يبدأ الفلسطينيون في مدينة بيت لحم، جنوب الضفة الغربية، احتفالاتهم اليوم الجمعة بعيد الميلاد المجيد، في ظل إجراءات صحية فرضها وباء كورونا، وعمليات قمع إسرائيلية “حولت المدينة إلى سجن كبير”، كما وصفها الرئيس محمود عباس في رسالته بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة.واستعدت المدينة التي أنهت البلدية فيها كل التجهيزات لاستقبال المحتفلين من أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة ومن داخل أراضي عام 1948، بعد أن ألغيت جميع الحجوزات للوافدين الأجانب، بسبب الفيروس.ها هي ساحة المهد وقد أصبحت عنوانا للاحتفالات حيث سيجري ظهر اليوم استقبال رسمي وشعبي لموكب بطريرك القدس للاتين بيير باتيسا بيتسابالا، تتقدمه الفرق الكشفية، وصولا إلى كنيسة القديسة كاترينا للاتين، استعدادا لترؤسه قداس منتصف الليل. وتم الانتهاء من إعداد الخطة الأمنية لتأمين سلامة المحتفلين والمواكب، ونشرت منذ أمس أعداد كبيرة من أفراد الشرطة على مفترقات الطرق والشوارع الرئيسية، وفي ساحة المهد مع بعض التحويلات لسير المركبات.وكانت بيت لحم شهدت، خلال الأيام الماضية، تنظيم العديد من الفعاليات الاحتفالية بالميلاد المجيد، بدءا من إضاءة شجرة الميلاد، إلى الإعلان عن رسالة الميلاد، وسوق الميلاد، وقرية سانتا، ومسرحيات ومعارض فنية، وصولا إلى انطلاق قافلة الميلاد. وفي هذه المناسبة وجّه الرئيس محمود عباس رسالة للشعب الفلسطيني والعربي نشرتها وكالة “وفا” أمس، وجاء فيها أن الاحتلال الإسرائيلي حوّل مدينة بيت لحم إلى سجن كبير حيث حوطها بالمستوطنات وفصلها عن مدينة القدس بجدار عنصري.وأضاف أن الاحتلال حوّل “مدينة الميلاد بيت لحم إلى سجن كبير محاط بـ 18 مستوطنة استعمارية وأكثر من 100 ألف مستوطن، حيث أصبحت بيت لحم مفصولة عن القدس بسبب جدار الضم غير القانوني”.وقال إن إحدى النتائج الرئيسة للاحتلال الإسرائيلي “أننا لم نتمكن من استقبال الحجاج والزائرين من المسيحيين والمسلمين، حيث لا سيطرة لنا على حدودنا”، مضيفا أن الشعب الفلسطيني اعتنى بالأماكن المقدسة على مدى قرون كجزء من مسؤوليته للحفاظ على هويته الوطنية.وبيت لحم مدينة تاريخية تقع جنوبي الضفة، وتكتسب قدسيتها من وجود “كنيسة المهد” التي يعتقد المسيحيون أن المسيح عيسى بن مريم ولد في الموقع الذي قامت عليه.
وتكون ذروة أعياد الميلاد في بيت لحم ليلة 24 ديسمبر/كانون الأول حيث يقام قداس منتصف الليل، ويحضره عادة الرئيس الفلسطيني ووزراء ومسؤولون من دول عربية وأجنبية.
وتابع عباس: “بقاء الوضع القانوني والتاريخي لجميع الأماكن المقدسة، بما في ذلك المسجد الأقصى وكنيسة القيامة (في القدس)، والمسجد الإبراهيمي في الخليل (جنوب) وكذلك الأرض المحتلة عامة دون تغيير، هو جوهر نضالنا الوطني”.وأضاف أن الوضع الراهن والواقع التاريخي في القدس يتعرضان للتهديد، بإقامة اليهود للصلاة في الأقصى المبارك، أو محاولات تحويل باب الخليل – أحد بوابات القدس – إلى مستوطنة، والاعتداء على ممتلكات الكنيسة وفصل الحي الأرمني عن أحياء البلدة القديمة.وأردف: “نتابع بقلق آخر التطورات في الحي الأرمني وباب الجديد وباب الخليل والشيخ جراح وسلوان، ناهيك عن القيود والاستفزازات ومحاولات طرد الفلسطينيين من بيوتهم في الشيخ جراح وسلوان وغيرها”.ودعا عباس، جميع الدول والكنائس، للتحرك في إطار مسؤولياتها من أجل الحفاظ على الوجود المسيحي الأصيل في فلسطين الأرض المقدسة، والوضع التاريخي القائم الذي ساد في فترة الحكم العثماني ثم الانتداب البريطاني والحكم الأردني، وصولا إلى بداية الاحتلال الإسرائيلي عام 1967. وتابع “مع احتفالنا بعيد الميلاد، لا ننسى حقيقة القهر الذي يعيشه شعبنا في فلسطين، ومنهم الأطفال الذين لم يعد لديهم منزل بسبب سياسة الهدم غير القانونية وغير الأخلاقية”. وختم عباس رسالته بالقول إن “عيد الميلاد هو رسالة أمل فلسطينية يواصل شعبنا احتضانها بمحبة لتحقيق العدالة والحرية والسلام في أرض القداسة”.وفي العاصمة السعودية الرياض، رصدت وكالة “بلومبرغ” مظاهر لاحتفالات عيد الميلاد، قالت إنها تظهر لأول مرة في تاريخ المملكة بهذا الشكل المعلن. وقالت الوكالة الإخبارية الأمريكية، إن هذا العام يشهد تغيراً كبيراً في السعودية بالنسبة لاحتفالات أعياد الميلاد (الكريسماس).وأضافت أنه بينما كانت هيئة الجمارك في المملكة تصادر أشجار وزينة عيد الميلاد التي يتم طلبها من الخارج في السنوات السابقة، سمحت هذا العام بأجواء الاحتفالات وتعليق زينة عيد الميلاد، ضمن سياسة الانفتاح التي تبنتها، مؤخراً، وباتت ضمنها فعاليات الترفيه صناعة ناشئة فيها.وذكرت أنه لا يوجد شيء صارخ في الاحتفال بعيد الميلاد في شوارع الرياض كما هو الحال لدى جارتها دبي بدولة الإمارات، لكن فنادق ومطاعم ومراكز تسوق في العاصمة السعودية تعزف أغاني العيد على روادها.وأشارت إلى أن “المتسوقين يمكنهم العثور على أشجار عيد الميلاد جنباً إلى جنب مع قبعات بابا نويل (سانتا) وأطواق رأس حيوان الرنة (زينة عيد الميلاد الشهيرة)، بشكل واضح، حيث إنها لم تعد مختبئة بغرفة خلفية بعد الآن” . الميلاد، وكعكة “البانيتون” الإيطالية التي عادةً ما يتم إعدادها في رأس السنة الميلادية. كما احتوت متاجر الأثاث الشهيرة عروضا لأكاليل الزهور والشموع الحمراء، فيما صممت بعض الفنادق ديكورات في باحاتها الداخلية تتناسب مع الاحتفالات بأعياد الميلاد، ولا يخلو جزء كبير منها من شجرة الميلاد، وفق الوكالة.
وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أن ردود فعل السعوديين كانت متباينة، مما يعكس الانقسامات حول التغيرات الاجتماعية في البلاد.ونقلت الوكالة عن امرأة سعودية تدعى “نورا” كانت تمشي إلى جوار شجرة ميلاد في نافذة أحد المتاجر، قولها إنها لا تمانع رؤية رمز للاحتفال المسيحي في الرياض، مضيفة: “إنهم يحترموننا ونحن نحترمهم” .وذكرت أن البعض الآخر لم يكن مرحِّباً بشكل كبير بهذه الظاهرة، وقالوا إن شراء زينة عيد الميلاد “محظور في الإسلام” .لكن هذا الرأي لم يؤثر في المبيعات بشكل كبير في المحلات القليلة التي تبيع زينة عيد الميلاد، حسب الوكالة الأمريكية.وقال أحد مديري المتاجر التي تبيع زينة عيد الميلاد، لوكالة “بلومبيرغ”، إنه يعرض أشجار عيد الميلاد علانية لأول مرة، مضيفاً أنه اعتاد الاحتفاظ بها في غرفة منفصلة في السنوات السابقة. كما قال أحد البائعين إنه وضع أشجار عيد الميلاد في الجزء الخلفي من متجره، دون أن يعلن عن ذلك؛ حتى لا يجذب كثيراً من الاهتمام.وعلى بعد أمتار قليلة، قال مدير آخر لأحد المتاجر، إنه لم يكن قلقاً للغاية وعرض زينة عيد الميلاد بشكل ظاهر، حيث كان متجره يتلألأ بالزخارف والنجوم وقبعات الاحتفال برأس السنة الميلادية. وأشارت “بلومبيرغ” إلى أن المشروبات الكحولية ما زالت محظورة في السعودية، على الرغم من الشائعات التي تفيد بأنها ستصبح يوماً ما قانونية.
بيت لحم تحتفل بأعياد الميلاد ورأس السنة في ظل سياسة الخنق الإسرائيلية وإجراءات كورونا!!
24.12.2021