأخبار
الثلاثاء 07 أيار/مايو 2024
أشعارٌ محكومةٌ بالشَغف!!2
بقلم : نمر سعدي ... 30.04.2015

طلليَّة
قفا نبكِ.. قالَ
وحدَّقَ في يدهِ
لا ليمسكَ خيطَ القصيدةِ في غابةِ الليلِ
بل ليرى ما تخبِّئُ أشعارُهُ من تآويلَ...
كانَ على طللِ الغيبِ ينهرُ أشباحَهُ
ثمَّ يفتحُ بابَ قصيدتهِ للرياحِ
ويبدأ: يا ليتني حجرٌ
ثمَّ يصمتُ...
يا ليتني شجَرٌ
والدمُ المتخثِّرُ ينزفُ حتى
من الشجرِ المقتنى كاليبابِ
قفا نتأمَّلُ فوضى الخرابِ
قفا لنودِّعَ أيامَنا
وقفا لنشيِّعَ أحلامَنا
وقفا بي مليَّاً على طلَلٍ مُوجعٍ
مثلَ وشمٍ بخاصرةِ الأرضِ يلمعُ
كي أذرفَ الدمعَ والشِعرَ والقلبَ...
لنْ أتشمَّسَ في بحرِ آذارَ
أو أتأملَّ فلسفةَ الحبِّ
أو أبتني دارةً من سحابٍ لأنثى الغيابْ.
********
إمرأة
مثلاً لو فتحتُ نباحَ الكلابِ البعيدةِ
ماذا تُرى سأرى..
غيرَ بحرٍ فسيحٍ يُزوِّجُ زرقتهُ للسماءْ؟
وماذا سيخرجُ لي من صياحِ الديوكِ
وعرسِ الفراشاتِ في آخرِ الحيِّ غيرُ البكاءْ؟
وهل لو أقشِّرُ تفاحةَ الوقتِ
أو ثمَرَ الرغبةِ العاطفيَّةِ بالفمِ والمقلتينِ
فماذا سأجني سوى قبضةٍ من هواءْ؟
وحدَها امرأةٌ في القصيدةِ
تحملُ في يدها كوكباً لليمامِ
وخبزاً لفصلِ الربيعِ
وفي قلبها قمراً من غناءْ
وحدَها امرأةٌ في الحنينِ العموميِّ..
لا كالنساءْ.
*********
شغف مُجرَّد
مطرٌ ربيعيٌّ وسريٌّ يهبُّ على حديقتها
وشمسٌ في يديها الآنَ يا قلبي..
وسبعُ زنابقٍ
وكتاب كافكا الساحليُّ
ودمعةٌ فضيَّةٌ..
ومحارةٌ تحوي ارتطامَكَ في الطريقِ بنجمةٍ رمليةٍ
في الكرملِ السحريِّ
حينَ رأيتُها تمشي على عجَلٍ
وتنظرُ مثلَ وردٍ في الظهيرةِ باتجاهِ البحرِ..
تنحتُ من صدى الفرحِ النظيفِ صخورَ ضحكتها..
وكلُّ كلامها في الصفحةِ الزرقاءِ يُبكيني..
سرابُ مدينةٍ بحريَّةٍ هيَ.. لمَّعتْ عطشي المجرَّدَ؟
أم بقايا غيمةٍ في الشِعرِ؟
أم عطَشُ الحقيقةِ للمجازِ..
وما تجمع في دمي الصيفيِّ من نُقَطِ الجَمالِ؟
********
لسعُ بنفسج
لعنقاءِ هذا النهارِ الربيعيِّ ما تشتهيهِ
ولي أن أقولَ
الغريباتُ هنَّ الجميلاتُ
لسعُ البنفسجِ في الخاصرةْ.
********
قصيدة عبثيَّة
قاسمتني كوابيسَها مثلَ تفَّاحةٍ
والحديثَ الطويلَ المُملَّ عن الأدبِ العبثيِّ
وقصَّةِ (فنَّانَ جوعٍ)..
وعطرَ الأكاسيا وخبزَ الفراغِ..
وأشياءَ أخرى
ولم تنسَ في جسدي شوكَها المتوجِّسَ
لم تنسَ أغنيةَ الماءِ.. أو فلَّها
أنا من نسيتُ دمي في حرائقها
والحدائقَ في جسمها.. كلَّها.
********
شاعرٌ حديث
الشاعرُ الحديث لا يبحث عن شيءٍ أبداً
ولو كانَتْ نظرتهُ تُغري بأنهُ
يبحثُ عن شيءٍ ما خفيٍّ
فهو قد استقالَ من مهنةِ حملِ المزامير
والطوافِ بها من وادٍ لآخرَ
ولقدْ تشقَّقتْ قدماهُ
من كثرةِ ما مشى في بريَّةِ الريحِ
وعلى شهوةِ الماءِ
هو فقط يبحثُ بعينيهِ المنكسرتينِ
مثلَ قوسَيْ قزحٍ
والمشتعلتينِ بثلجٍ أسودَ
عن مدنٍ جديدةٍ يتعلَّقُ بها
تعلَّقَ الطفلِ بأمِّهِ
ونساءٍ مرحاتٍ يدفنُ فيهنَّ قلقَهُ
الذي أورثتهُ إياهُ
حبَّةُ التفاحِ الأولى.
*********
غيمةٌ في الأصابع
نصفَ نائمةٍ تنقرُ الهاتفَ الخلويَّ وتبسمُ..
ترهفُ أعضاءَها للنسيمِ
وما يتنادى على ساحلِ البحرِ
من مطرٍ هائجٍ لطيورِ السنونو
وترشدُ ضلِّيلها القلبَ للطابقِ العُلويِّ
هنا في قطارِ المساءِ..
أشاعرةٌ هي لا تكتبُ الشعرَ أم غيمةٌ في الأصابعِ
أم ذئبةٌ في القصيدةِ..
أم زرقةٌ لا تفسَّرُ أم وردةٌ في الغروبْ؟
أنا الآن أكتبها بالحنينِ الوجوديِّ..
هل أطمئنُّ الى أنني أنتمي لكآبتها فرَحاً
ولكلِّ العصورِ وكلِّ الشعوبْ؟
*********
هاتي وردةً ويداً لأنسى
سأُعيدُ قولَ أبي
فما هذا الربيعُ الهامشيُّ بمُنطقي
أو مُطلقي من قيدِ نفسي
في يدي ستصبُّ شمسي عندَ هاويةِ المجازِ
ومن دمي العفويِّ والحافي
سيطلعُ بُرعمُ الوجَعِ المقفَّى في هواءِ البحْرِ
يا حيفا الحبيبةَ لا تنامي أوَّلَ الليلِ الطويلِ
وتتركيني في مهبِّ القهْرِ
هاتي وردةً ويداً لأنسى
دمعةً ذهبيَّةً في الدربِ
أو موتي بحربِ الطائفيين اللعينةِ
أو فماً لأشدَّ رأسي
بحديقةِ المشفى إليهِ..
وحكمةً لا خيرَ في غدها
الذي أرجأتهُ لرمادِ أمسي
سأعيدُ قولَ أبي
فما هذا الربيعُ الهامشيُّ بمُنطقي..
طوبى لمن يغفو بغمِّ الأمسِ أو همٍّ قديمْ
********
وحدة
ثمةَ كائن تعيسٌ في مكان ما من هذا العالم.. تعيسٌ بوحدتهِ إلى أبعدِ حدود التعاسة.. لكن.. أينَ يهربُ من وحدتهِ يا الله.. وكلما قصدَ مكاناً قصيَّاً من هذه الأرضِ وجدَها بانتظارهِ.. رغم المئات من الذين يحيطون به إلا أنه لم يتخلَّص بعدُ من اطلالةِ وجهِ وحدته القبيحِ على وجوده. الوحدةُ هي أفظعُ عذابٍ في الحياة.
هكذا كانَ يتحدَّثُ مع نفسهِ الرجل الخمسينيُّ في مكان ما.
**********
الطغاة
الطغاةُ إذا دخلوا قريةً أهلكوها.. الطغاةْ
شربوا خمرةً من دماءِ الضحايا ودمعِ القلوبِ
وسوَّوا الجبالَ مع الأوديةْ
الطغاةُ رمادٌ مريضٌ
ستذروهُ يوماً يدا طفلةِ الشمسِ في الهاويةْ
الطغاةُ عناكبُ سوداءُ يابسةٌ
سوفَ يجرفها بوحُ نايٍ
وتحرقها أغنيةْ
********
ألف عامٍ لأنساكِ
يلزمني ألفُ عامٍ لأنساكِ
يا وردةً من دماءٍ ولحمٍ
ومن غيمةٍ في غصونِ الأراكِ
تشرَّدتُ في الحرَمِ الجامعيِّ
وفي الأرضِ لا طالباً للعلومِ
ولا شاعراً ضلَّ في الحبِّ عشرينَ عاماً
وقُبلتُكِ المشتهاةُ مع الريحِ قِبلتُهُ
الآنَ في المطعمِ الجامعيِّ
المطلِّ على جنَّةِ الأرضِ حيفا
أفكِّرُ وحدي بلا شيءَ
أمشي لأنسى
أدخِّنُ بعضَ السجائرِ
أجهلُ من أنتِ.. أجهلُ نفسي
*********
دمعةٌ من كربلاء
بالدموعِ نكلِّمهُ:
أنتَ قطَّعتَ أيديَنا فبماذا نعانقُ أحبابنا
يا يزيدُ ولا... لاتَ حينَ عناقْ؟
أنتَ صلَّبتنا في الشآمِ وقتَّلتنا في العراقْ
ستنامُ بقلبٍ مواتٍ وعينينِ مسجورتينْ
لأنَّ دماءَ الحسينْ
تحرقُ الآنَ روحكَ...
تخلقُ من كلِّ طفلٍ حُسينْ
*********
نعمةُ الصمت
لو أنَّهُ ظلَّ صامتاً
ذلكَ الرجلُ الثلاثينيُّ الساهمُ والمتعبُ
من غيرِ عملٍ شاقٍ يقومُ بهِ
لو أنَّهُ ظلَّ صامتاً
ولم يبدِّدْ سعادةَ حياتهِ في صحراءِ الثرثرةِ
وهو يحدِّقُ في كفِّ نهرِ الفراغِ كعرَّافٍ فاشلٍ
لكانَ عرفَ عندما انسابتْ وردةُ الحقيقةِ من حديقةِ قلبهِ
الفرقَ الكبيرَ بينَ شوكةٍ زرقاءَ في دمهِ
وقبلةٍ يطيِّرها على أطرافِ أصابعهِ لامرأةٍ مجهولةٍ
تجلسُ في أقصى زاويةٍ في مقهى مكتظٍ برائحةِ السماء
*********

1