أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 47735
ألم الفقد والمصير المجهول يضاعفان أوجاع الأسرة الفلسطينية في غزة!!
27.10.2023

تحولت حياة آلاف الأسر الفلسطينية في قطاع غزة إلى جحيم مع استمرار الغارات الإسرائيلية الكثيفة وغير المسبوقة على القطاع لليوم العشرين على التوالي.ومع توالي أيام القصف المروعة أصبحت العائلات التي تشتت شملها لا تعرف أخبار بعضها البعض والكثير فجعوا بمقتل أقرانهم وآبائهم بينما أخرون يترقبون مصير أبنائهم المفقودين.وعندما فر شادي السوق مع عائلته الكبيرة من شمال قطاع غزة بحثا عن ملجأ آمن، لم يكن يدور في خلده أن مصير عائلته سيكون بين ألم الفقد والمصير المجهول.يقول السوق (37 عاما) وهو أخ لثمانية أشقاء نصفهم من المتزوجين ولديهم أطفال دون سن العاشرة كانوا يقطنون في عمارة مكونة من خمسة طوابق في مخيم (جباليا) المكتظ، "الأسبوع الماضي تركنا عمارتنا مع اشتداد القصف وأنا وأطفالي الثلاثة واثنين من أشقائي وصلنا إلى هنا، لكن باقي العائلة نزلت لدى أصدقاء لنا في غزة ووسط القطاع".ويضيف الرجل من داخل مدرسة تحولت إلى مركز إيواء في خان يونس "من يوم ما شردنا (هربنا) انقطع الاتصال مع والديه شقائي الثلاثة الصغارويشير إلى أن أحد أشقائه قتل مع زوجته وأطفاله الخمسة جراء قصف استهدف منزل إحدى العائلات التي لجئوا إليها في مخيم النصيرات وسط القطاع.ونزحت عائلة السوق مع آلاف العائلات الفلسطينية إلى جنوب القطاع، على وقع الضربات الجوية والتحذيرات الإسرائيلية المتواصلة للسكان المدنيين تمهيدا لهجوم بري يهدف إلى تقويض القدرات العسكرية لحركة حماس وإنهاء حكمها، وفق ما تقول إسرائيل.وتفيد أخر إحصاءات المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحركة حماس في غزة بأن الجيش الإسرائيلي ارتكب 688 "مجزرة" بحق العائلات في القطاع راح ضحيتها 4807 قتلى بينما مازال المئات من القتلى تحت الأنقاض.وبينما يلهو أطفال السوق مع أقرانه داخل قاعات التدريس في باحات المدارس، وتتبادل نساء أطراف الحديث وهن يجلسن على كراسي التلاميذ، يبعث السوق رسائل قصيرة عبر الجوال على أمل أن يتلقى ردا من والديه أو أشقائه الآخرين.ويوضح الرجل وهو ينفث سيجارة لوكالة أنباء ((شينخوا)) "كل يوم ببعث رسائل لكن لا أتلقى ردا (...) أصدقاء للعائلة أبلغوني أن والدي وأشقائي الصغار ما يزالون على قيد الحياة لكن لم يكلمني أحد منهم منذ أسبوع".وتعد الهواتف النقالة وسيلة الاتصال الأساسية في غزة في ظل انقطاع خدمات الإنترنت في مناطق واسعة في القطاع جراء استهداف البنية التحتية للشبكة وانقطاع التيار الكهربائي المتواصل.وقالت مجموعة الاتصالات الفلسطينية في بيان صحفي إن 40 % من مشتركي الهاتف الخلوي في غزة تأثروا بعد تعطل نصف أبراج ومواقع الشبكة الخلوية.وفي مدينة غزة، يصر فايز البهتيني (77 عاما) وزوجته على عدم ترك منزله رغم فرار عدد من أبنائه وأسرهم والدمار الذي لحق بحي النصر وهو أرقى أحياء المدينة الذى كان يقطنه أكثر من 600 ألف نسمة قبل تفجر القتال في السابع من أكتوبر الجاري.وبعث الرجل رسالة قصيرة لابنه محمد المقيم عند انسابه وسط القطاع يطمئنه على وضعه ويطلب منه العودة إلى المنزل من جديد.لكن البهتيني الابن ما يزال متمسكا بالبقاء حيث يسكن الآن حيث يخشى على مصير أطفاله الأربعة وأكبرهم تسع سنوات فقط، وفق ما يقول.ولم يشهد سكان قطاع غزة البالغ عدد سكانه 2.3 مليون نسمة، مثل هذا الوضع المأساوي الذي جاء بعد هجوم غير مسبوق نفذه المئات من مسلحي حماس وأسفر عن مقتل 1400 إسرائيلي على الأقل في جنوبي إسرائيل.ووصل عدد النازحين في قطاع غزة لحوالي مليون وستمائة ألف فلسطيني أكثر من ثلثهم يقيمون في مدارس تحولت إلى مراكز إيواء تحت إشراف وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا).ويتحسر عدد كبير من النازحين على ما تركوه خلفهم من منازل ومتاجر وحقول زيتون وحمضيات تنتظر قطافها وأراض زراعية وماشية يعتاشون منها في خضم واقع اقتصادي معدوم منذ أكثر من عقد ونصف من الزمن.من بين هؤلاء إبراهيم نعيم (57 عاما) الذي نزح من بلدة بيت لاهيا التي تتعرض لقصف جوي إسرائيلي غير مسبوق.ويقول نعيم لـ((شينخوا)) من داخل مركز إيواء في رفح "نحن في بيت لاهيا نعتمد على الزراعة وتربية الدواجن، ليس لنا موارد أخرى"، معربا عن حزنه لترك مزرعة الدواجن وبداخلها ألفي دجاجة من دون طعام، وقيمة إنشائها بلغت 20 ألف دولار.ويضيف في لحظة واحدة فقدنا بيتنا ورزقنا وكل شيء".لكن أكثر ما يقلق نعيم هو مصير أبناء عمومته الذين أصروا على البقاء في القرية رغم القصف، ونقل عنهم قولهم "بعضهم كان يردد نموت هنا ولا نترك بيتنا وأرضنا".وفي ساحة مستشفى الشفاء في غزة، يتحسر أحمد المصري، النازح من بلدة بيت حانون المتاخمة للحدود مع إسرائيل، على تحويشة عمره التي أنفقها في تشييد منزله الجديد الذي كان يخطط أن ينقل خطيبته إليه عقد إتمام مراسم الزواج.ويقول المصري (27 عاما) "البيت دمر وعائلة زوجتي قتلت ولم تبق إلا هي (خطيبته) وشقيقها الأصغر حيث يتلقون العناية في الداخل هنا".
ويحاول الشاب، المقيم حاليا مع في فناء المستشفى مع آلاف من النازحين، عبثا أن يتمالك نفسه، يحبس دموعه خلف ابتسامة حين يتذكر كيف فقد كل شيء في لحظة واحدة.ويضيف "أحاول أن أعيش مع الناس وأنسى لكن جرحي كبير ولا يندمل".مع مواصلة الطيران الإسرائيلي شن غاراته على منازل ومخابز ومقاهي مأهولة في جنوب القطاع، فإن مأساة الفقد والمصير المجهول لا تتوقف.ونجا المصور الصحفي فراس الشاعر من الموت لكن جميع أفراد عائلته قتلوا جراء غارة إسرائيلية استهدفت منزلهم في مخيم رفح في جنوبي قطاع غزة.ويروي الشاعر لمعزية اللحظات الأخيرة قبل قصف المنزل المكون من ثلاثة طوابق قائلا "الجميع كانوا في فراشهم في الطابق السفلي بينما كنت فى النوم بالطابق العلوي لحظة القصف"، ويضيف أن ألم الفقد شيء مروع وقريبا سألتحق بهم. !!

1